المقالات

أسحار رمضانيّة ()

1357 03:13:30 2014-07-04

نزار حيدر

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.
الرّحمة، اللّين، العفو، الاستغفار، المشورة، العزم، التوكل على الله، هي أعمدة النجاح السبعة للسلطة والحكم، فإذا كان رسول الله (ص) وهو المُسَدّد بالوحي والتنزيل، يحتاجها لتوكيد جوهر رسالته وتثبيت اركان سلطته، فكيف بالآخرين؟ كيف يريد ان ينجح الحاكم في إدارة البلاد اذا كان فظّ القلب وسيء الخلق؟ كيف يريد ان يحكم بالعدل اذا كان مستبدا لا يسمع لاحد ولا يستشير احدا ولا يعير لآراء الآخرين ومقترحاتهم وأفكارهم وانتقاداتهم اي اهتمام؟.
إنّ واحدة من اعظم فوائد الاستشارة هو ان المسؤول سوف لن يُلام لوحده على فشلٍ او هزيمة او اخفاق، فان كل من استشاره وأستأنس برأيه سيتحمّل جزءا منها، اما اذا ركب المسؤول رأسه ورفض الإصغاء الى رأي الناصحين، ولم يعُد الى المستشارين الأمناء، وظلّ يُصغي الى المطبّلين المنتفعين الذين همّهم إرضاءه ولو على حساب أمن البلاد ومستقبلها ومصيرها، فانّ عليه ان يتحمل مسؤولية الفشل لوحده، فلا يحق له ان يُشرك الآخرين المسؤولية لانهم ليسوا جزءا منها، وهم لم يصنعونها او يساهموا فيها، فكيف يتحملون بعضا من المسؤولية؟ إنّ على المستبد ان يكون مستعدا لتحمل المسؤولية كاملة، ولابد ان يدفع الثمن مهما عظُم.
إنّ على المسؤول ان يجتهد دائماً في خلق الفرص اللازمة لتحقيق أعمدة الحكم السبعة الواردة في الاية الكريمة اعلاه.
ان الحاكم الرحيم مع شعبه سيساهم في إشاعة ثقافة الرحمة بين أبناء المجتمع، لان (الناس على دين ملوكهم) كما في القول المأثور، أمّا اذا كان الحاكم قاسيا في تعامله مع الرعية، فترى المجتمع هو الاخر يتعامل بقساوة مع بعضه، وكأنهم في غابة يسعى كل واحد منهم للاستيلاء على حقوق الآخرين في اقرب فرصة سانحة.
كذلك اللين والرفق الذي ورد عنه في الحديث الشريف {ما كان الرفق في شيء إلا زانه} فبالّلين يمكن إذابة وحل الكثير من المشاكل، اما القسوة فهي سبب مباشر لتعقيد الامور وخلق المشاكل في المجتمع، ان على الصعيد السياسي او الأمني او غير ذلك، ولذلك ورد في المأثور {ما ضُرب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضِبَ الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم}.
كما ان العفو يقضي على روح التشفّي والانتقام التي اذا شاعت في مجتمع فستحوّله الى وحوش كاسرة يتربص كل واحد فيه بصاحبه لينزو عليه في لحظة ضعف او هوان، بدلا من ان يعينه على النهوض من كبوته.
اما العزم فهو الحد الفاصل بين الاستعجال والترهّل، فلكلّ امرٍ وقتٌ محدّد، لا ينبغي التساهل فيه اذا ما استوت ظروفه، فالاوان وقت محدد لا ينبغي التصرف قبله او بعده، فلا قبل الاوان ينفع التصرف، ولا بعد الاوان ينفع بشيء، ولذلك قيل في ذلك (قبل فوات الاوان) لان الفشل كل الفشل يتربص في هذه اللحظة تحديدا، اذا لم تُوظّف بشكل سليم لقطف الثمر.
يبقى التوكّل على الله تعالى كأحد أعمدة النجاح، وعكسه التواكل الذي يتجلّى في التسويف والتأخير وتاليا في انتظار المجهول.
وكل رمضان وانتم بخير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك