المقالات

بغداد: الأرملة التي أحترق كوخها...

1313 2014-06-01

حيدر فوزي الشكرجي

وقفت أتأملها وقد إمتلأ وجهها غضونا وتجاعيد وأحدودب ظهرها بفعل مرارة السنين، غرقت وأنا انظر في عينها في بحر لا متناهي من الدموع، مع ذلك كله فما زلت أراها الأجمل ولا أرى من يضاهيها جمالا، وأناقة فهي الغادة بين قريناتها، لم يعتد أحد سابقا رؤيتها بالسواد، أما الان فكل ملابسها سود محمرة، هي الحرة الأصيلة ذات الحسب والنسب التي ظلمها أهلها وزوجوها إلى ملك من العبيد، فأسكنها بعد القصور كوخا، لا نوافذ له ولا أبواب وسط غابة من الذئاب الجائعة.
إعتادت كل يوم مراقبة هذه الوحوش تدخل كوخها البائس، وتلتقف أحد أبنائها الجياع لتأكله أمام ناظريها، فتندب وتصرخ وتبكي دما ولا مجيب، فتجمع رفاته وتدفنه بيديها مع أخوته الذين سبقوه في باحة الكوخ.
بعلها مخمور بلا خمر، لا هم له في الدنيا إلا ظلمها وسرقة ثرواتها، يضحك لبكائها ويتلذذ بذلها وحزنها على أولادها، قلما يرى أهل بيته الكسوة والطعام.
لا أستطيع تخيل حالها فقد قيل أن الرجل يشيب بمجرد وفاة أمه، فما بال الأم التي تلد وترضع وتربي وتزق أولادها الحنان زقا، ليذبحوا بدم بارد أمامها بلا رحمة ؟ أكاد اجزم أنها تتمنى أن تسبق رفاتها أبنائها تحت الثرى.
أصبحت كسعفة نخل في مهب الريح، لم أتحمل ما أراه، تمنيت لو كانت لي المقدرة على مقابلة ولي أمرها، لخاطبته صارخا: يا هذا ألا تعلم من هي؟ ألا تعلم كم من الشعراء تغنى بمفاتنها وخصالها؟ وكم من الملوك والأمراء طلب وصالها؟ أنها بغداد يا ظالم ، بغداد العلم والمعرفة، بغداد الحضارة، بغداد الكاظمين، عاصمة العالم المنكوبة، التي لم يعد يرى منها الآن سوى الدم والدخان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك