المقالات

آني إبن المايدنك للرصاص

1776 2014-10-14

أنتظر عودته كل مساء, وتبقى عيناي متعلقة, بطريق الإياب, بمجرد أن أسمع الباب يطرق, أهرول مسرعا, لأكون أول المستقبلين, عاد والدي يحمل, معه الدفء والطمأنينة, وعبق الأبوة, ويملأ البيت بضحكات, أنتظرها بفارغ الصبر, بعد إنقضاء يومٍ طويل, ولا أنسى الحلوى, المفضلة التي أحب, كل تلك المشاعر المختلطة, أختصرها بكلمتين عاد أبي.

من اليوم وصاعدا, لن أنتظر, ولن أراقب الطريق, و لن يرضي طموحي, حلوى بعد الآن, بل ما يرضيني, إرث كبير قرر أن يتركه, لنا الوالد حين, أرتدى بزته العسكرية, أنه أرث لا ينتهي مهما, طال الزمن ولن يندثر, بل يتجدد كلما ذكر الفخر في موضع, وكلما ذكرت كربلاء, وكلما ذابت القوب حسرة, وأرتفعت الأصوات لتنادي ,يا ليتنا كنا معكم, فنفوز فوزاً عظيماً, نعم إنه الفوز العظيم, الذي يتحسر عليه الجميع, منذ معركة الطف لغاية اليوم, أنه عبق الرجولة, الذي أشمه في ثياب والدي, وأجده بين حروف أسمه, وحين أدخل غرفته. 

هذا هو الإرث الكبير, الذي أحدثكم عنه يا سادة, إنها الشهادة, في سبيل الدين والوطن, فقد نقش والدي ,أسمه في ذاكرة التاريخ التي, لا يرد في قاموسها النسيان, بحروف من نور, ممزوجة بعطر الرجولة, يفوح منها شذى كربلاء, ونسج من خيوط الشمس وشاحاً, زين به أكتاف المجد, وأختار بياض الوجه, يوم تسود وجوه وتبيض وجوه.

إنها نعمة توجَب علّيَ الشكر للباري, فأنا أبن من جاد بنفسه, وحمل العراق بقلبه, لست أبن مسؤول فاسد, حمل أموال, العراق بجيبه وحقائبه, فأورث أبنائه العار, فالفرق شاسع جداً, بين أرث تركه والدي, وأرث تركه مسؤول فاسد, لأبنائه وملئ بطونهم من أموال السحت, فشتان بين العار والإفتخار.
نعم فقد وسمت صدر والدي, جراحات تنزف مسكاً ,كجراح جون في أرض الطفوف, ووقف شامخاً كعابس, الذي لم يحنِ رأسه للسيوف, فأصبح أبي, أهزوجة نصر سترددها الأيام, سأمشي بين الناس, وأخبرهم عن صنيع والدي, فأجيب كل من يسألني "آني إبن المايدنك للرصاص... لو ردت تعرف شكول..... روح للتاريخ عني واسألة",

هذا ما قرأته في ,عيون أبن الشهيد البطل, حسن كاظم, من أبطال سرايا العقيدة, فقد وجدت في ,صورة أبن الشهيد, الصغير بعمره, الكبير بعنفوانه, صنيعاً لا يقل عن صنيع والده, فهو يقف قرب صورة والده ,يرفع شارات النصر, ولم ألمح في عينيه إنكسار اليتم, أو وهن يشعر به الفاقد, نعم هذا هو جيل, تربى على أمجاد الطف, فلن يكون عطائه, أقل من ذلك, السلام على شهداء العراق, وأبنائهم وعوائلهم, فهم جميعاً يكتبون تاريخ العراق الحديث, فيجودون بالنفس والولد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك