( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
من السهل ان يقول المرء ما يريد ازاء أي حدث اجتماعي او سياسي او امني او في أي مجال من المجالات الحياتية العديدة. لكن الامر ليس كذلك عندما يكون الرأي ليس محصوراً في دائرة خاصة انما يتعداها الى شركاء آخرين لهم قراءاتهم وآراؤهم ومواقفهم وقراراتهم وقناعاتهم بذات الموضوعة التي قد يستسهلها الغير.هذه المسألة او الممارسة في التعامل مع الاحداث والمتغيرات والمنعطفات في بلادنا ومن قبل بعض القوى السياسية وشخصيات انتقلت الى حيز المسؤولية وللاسف الشديد لم تخضع الى عمليات حسابية ودراساتية قادرة على فهم المشروع واستيعابه وبالتالي اتخاذ الموقف منه بقدر ما انها خاضعة لحسابات وانفعالات مزاجية او ضدّية او تعبوية تعبر عن ممارسات وسلوكيات انتقلت الينا من الثقافات التي كانت تتحكم بحركة البلاد وفرض الهوية الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الاحادية عليها، في حين ان الحقبة التي نعيشها الآن هي حقبة مغايرة تماماً باهدافها وغاياتها والياتها وهويتها عن كل الحقب التي عاشها العراق المعاصر على الاقل منذ بدايات تشكيله مع مطلع العقد الثاني من القرن الماضي وحتى عملية سقوط نظام صدام.
وهنا يأتي دور واهمية القوانين التشريعية الجديدة وآليات اتخاذها وصياغتها وتطبيقها، بذات الوقت الذي يظهر فيه التمايز بين ثقافتين احداهما لم تكن بعيدة عن ثقافة السلطة المخلوعة، والأخرى تكاد تكون مغايرة في كل شيء عن الاولى نظراً للخبرة السياسية وتأثرها – أي الثانية- بالثقافات الديمقراطية التي يعيشها العالم باعتبار ان هذا الرعيل قبل ان يعود الى وطنه كان يعيش في ظل تجارب سياسية ودستورية راقية اثبتت النتائج العملية صحتها وتطورها وانسانيتها ونفعها على الوطن والمواطن.
من هنا نقول ان العراق وبالرغم من انه بلد نفطي متقدم في العالم لكن المفارق ان العراقيين حتى الآن لم يصدقوا بان بلدهم كذلك، والأدلة الدامغة لتأكيد ما نقول تقع حصراً في حالة الفقر المدقع الذي تعيشه بلادنا والتي لا يوجد فيها سوى الخرائب والمؤسسات البدائية التي تنتمي للقرن التاسع عشر في حين ان بجوارنا بلداناً لا تتمتع بامكانياتنا تجاوزتنا على الاقل خمسين عاماً الى الامام.
نحن بلد نفطي صحيح ولكننا لا يمكن لنا ان نكون كذلك او ان تصل قدراتنا الانتاجية الى ما يتناسب وتصنيفنا كبلد يمتلك ثاني احتياطي نفطي في العالم ما لم يكون لهذا البلد تشريعات وقوانين نفطية تسهم بشكل فاعل في عمليات التنقيب والاستكشاف والانتاج والتصدير والتكرير، وهذا ما دفع المشرّع العراقي الى البحث عن قانون وطني عراقي يتكفل هذه المهمة اسوة بباقي بلدان الثروة التي لا تمتلك القدرات اللازمة لتوظيف ثرواتها الطبيعية في مجالات البناء والاعمار وتحسين المستوى المعاشي للفرد والاسرة وبناء المنظومات الخدمية.
يستدل من ذلك ان عمليات الرفض والقبول للتشريعات اياً كانت يجب ان تستند الى ضوابط فنية وقانونية واقتصادية ووطنية لا الى مزاجات ومواقف ارتجالية سهلة القرار، كارثية النتائج. وهذا ما ينطبق على قانون النفط والغاز الذي لا نشعر ان بلداً محتاجاً الى هكذا قانون كما هي حاجتنا اليه كي نصدق ولو لمرة واحدة اننا من بلدان الثروة ولو لمرة واحدة.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)