المقالات

هواجس كاتب ما بين العقل والجنون

1715 2014-09-23

كنت جالساً يوماً ما في مَحَلٍ, يبيع العباءة العربية, كان يجلس رجلان كبيران في السن, تكلم أحد هما فقال: كم يُحِبُ الخالق العراق, حيث وضع به ألحضارة, واختاره ليكون مَهدَ الأديان, ومرقداً للأنبياء والصالحين.

فبادره الرجلُ الثاني قائلاً: بل قل كم نحن جاهلون ومنافقون! بحيث أرسل لنا الباري العزيز, هذا العدد من الرسل والأولياء, فلم نتعظ ولم نرتضي لأنفسنا, أن نكون سادة العالم, بل جهلاء خاضعين, ننعق مع كل ناعق! 

بقيت هذه الكلمات راسخة في ذهني, كأنها كلمات مسمارية, تم حفرها, من قبل كاتب سومري أو آشوري حاذق. بين فترة وأخرى, تُراودُني أفكاراً كأنها هذيان مجنون, فينشغل عقلي بأسئلة تُحيرني, هل أصبحت انساناً غير طبيعي؟

نحن العراقيون, كما نقرأ في دروس التأريخ, بكل مراحل الدراسة, شَعبٌ ذو فكر واسع مبدع, فأول الحضارات هنا, بابل حمورابي, آشور شلمنصر, أور أتوحيكال الملك, الزقورة والقيثارة, إمبراطوريات غزت العالم, ملوك يهابهم العالم, قوانين مكتوبة برمزية على اسطوانات ورقم طينية, تحدد مناحي الحياة, كيفية التعامل مع العقوبة لمن يخالف, لكِنَّي لَم أجد من تلكم القوانين تطبيقاً.

بُعث الاسلام في بيئة جاهلية, وسط جزيرة العرب, دخل العراق ألمُمَزق, مابين شرقي وغربي, كالحمل يتعاركُ عليه ذِئبان, مع ثعلب ماكر, رابضٌ في أقصى الشمال, متحينا ألفرصة, ليأتي على ما تبقى من الفريسة!  الإسلام دين التشريع ألكامل, والمعاملة الطبيعية بين الإنسان وأَخيه, عبادةٌ للواحد الأحد, رسولٌ كريم, أخوة ومحبة.

أرى نفسي عندما أقرأ تلك الايام, أني في عالم مثالي, فأُفاجأُ بإنتكاسة الأفكار الإسلامية الإنسانية, فأول ما قام به الأعراب بعد وفاة حامل الرسالة, إغتصاب للحكم, قتلٌ لأحفاد الرسول ص, سبيٌ لنسائه من بلد الى بلد! حيث جرت الواقعة الكبرى في كربلاء ألعراقية, وكأنهم يقولون: يجب ذبح الإنسانية في مهد ألحضارة.
غَضَبَ الرحمن على الأمة فسلط عليهم شِرارَهُم, أراد لهم أن يرتقوا, فأبوا إلّا الهبوط إلى أدنى الرتب, فتعساً لقومٍ حُمِّلوا أرقى رسالة, لم يُكَلفوا أَنفُسهم بالحِفاظ عليها.
فمتى تتم صحوة العراقيون؟ ليختاروا طريقهم الحقيقي, الذي أراده لهم رب الكون, ليقودوا العالم إلى بر الأمان, بعد الخلاص من الطغيان.
بدل التباكي على التأريخ السحيق, والتباهي بأول حرف, كأن الرحمن لم يقل في سورة العلق/5" عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ".
قبل أن يبتلع العالم سَيل من الدماء كالطوفان, فما نراه اليوم هو كأيام الجاهلية الأولى, ما بين قتل وسبي نساء وإغتصاب, ناهيك عن التخريب وسلب الأموال. 
لِحِين تَحقيق المعقول, أبقى تائهاً كالمجنون, عسى أن أجد المجهول.
مع التحية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك