سامي جواد كاظم
للتاريخ خصوصية بانه يشهد على نفسه اذا ما عبث باحداثه شخص يقال عنه مؤرخ ، حقيقة وقد اجاد الاستاذ صائب عبد الحميد في كتابه "علم التاريخ ومناهج المؤرخين" وقدم دراسة وافية عن علم التاريخ وكيف بدا وماهي العوامل المؤثرة فيه وصفات المؤرخ ، وهنا لي تعقيب بسيط بخصوص كلمة مؤرخ ، فالمؤرخ هو من يعيش الحدث ويقوم بكتابته مع الاخذ بنظر الاعتبار العوامل المؤثرة في شخصية الكاتب التي اشار اليها المؤلف ولكن هنالك صنف اخر هم ناقلو التاريخ وليس بمؤرخين أي الذين ينقلون الاحداث التاريخية لما سبقهم من سنين وهذه تكون عرضة للمطاعن اكثر من التاريخ الذي كتب بيد مؤرخين عاصروا الحدث .
وحتى استشهد بصحة عنوان المقال اذكر هاتين الروايتين وكل رواية لحادثة تختلف عن الاخرى ولكن العنصر المشترك بينهما هي الصدقة .
قصة صدقة النجوى ونزول الاية فيها ومن ثم نسخت رواها أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين الجزء الثالث كالاتي
خصوصية علي رضي الله عنه بتقديم صدقة النجوى
3846 - أخبرني عبد الله بن محمد الصيدلاني ، ثنا محمد بن أيوب ، أنبأ يحيى بن المغيرة السعدي ، ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة الآية . قال : كان عندي دينار فبعته [ ص: 296 ] بعشرة دراهم فناجيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت : أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات الآية " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
ورواية اخرى عن الصدقة تخص جيش العسرة جاءت احداثها كالاتي :
قرر رسول الله «صلى الله عليه وآله» المسير إلى تبوك وحضّ على الصدقات، فجاؤوا بصدقات كثيرة، فكان أول من جاء أبو بكر، جاء بماله كله أربعة آلاف درهم. (حياة الصحابة ج1 ص429 عن ابن عساكر ج1 ص110).وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أن عمر جاء بنصف ماله. وأن طلحة جاء بمال، وجاء عبد الرحمن بماءتي أوقية من الفضة. وجاء سعد بن عبادة بمال، وجاء محمد بن مسلمة بمال، وجاء عاصم بن عدي بتسعين وسقاً من تمر(كنز العمال ج2 ص428 وج10 ص563، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص35)..
وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بألف دينار في كمه حين جهز رسول الله «صلى الله عليه وآله» جيش العسرة، فصبها في حجر النبي «صلى الله عليه وآله»، وعن عبد الرحمن بن خُباب قال: خطب رسول الله «صلى الله عليه وآله» فحثّ على جيش العسرة، فقال عثمان: عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها.( أخرجه الترمذي (3701) والحاكم ج3 ص102)
هنا يظهر لنا سؤال مشروع وهو اذا كان الصحابة يملكون هذه الاموال ولم يبخسوا بها لنصر جيش الاسلام فلماذا لم يتصدقوا بدرهم حتى يبقون على لقاء دائم مع الرسول ؟ هذا يعني اما اموال صدقات جيش العسرة كذبة او عدم رغبة الصحابة في مناجاة رسول الله (ص)؟
وحقيقة ابدع السيد جعفر مرتضى العاملي في تحليله لهذه الرواية الاخيرة في كتابه الصحيح من سيرة النبي الاعظم .
https://telegram.me/buratha