المقالات

" سيبقى الحسينُ ..صرحاً للكرامةِ ومنهلاً للعطاء "

1299 21:50:51 2014-10-29


كجدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..بل هو بعضُ جده ..أو ليس القائلُ فيه حسيٌن مني وأنا من حسين ؟ فإذا علمنا أن جدّه قد بُعث رحمة للعالمين كما بين ذلك القرآن الكريم ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فحسينٌ عليه السلام أحد مصاديق هذه الرحمة بل له كفلٌ منها بإعتباره بعض رسول الله ص . ومنذ الخطوة الأولى لنهضته كانت أهدافه واضحة ولايلّفها الغموض ...وصرّح بها بكل وضوح (إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولاظالما ولامفسدا....إنما سبب خروجه هو لأمرٍ يهم الأمّة كلّها بل ينعكسُ إيجابا على الإنسانية جمعاء..خروج لأجل الإصلاح في إمة جده )... ولم يكن هذا الإصلاح هو إصلاحٌ مادي أو إقتصادي إو فيما يتعلّق بتنظيم العلاقات الأجتماعية وغيرها ...مع ان إصلاح هذه الأمور على درجة من الأهمية لايستهان بها ...لكنّها لاترقَ الى ماخرج من اجله الإمام الحسين وأراد إصلاحه ..الحسين خرج لإصلاح العقيدة الدينية ...وإعادة أمور الإسلام وعجلة الدين الى السكة الصحيحة ... فلقد لبس الإسلامُ كما يُلبس الفرو مقلوبا مثلما عبّر عنه الإمام علي عليه السلام ...وهذا هدفٌ يسمو على جميع الأهداف ..وترخص له المهج والأرواح .. لأنه يتعلّق بجوهر الإنسان الروحي وليس المادي ...فإذا صلحت العقيدة الدينية صلحت الأمور الأخرى ...وفسادها لايورث إلا مثل مايعيشه العالم اليوم من إضطراب وخوف وقلق بسبب فساد عقيدة المتدينين والذين لبسوا الإسلام بالمقلوب كلبس الفرو ...لذلك عندما إستقرّ الأمر بالحسين في طف كربلاء بدأ ببث خطاباته للأمة وأجيالها خاصّة وللإنسانية وأحرارها عامّة..خطاباتٌ كانت تملأها الحمية والتحدي والشموخ والرفض لكلّ مايمس بكرامة الإنسان ويخدش حريته وكبرياءه ...هيهات منا الذلة...كونوا احرارا في دنياكم ...لاأعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولاأقرُ إقرار العبيد ...وكثير من العبارات التي ترفع من شأن الإنسان الذي يتوق للرفعة والسموّ ..

وتحط من قدر العدو مهما تكبّر وطغى ... وكل كلماته كانت مرسلة للمؤمنين برسالة جده أولاً ...ولأحرار العالم المؤمنين بالحرية الإنسانية والتحرر من قيود العبودية بأسم الدين والقومية والعرق ثانياً.. ولكن ضاقت صدور الأمة (الإسلامية) بأهدافه النبيلة ورسالته الإنسانية ... ولم تتسع لها إلا نفوس الذين فتح الله أفهامهم وعقولهم ..ولم يؤمن برسالته إلا ثلّة قليلة من المؤمنين شاركوه الملحمة وقاتلوا بكل شرف وبسالة دونه ...مع إنهم قُتلوا جميعاً في طف الشرف والإباء.. طف كربلاء ..لكنّهم أسسوا مع سيدهم الإمام المعصوم صرحاً للكرامة تتعبّدُ به الأجيال وتجثوا على أعتابه الأبطال ..وصار منهلاً للعطاء...العطاء المستمر للإنسانية جمعاء..لكن الأمة التي أعرضت ونأت بجانبها ولم تُطع الحسين عليه السلام ..وتوهّمت أن طاعة يزيد فرضٌ ديني مهما كان سلوكه ودرجة إنحرافه عن الإسلام ! هذه الأمة كان نصيبها الخسران المبين ...خسرت دينها وكرامتها ..وخسرت حرّيتها ..عندما آثرت العبودية على التحرر من قيود الحاكم الفاسق ...وإنحازت لفتات موائد اللئام على نصرة الكرام...ولازالت أجيالهم تدفع ثمن ذلك الخنوع والتخاذل والإنحراف العقدي والتأسيس الإجرامي الذي أصبح وبالاً على العالم أجمع..فسلامٌ على الحسين الذي إغترف من بحر عطاءه وإباءه أحرار العالم الذين لاتربطهم به عقيدة دينية ..إنّما مبادئه وشجاعته ورفضه للظلم ودعواته الى نصرة المظلومين قد أسرت قلوبهم وقلوب المناظلين والمدافعين عن شعوبهم ..فهذا زعيم الهند الراحل غاندي يقول (تعلّمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر).. لم يُطلق غاندي هذا الشعار عبثا او متأثرا عاطفيا .. من المؤكد أنه فكر ملياً وبحث طويلا في سيرة هذا الإمام الثائر فوجد شعاراته تنسجم مع شخصيته العظيمة وجدها صادقة بالقول والفعل لذلك تملّكت وجدانه فأطلق كلمته المشهورة ...وغيره الكثير من ادباء ومفكرين وعلماء غربيين غير مسلمين ...قد قرأوا الحسين قراءةً دقيقة تفصيلية أجمعوا من خلالها على أنه أثرى الدين الإسلامي ونصح أمته برفضه بيعة يزيد ..ولكن متى تعيّ الإمة الإسلامية حقيقة النهضة الحسينة وتعيد قراءتها وتصحح مواقفها من هذا الصرح الرسالي العظيم ؟ علمها عند ربي....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك