المقالات

أعداء الشيعة عبيد!

2309 17:32:00 2006-06-02

نحن الشيعة مستهدفون من كل هؤلاء العبيد لأننا الوحيدون الرافضون لعبودية الإنسان للحاكم أو للكاهن الطاغية، ولأن قائدنا وولينا وقدوتنا هو أبو الأحرار السبط الشهيد الحسين عليه السلام، ولأن شعارنا – وإن كان معطلاً أحياناً – هو هيهات منا الذلة، أما هم ولأنهم لايطيقون رؤية أناس أحرار أتوا بكل قواهم لإبادتنا، حتى يكون الجميع مثلهم عبيداً، وأعجب من الشيعة الذين يوادون ويتقربون لهؤلاء العبيد، والحري بهم أن يعاملونهم بالعصا لأنهم كما وصفهم المتنبي أنجاس مناكيد. ( بقلم د. حامد العطية)

 ليس هنالك شيء أثمن من الحرية، ولمن يظن أن الحياة نفسها أغلى أقول وما قيمة الحياة بدون حرية، والعبودية درجات، أحطها كون الإنسان عبداً مملوكاً لإنسان آخر يتصرف به كما يشاء، وإلى زمن قريب كان استعباد الإنسان لأخيه الإنسان أمراً مقبولاً لدى النظم العقائدية والاجتماعية والسياسية، وحتى الستينات من القرن الماضي كان العبيد يباعون ويشترون في أسواق النخاسة العلنية في إحدى الدول العربية. 

على مر العصور عرف العرب بممارستهم للعبودية، وكانت القبائل العربية في الجاهلية تستعبد الأسرى من القبائل الأخرى، و بعد الإسلام استرق العرب أعداداً كبيرة من سكان البلاد المفتوحة، وامتلأت بيوتهم بالعبيد من الذكور والأناث، وكان لهؤلاء العبيد تأثير سلبي على نشر وترسيخ الدعوة الإسلامية، وعلى تحضر وتطور العرب، فقد نفرت العبودية الناس من الإسلام، وساهم وجود العبيد في تأصل العلاقة التسلطية لديهم، والتي تتطلبها العلاقة بين السيد والعبد، فأصبحت جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي العربي، فالسيد مهيمن تماماً على حياة عبيده، يفعل بهم ما يشاء، يتصرف باجسادهم، ويحقرعقولهم، ويمتهن كرامتهم، وإذا تجرأ أحدهم على مخالفة سيده كان مصيره الجلد وأنواع أخرى من التعذيب الجسدي والنفسي، التي يراد منه ترويضه على الطاعة العمياء.

 منذ العصر الإسلامي الأول تأطرت العلاقة الاستعبادية، ولم تك المقولة الشهيرة للخليفة عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً! دعوة لتحرير العبيد لأن أمهاتهم ولدتهم أحرارا،ً ، وعلى النقيض مما قرأناه وسمعناه من شروحات فليس المراد بها الاحتجاج على العبودية ولا الاستنكار لجلد العبيد،  بل هي إشارة إلى واقعة تعرض فيها إنسان حر إلى معاملةالعبيد، أي الجلد، والمقصود بها كيف جلدتم عربياً حراً وعاملتوه معاملة العبيد وهو ليس بعبد، وكان جلد العبيد أمراَ معتاداً ومقبولاً، وكما عبر عنه المتنبي بعد قرون بقوله: لا تشتري العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد، وبالنتيجة ترسخ تسلط الإنسان على بني جنسه حتى درجة الاستعباد في نفوس العرب ومؤسساتهم الاجتماعية والسياسية، وليس بعيد عن ذلك معاملة الحكام لرعاياهم، فلا عجب أن يكون كل الحكام العرب متسلطين، يتصرفون بمقدرات أتباعهم كما السيد بعبيده.

كان لمؤسسة العبودية آثار مفجعة في النطاق الاجتماعي أيضاً، ولعل أسوأها تدني قيمة العمل اليدوي والإنتاج لدى العرب، ففي العصرين الأموي والعباسي، خلى نمط حياة سادة العرب من الجهد العقلي والبدني بعد صيرورتهم طبقة إقطاعية طفيلية تعتاش على ريع الأراضي المفتوحة، واستخدموا العبيد في الزراعة والمصانع مثل الملاحات البحرية في جنوب العراق، وقد أدت المعاملة الهمجية التي تعرض لها هؤلاء العبيد إلى ثورة الزنج وسيطرتهم على مناطق واسعة وتهديدهم استقرار الدولة العباسية في حينها، وما أن أثرى العرب المعاصرون بفضل أموال الريع النفطية حتى سارعوا إلى استقدام العمال والخدم من بلاد شتى، وكانت الحصيلة المرة لحلو العيش تدهور قيمهم الأخلاقية وضعف لغتهم العربية وتشوه علاقاتهم الاجتماعية.

أفسد وجود الجواري في العوائل العربية طبيعة العلاقات بين أفرادها، وأصبح من الصعب الإدعاء بنقاء السلالة أو العنصر العربي لما اختلط بالدماء العربية من دماء لأقوام مختلفة نتيجة التزوج بالأماء والجواري، ولا عجب أن نجد اليوم ما يسمى بالأمة العربية خليط هجين من أقوام وإثنيات لا يجمع بينها سوى اللغة، وغالبيتهم لا يتقنها ولا يكترث بذلك – يسمون أنفسهم الناطقين بالضاد وأجزم بأن معظمهم لا يميز بين الضادوالظاء – ولا يمارسون من عقيدتهم سوى الشعائر بعد أن عطلوا قيمها السامية وتركوا مكنونها وجوهرها لعبث أصحاب الأهواء من السلاطين ووعاظهم والمهووسين بالسيطرة، يؤلونها كما يشاؤون، وبما تقتضي به مصالحهم، فتارة يجمحون بها إلى التطرف اللاعقلاني، وتارة أخرى يحرفونها لشرعنة تسلط حكامهم وجشع تجارهم وفساد مؤسساتهم.

 أخفقت جميع المدارس الفقهية الإسلامية في فهم وتطبيق الموقف الإنساني الأصيل للإسلام من العبودية، وقد كان عدم ورود نص صريح بإلغاء ومنع العبودية بمثابة اختبار إلهي للجميع، وفشل الجميع في هذا الإختبار الصعب، فالإسلام كله نقيض العبودية، وكل مبادءه تعارضها وتشجبها، ولا يكون إسلام الفرد كاملاً مع ممارسته للعبودية - في رأيي، فكيف يمكن له الجمع بين العدالة والعبودية، وأي مساواة تبقى في ظل العبودية؟ ولماذا اكتفى المسلمون بتدوين الأحكام الشرعية التي تجعل من تحرير العبيد كفارة لأعظم الذنوب، ولم يستنتجوا من ذلك بإنها دعوة لإلغاء العبودية؟ وبأي منطق يمتدحون شراء أبي بكر لعبيد قريش المسلمين في أول الدعوة وتحريرهم ثم يمارسون العبودية بأبشع صورها، حتى يروي أحد المؤرخين بأن عبيداً لرجل مسلم ايام الخلفاء الأوائل انتفضوا على سيدهم فقتلوه ثم انتحروا جماعياً من شدة ما لحق بهم من تعسف وظلم.

رفض السادة من القادة العسكريين والزعماء القبليين ورجال الدين دعوة الإسلام لتحرير العبيد لأنها تتعارض مع مصالحهم الاقتصادية، التي تكونت لهم بعد الفتوحات المسيرة بأطماع جاهلية، والمنفذة تحت غطاء رايات إسلامية، وأي حضارة تبنى بسواعد العبيد، والتاريخ يعلمنا بأن أحد الأسباب الرئيسية لتقوض الأمبراطوريات والدول اعتمادها على العبيد والمرتزقة بدءً بالأشوريين ومروراً بالرومان والعباسيين. لازالت العلاقات في المجتمعات العربية، ومنها العراق، متأثرة بالإرث البغيض والثقيل للعبودية، والتسلط بصوره البسيطة والمتطرفة حاضر في كافة العلاقات الإجتماعية والسياسية والاقتصادية، يمارسه الزوج على زوجته، والأب على أبناءه، والمعلم على تلاميذه، ومعلم الحرفة على مريديه، ورجل الدين على أتباعه، ورئيس المؤسسة على مرؤوسيه، وبالطبع الحاكم على رعيته، ولعملة التسلط وجهان، أحدهما الرغبة الجامحة في التحكم بالآخرين، وهي ما يعتبرها علماء النفس داءاً نفسياً خطيراً، والوجه الآخر، وهو مظلم كالأول، الخنوع والخضوع المخزي للتسلط، والمتسلط أو صاحب الشخصية التسلطية authoritarian personality يذعن لأصحاب السلطة الأقوى منه، وفي الوقت نفسه يتسلط تماماً على من هم دونه على هيكل السلطة والقوة.

 في ستينات القرن الماضي صدر كتاب للمفكر المعروف فرانز فانون بعنوان الهروب من الحرية Escape from Freedom، يسجل فيه صدمته مما آلت إليه أحوال بني جنسه الأفارقة، الذين ما أن استقلوا من أبشع أنواع الاستعمار الأجنبي حتى رزحوا طوعاً تحت نير أسوء الطغاة، واعتبر ذلك هروباً من الحرية، وهو ما ينطبق على العرب تماماً، الذين استبدلوا الاستعمار بحكام متسلطين، أمثال صدام حسين، وكل تابع وموالي ومعجب بصدام حسين وأمثاله له عقل ونفسية العبيد، أو ما يعرف بالإنكليزية slave mentality، وأسوق لكم مثلاً ذلك السعودي الذي قد بلغ به الإعجاب بصدام حد ملأ غرفة في بيته بصوره، كما أخبرني إبن عم له، وأمثاله كثيرون، وكلهم عبيد بالعقل والإرادة.

 ترك سقوط الطاغية صدام فراغاً كبيراً في نفوس العبيد العراقيين والعرب، وأقدر بأنهم يشكلون غالبية عظمى من العرب، فلا عجب أن يسارعوا إلى نصرة سيدهم، إن كان بالدفاع عنه في وسائل الإعلام إو في محكمة الطاغية، والبعض منهم قتل نفسه وأهلك الأبرياء فداءً لسيده وصنمه، ونخطيء في افتراض بأن أعداءنا نحن الشيعة بشر سويون، لديهم إرادة حرة وعقول راشدة، وما تشدقهم بمقارعة قوات الإحتلال إلا شعارات زائفة، يقنعون بها لهاثهم وراء السلطة ورغبتهم المحمومة بإعادة صنمهم إلى قصره وتماثيله إلى ساحات العراق، ولا تصح تسميتهم بأيتام، بل هم عبيد طوعاً واختياراً، فضلوا الختم على عقولهم بالضلالة، وعطلوا حواسهم، وحكموا على أنفسهم بانعدام قيمتهم، ومن الطبيعي جداً أن يتحالفوا مع أمثالهم من عبيد الكهان الضالين والمضللين، ولا غرابة أن يتفق كل هؤلاء العبيد، على اختلاف عقائدهم الباطلة، على محاربتنا نحن الشيعة، فقادتهم الذين يجهرون بمحبتهم والإقتداء بهم طغاة وفجار مثل معاوية بن أبي سفيان والسفاح والمتوكل وصدام، وكهنتهم يأمرونهم بالخنوع والخضوع للحكام الطغاة ويعتبرون ذلك واجباً شرعياً.

نحن الشيعة مستهدفون من كل هؤلاء العبيد لأننا الوحيدون الرافضون لعبودية الإنسان للحاكم أو للكاهن الطاغية، ولأن قائدنا وولينا وقدوتنا هو أبو الأحرار السبط الشهيد الحسين عليه السلام، ولأن شعارنا – وإن كان معطلاً أحياناً – هو هيهات منا الذلة، أما هم ولأنهم لايطيقون رؤية أناس أحرار أتوا بكل قواهم لإبادتنا، حتى يكون الجميع مثلهم عبيداً، وأعجب من الشيعة الذين يوادون ويتقربون لهؤلاء العبيد، والحري بهم أن يعاملونهم بالعصا لأنهم كما وصفهم المتنبي أنجاس مناكيد .

د. حامد العطية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك