المقالات

هل نضجت الطبخة الكبرى؟!

1239 2014-07-16

المهندس زيد شحاثة

ساد الأجواء السياسية , بل وحتى الشعبية خلال نهايات القرن الماضي, فكرة نظرية المؤامرة.
ونظرية المؤامرة ببساطة تعني أن كل الأحداث أو الأمور التي تحصل في مختلف دول العالم, هي مخطط لها من قبل الدول الكبرى, أو الاستعمارية, أو المؤسسات الصهيونية, أو الامبريالية, وكل يفسرها حسب معتقده, أو يلصقها بمن يعاديه.
تلاشت بعدها تلك الفكرة, وبدأت تستسّخف, ويضحك منها, لأنها ربما تظهر أن القادة بمختلف اتجاهاتهم, دمى صغيرة تحركها القوى الكبرى, وان الشعوب منقادة كالقطعان, باختيارها أو باستدراجها, أو كرها, كما حاربتها القوى الكبرى المهيمنة في العالم, ربما لتخفي أفعالها وخططها الحقيقية, أو للتمويه بين هذا وذاك.
سوقت أمريكا, ومؤسساتها المختلفة, وإعلامها بكل أشكاله, وقبل عدة سنوات فكرة الشرق الأوسط الكبير الجديد, والتي جوبهت بمقاومة شديدة, من أنظمة الحكم المستبدة والعشائرية والعائلية في المنطقة, بحجة أن التغيير يجب أن يكون داخليا, ولا يمكن فرضه من الخارج, فتراجعت أمريكا عن مشروعها..ظاهريا.
ثم بدا الربيع العربي, والذي كان اقرب ما يكون لخريف, غريب مريب..سقوط لأوراق بالية استنفذت كل أغراضها, ولم تعد لها حاجة, وتم امتصاص النقمة الشعبية وتنفيس ما تراكم من ضغط هائل, لكن ماهي نتيجة هذه الثورات..وهذا الربيع!؟.
اليوم هناك الكثير من الأحداث تحصل من حولنا, تبدوا للوهلة الأولى وكأنها غير مترابطة, لنصعد قليلا فوق التل, ونشاهد من منظور أعلى, ولنحلل قليلا.

فجأة ومن العدم ظهر تنظيم متشدد أكثر من سابقيه يدعى داعش, ونمى وتوسع, وكأنه نبتة شيطانية, واخذ الاهتمام, وظهرت حملة للتخويف منه, حتى وصل لأنه يحتل مدنا مهمة في سوريا والعراق, ويهدد بالدخول إلى الأردن, وتسربت أنباء عن ارتداد جزء منه إلى الدول التي دعمته, وعن اضطرابات في تلك الدول, وأمريكا عمليا..تتفرج.

الفلسطينيون يقتلون ثلاثة يهود بعد خطفهم, ويرد الاسرائليون بخطف فلسطيني وقتله بطريقة بشعة, وتنهار التهدئة, وتقصف إسرائيل غزة بالطائرات, فترد حماس بصواريخ تصل لتل أبيب, ويقال أنها إيرانية الصنع, والأمور مرشحة للتدهور أكثر, كل هذا وأمريكا عمليا..تتفرج.
النظام السوري يحاصر قوى المعارضة في حلب, أخر المدن الكبيرة التي استولوا عليها, ويكاد ينهي وجودهم في سوريا, والمعارضة تستنجد بأمريكا والاتحاد الأوربي, وأمريكا في واد أخر, وعمليا..تتفرج.

الحوثيون يواصلون قتالهم ضد نظام الحكم اليمني, ويكادون يطبقون على العاصمة صنعاء, فيطير الرئيس اليماني إلى..السعودية..للتباحث, وهناك الكثير من الكلام عن علاقة وثيقة بين إيران والحوثيين.

لازالت عملية اختيار الرئيس اللبناني المسيحي, تراوح مكانها, بجهات داخلية تعرقل الاختيار, نيابة عن جهات خارجية, لتأزيم الموقف مع أحزاب المقاومة اللبنانية, التي تملك علاقات مميزة مع إيران.

لنحاول ربط كل تلك القضايا معا..ما الذي سينتج هنا؟

الهلال الشيعي والحرب ضده..حقيقة واقعية, وان إيران انضمت إلى المنتخب العالمي للاعبين الكبار, ولم تعد لقمة سهلة.. ولديها أوراق تلاعب بها أمريكا وحلفائها.

أمريكا لديها مخطط كبير جدا, تحاول أن تنفذه وحدها, لكن العالم صار مليئا بصغار..كبروا, وان لم يكونوا بحجمها, إلا أنهم لا يستهان بهم وبقوتهم.. ويريدون لعب دور..لا أن يبقوا متفرجين.

الشرق الأوسط أصبحت ساحة, تلاعب فيه أمريكا إيران وأدواتها دول خليجية وإقليمية, وتلاعب فيه إيران أمريكا, وأدواتها, أحزاب وحكومات.
لن نفاجأ إن أصبحنا يوما, ونجد أن لا وجود لشىء اسمه داعش, وتفعّل التهدئة الصورية بين حماس وإسرائيل, ويعود اتفاق السلام بين الحكومة اليمنية والحوثيين..ولكن متى؟
متى اكتملت الطبخة الكبرى..واستكملت أهدافها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك