في 12/11/2011 كتبت الافتتاحية بالعنوان اعلاه والنص ادناه ارى مفيداً اعادة نشرها:
"تلقي الحكومة اللوم على المحافظات بالتلكوء.. وتتهم المحافظات الحكومة سلبها صلاحياتها المالية والدستورية. ويحمل الاقليم الحكومة عدم الوفاءبالتزاماتها.. وتحمل الحكومة الاقليم بالتمدد وطلب المزيد. وتريد المحافظات تشكيل الاقاليم.. فتُتهم بالتقسيم والمؤامرة. فهل اللامركزية والفيدرالية سبب التدهور والتناحر؟ ام سببه عدم الالتزام بالدستور وقيام سياسيتين متضادتين.. الاولى استمرارية افكار الماضي المركزية.. والثانية الطموحات الدستورية لتوزيع المسؤوليات والصلاحيات حسب الاختصاصات.
اربع قضايا ترسم ملامح كل نظام.. انتخاب السكان لمسؤوليهم بدلتعيينهم مركزياً..الاستقلالية المالية..الصلاحيات الادارية والتنفيذية والتشريعية في اطار الاختصاص المحلي.. الاستفتاء لتشكيل الاقليم والتفاوض لرسم الحدود، وفق الاجراءات الدستورية.
دستور 1925 الملكي (المادة26/7) ترك تعيين وعزل المتصرفين (المحافظون) للسلطة التنفيذية.. وتنظم المواد (109-112) المبادىء لادارة "الشؤون البلدية".. فمجالسها المعينة مجرد ادوات لتطبيق سياساتها.. ومناطقهم وحدودها تؤسس وتتغيروفق رغبات سلطة بغداد.
ولم تغير دساتيرالثورة والانقلاب–بدون استفتاء وانتخابات-هذا الواقع، بل عززته.. فالمواد (20و22) لدستور(1958) اعطت كامل السلطات والصلاحيات لمجلس الوزراء لوضع سياسات المحافظات.. وجعلت المسؤولين المحليين المعينين مجرد ادوات تنفيذ.. وكذلك الدساتير المؤقتة لسلطة البعث الاولى 1963 (المادة2/8).. وللسلطة العارفية في 1964 (المادة 46)..ولدستور بعث 1968 (لاسيما المادتين 77 و78).
اما دستور (2005) الذي وضعته جمعية وطنية منتخبة انتخاباً عاماً مباشراً، فيقترح علاقة نوعية جديدة تعتمد توزيع الصلاحيات حسب الاختصاصات. فلا فوق ولا ادنى.. فكل ما هو مناطقي وغير سيادي او وطني فمن صلاحية سكان المنطقة انتخاباً وادارة ومالاً وتنظيماً. وكل ما هو سيادي ووطني فمن اختصاص السلطة الاتحادية.. بالتزامات متبادلة -واحياناً مشتركة- حددها الدستور.
النظام المركزي اخذ حريته لعقود وقرون وتمتع بسلطات مطلقة، وانتج الاستبداد والقمع وقطع الالسن والوحدة الظاهرية.. اما حقيقتة، فالانقسام والمظلومية والقتل والتهجير والهجرة واسقاط الجنسية والاستيلاء على الحقوق. فتفككت التجربة وانهارتمن داخلهابسلسلة انقلابات وحروب..وفجرت مخزونات هائلة للظلم والاستيلاء والكبث القومي والطائفي والسياسي.
واذا تجاوزنا النظريات البائسة لتخلف الشعب، التي حقيقتها تخلف الحكام ونظمهم ونظرياتهم، وبداية تغييرها وعي حقوق الشعب والمواطن وتحقيقها،فاننا في التجربة الجديدة ما زالنا نتعثر-عملياً-بين استمرارية افكار الماضي وسلوكياته، ومبادىء نظرية لم نمارس تطبيقاتها متكاملة.فلم نعالج جذرياً مساوىء الماضي، واضفنا عملياً مخاوف المستقبل."
https://telegram.me/buratha