المقالات

أصواتنا الغالية.. لا تفسدوا زهوها

1134 2014-06-01

حميد الموسوي

يبدو أن الأقدار قد أصدرت حكمها بحق العراقيين! وأغلقت كل أبواب الاعتراض والاستئناف، وقضت بأن لا يمر عليهم يوم من أيام الدنيا الا وعركتهم النوازل، ولا تمر حقبة من الزمن الا ودعكتهم الزلازل، وكان خيارهم إما أن يرموا بقاتل، أو يبتلوا بشاغل!.
فما أن ينفضوا عنهم غبارا أطيحوا به الا وشبت هموم على أنقاضه جدد، وما أن يزيحوا ركام غمٍ أرّق ليلهم الا وحل محله النكد والكمد، وما ان يودّعوا سلطان جور هالك بلعناتهم، الا واستقبلهم سلطان تعسفٍ مالك بسياط قهره وتجبره!.
حتى استوطنهم اليأس فصار لهم قوتاً ودثاراً. ولبسهم الحزن وصارلهم سمةً وشعاراً.

وها هي الدوامة الأزلية تطل برأسها، ليستمر مسلسل العذابات إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها. فما أن تهاوى صنم الاستبداد، وانزاح كابوس سلطة الرعب الذي جثم على صدور العراقيين أربعة عقود سود، وقبل أن يتنفسوا الصعداء اشتعلت حرائق الذبح والخطف والنهب والتفخيخ والخراب والدمار، وما أن لملموا جراحهم، وانشغلوا بإيقاف نزيفهم حتى تكالبت عليهم مخالب الارهاب من كل حدب وصوب، لتتركهم حائرين موزعين: بمن يبدأون، وماذا يعالجون، وأياً يصلحون. وبصبرهم الاسطوري، واصرارهم المعهود، هبوا متهافتين في سباق ماراثوني مع الزمن، وصراع خرافي مع الظروف ووحشية أعتى هجمة إرهابية عرفها العالم ليحققوا ستة انجازات فريدة في تاريخ الانتخابات المعاصرة ليس على نطاق المنطقة العربية والمحيط الاقليمي، بل على مستوى العالم المتحضر المستقر سياسياً، واقتصادياً، وأمنياً.ثلاثة منها لانتخاب مجلس النواب ،وثلاثة لانتخاب مجالس المحافظات .

وكم تمنينا ومن الأعماق أن تتم عمليات الانتخابات التشريعية بشفافية حقيقية ونزاهة عالية بعيداً عن الخروقات العفوية والمقصودة والتي كان الجميع في غنى عنها وذلك أن كل الكتل التي شاركت كانت ستحصل على إستحقاقاتها بحجم حضورها الجماهيري وعطائها الملموس نضالياً وعمليا. وبرغم تحضيرات الحريصين، وتنبيه المخلصين حصل ما شوش العملية الانتخابية وشاب زينتها وتفردها.
صحيح أن العمليات الانتخابية في جميع أنحاء العالم تتعرض لمثل هذه الخروقات وأن أكثر الأطراف تقدم الطعون والاعتراضات، وترفعها بصيغة قانونية متفق عليها. على أن لا تتحول هذه الطعون الى تهديد ووعيد واساءات وشتم كما لا تهمل وتلقى في سلال النسيان شأنها شأن بعض الطلبات التي لا يعبأ بها المسؤولون. وكم كان الأجدر بجميع الكتل المشاركة بذل المزيد من الحرص لغلق الأبواب وسد المنافذ بوجه تسلل المخربين والمغرضين من خلال حصول ثغرة هنا وفجوة هناك.

إن هذه العملية المصيرية في تاريخ شعبنا وبلدنا والتي إعتبرها النقاد لبنة أساسية في بناء عراق ديمقراطي حر، يجب أن تكون بمستوى تضحيات هذا الشعب الصابر وبمستوى تطلعاته وطموحاته لمستقبل زاهر يحقق مقومات عيشه الكريم ويحفظ للأجيال القادمة حقوقها.
لا نريد المزيد من الإبطاء والتلكؤ في عملية بناء دولة قوية ودستور دائم طالما ستكون الحكومة دستورية ودائمية، ومسؤولة أمام مجلس نواب وطني منتخب وبإمكانها مناقشة ومعالجة الأمور مثار الخلاف ووضع الحلول لكل المتعلقات المرحلة من العملية الانتخابية السابقة واللاحقة وخاصة بعد تأكيد المسؤولية في المفوضية المستقلة للانتخابات ومراقبي الأمم المتحدة الذين شاركو في عملية مراقبة ومتابعة الانتخابات على أن الشكاوى والطعون لا تلغي العملية الانتخابية بل قد تلغي نتائج بعض الصناديق التي تثبت صحة وجود تلاعب وتزوير فيها. باعتبار أن خوض "9038" آلاف مرشح للانتخابات يتنافسون على "328" مقعداً من الطبيعي أن يكون بينهم فائزين وخاسرين.
من كل ما ورد نتمنى من كل المخلصين الذين تهمهم مصلحة العراق الجديد وتعنيهم معاناة شعبهم المعذب الصابر. أن يضعوا هذين الإعتبارين فوق كل اعتبار. وأن يسموا فوق المصالح الوقتية المحدودة الزائلة كونهم يحملون مسؤولية تاريخية أمام الله تعالى وأمام شعبهم والأجيال القادمة.
ان الفترة الحرجة التي يمر بها العراق، وما يحيط به من أخطار، وما يحدق بتجربته الديمقراطية الوليدة من تآمر، وتدخلات، ومحاولات إجهاض يحتم على الجميع الانتباه الى حجم المؤامرة، وجسامة الكارثة مما يتطلب التخندق في جبهة واحدة متراصة للوقوف بوجه الهجمة الشرسة المتعددة الوجوه والأشكال، وقبرها في مهدها لدرء الخطر الداهم، وذلك إن أي تشرذم وتشتت وتلكؤ، سيوسع الفجوة، ويعمق الهوة، ويربك عملية التغيير برمتها، ويجر البلاد الى مهالك لا يعلم عواقبها إلا الله تعالى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك