بقلم : ناصر الفرطوسي
مرت أكثر من أربعة سنوات على سقوط الصنم والعراق يعيش حالة غريبة لم يسبق أن عاشها العراق وشعبه ... صحيح مرت عليه المصائب والمحن والحروب والغزوات وإرهاب أكثر الحكومات التي حكمت العراق , إلا إن هذه السنوات التي تلت السقوط كانت أحداثها دراماتيكية على كافة الأصعدة .
فالتحول الذي حدث في طبيعة النظام السياسي ونوعه ,وشكله في إدارة دفة الحكم , والسياسة الاقتصادية الجديدة في العراق ... لم يكن اغلب الناس ومعهم الكثير من السياسيين استطاعوا أن يستوعبوا هذه التحولات , مما جعل بعضهم يعيش حالة التخبط وعدم استطاعته التخلص من الحالة السابقة التي كان يعيشها أبان النظام السابق وهو في جبهة المعارضة لنظام حكم صدام المقبور . هذه الحالة من التخبط وضعف الخطاب السياسي لبعض القادة السياسيين أدى بالأثر السلبي المباشر على الحالة العامة التي يعيشها العراقيون من تكالب الأزمات والمشاكل السياسية والاقتصادية , بسبب الجهل بما يحدث والتقصير أو القصور في التصدي بشكل جيد للوضع العراقي الجديد . إضافة لِما يقوم به الإرهاب والتدخلات الإقليمية والدولية في الحالة العراقية , كل هذه العوامل اجتمعت على العراق وتسببت في هذا الوضع المزري الذي يعيشه المواطن .
السياسي الذي عمل في هذه المرحلة أو لازال يعمل , بكل حركاته ولقاءاته من على الشاشة الصغيرة أو الصحافة ,جر معه في كثير من الأحيان الإعلام العراقي وأصبح لا يقل ضعفا وتقصيرا عن ضيوف هذا الإعلام من سياسيين , وبعضهم يملكون هذه الوسائل الإعلامية الضعيفة نتيجة ضعف مالكها .
هنا لا نتطرق إلى الإعلام العراقي المحسوب على الإرهاب , بل نتحدث عن القنوات المستقلة والحزبية بشقيها , والرسمية المتمثلة في القناة العراقية .... فإن هذا الإعلام العراقي الذي هو اضعف من السياسي العراقي في الوقت الحاضر والأسباب تكاد تكون معروفة لدي جميع المتتبعين لعمل الإعلام العراقي الحر كما يحلو للبعض أن يقول عنه . هذا الخلل والتقصير في الإعلام لا يزال يتصوره المتابع وكأنه يعمل من تحت الأرض أو انه يخشى من قول الحقيقة والدفاع عن العراقيين ,فضلا عن تخوفه بالدفاع عن نفسه عندما يكون الاتهام موجها له .... هذا الإعلام الذي يغرد بعيدا عن هموم المواطن وكأنما لم يعيش في هذا البحر المتلاطم في العراق من أحداث وتطورات يومية ...
على سبيل المثال لا الحصر ....آخر تحرك للعراقيين من أبناء الجالية , لم يقيم هذا الإعلام أو بالأحرى القنوات التلفزيونية الفضائية أي أهمية لتغطية تحركاتهم عندما قرروا أن يقيموا انتفاضة أبناء المهجر ضد السفارات السعودية في العالم للمطالبة بإيقاف فتاوى التكفير والقتل من رجالات آل سعود ...
خلال هذه الفترة من بدأ الانتفاضة لأبناء المهجر لم نشاهد برنامج أو مقابلة أو حتى خبر ينقل بالصورة والصوت كي يطِلع عليه الأهل في داخل الوطن وهذه مسألة جدا مهمة كي يشعر الإنسان العراقي في الداخل هناك من إخوته وأهله من يدافع عنه ويرفع مظلوميته أمام العالم ويشعر إن الجسور فيما بين من هو في داخل الوطن وخارجه متواصلين ...
هذا التقصير المتعمد أو القصور أو سموه ما شئتم لم يعرف أسبابه لغاية هذه الساعة ... فبتصورنا إن هذه الانتفاضة تحدث لأول مرة وبهذا الحجم والعدد من الدول التي شملها العراقيون للتظاهر فيها ضد سفارات آل سعود القتلة ... ولا تزال تخرج قوائم الدول التي سوف تنطلق فيها تظاهرات لعراقي المهجر . فهذا الحدث العظيم الذي بدأت السعودية تخشاه وتشعر بالحرج أمام هذه الانتفاضة .. لعل قائل يقول ألم تكن هذه المظاهرات أو الانتفاضة كما يسميها أبناء المهجر , هي بحاجة إلى إعلام تلفزيوني يرعاها ويغطيها ويسلط الأضواء عليها ... فلم نجد القناة العراقية الرسمية نقلت أخبار هذه الانتفاضة ولا حتى الخاصة سلطت الضوء على هذا الحدث الضخم بإسهاب ودخلت في وسط المتظاهرين أو المنظمين لها كي تعيش حالة العراقي في المهجر وهو يدافع بصوته عن وطنه وأهله .
بالمقابل من هذا الإعلام الضعيف والمريض , لم نشاهد ونسمع هناك من الأحزاب أو التكتلات أو الحركات السياسية قد دعمت أو حاولت الوقوف مع أبنائهم في الخارج , وأيضا لم يتطرق لها ساسة العراق المستقلين والمتحزبين , وهم مع علمهم إنما هذه التحركات لأبناء الجالية هي بالنهاية تصب في مصلحتهم ومصلحة الجميع فيما إذا أتت بنتائج طيبة ( هنا لابد أن ننوه إن الأطراف التي تنظم هذه التظاهرات ترفض أن تسييسها ) ولكن هذا لا يعني أنها لا تحتاج الدعم المعنوي والسياسي والاهم من هذا التبني لها إعلاميا وبالخصوص حاجتها إلى القنوات الفضائية ... بل هي أحوج إلى كل جهة تدعمها من الجهات الرسمية وغير الرسمية .. ولكن يبقى عدم الاهتمام إعلاميا بهذه المظاهرات سر من أسرار الإعلام والسياسيين وقنواتهم ..
هناك من يدعي من أبناء الجالية واعتقد هو اقرب إلى الحقيقة ... إن هذا السياسي أو الحزب ومعه القناة الفضائية لا يريد أن يصرح ويقف موقفا صريحا وواضحا أو يخرج هذا الحزب أو التكتل بيانا للمتظاهرين يقف معهم ويبارك لهم تحركاتهم اتجاه الدفاع عن دماء الأهل في الوطن . خشيةً على مصالحه ومصالح حزبه أمام العلاقات مع السعودية أو أي شيء قريب من هذا المعنى ..... وإذا ما كان هذا القول آو التحليل أو التصور صحيح ... فإننا أمام كارثة أخلاقية اتجاه ما يحدث في العراق من ذبح وقتل وتشريد وتهديم للمقدسات ... والتي لا يمكن السكوت عن فتاوى وعاظ السلاطين لآل سعود الوهابية المجرمة .
وهنا تقف كل العلاقات والمصالح الحزبية أو الشخصية الضيقة , كي يكون الجهد موجه لمصلحة أبناء الشعب , ويصطف الجميع بما يملك من طاقات ولاسيما الإعلام المرئي لخدمة القضية العراقية .وحتى لا يجد أبناء الجالية العراقية مبررا لهذه الجهات بعدم انتخابهم والوقوف معهم في المستقبل , كونهم كانوا بعيدين عن المساعدة لهم عندما احتاجوهم في إيصال أصواتهم إلى العالم, لِما يملكون من إعلام ممكن أن يقف معهم ... وحتى لا يأتي اليوم الذي تهرول هذه الجهات لجمع التأييد لهم عند الحاجة .. فيردونهم أبناء الجالية بقولهم أين كانت قنواتكم وأين هي مواقفكم الرسمية اتجاه تحركاتنا للدفاع عن دماء الأهل والأعزاء وهم يذبحون بفتاوى آل سعود المارقين ...إنها دعوة لكل الإعلام وبالأخص القنوات الفضائية العراقية الشريفة التي تدعي إنها تنقل الواقع وتحمل الهم العراقي وتجعله تحت أنظار الجميع من خلال كاميراتها وعرضها على شاشة قناتها كي يراها آل سعود والشعوب العربية والعالمية والاهم من كل هذا أن يعلم ويعرف أهلنا في الوطن إن أبنائهم خارج الوطن يحملون الهم معهم ويدافعوا عن الطفل والمرأة والشيخ والمقدسات أمام الهجمات البربرية لآل سعود وشيوخ التكفير والإفتاء الشيطاني ....
وخلاف هذا فإننا نقول وبكل صراحة لا يزال إعلامنا مريض ويبحث عن دواء , ولا يملك هذا الدواء غيره , كي يجعله نشيطا يقارع إعلام العدو المعروف للجميع ... وأيضا نقول نفس الشيء عن بعض السياسيين العراقيين بحاجة إلى علاج ولا يملكه سواهم , وبكل بساطة هذا الدواء هو تحركهم ووقوفهم دائما مع وقوف وحركة الشعب ,لا كما يطلب حزبه إن يتحرك حسب المصلحة الحزبية لا حسب مصلحة المظلومين .... والسؤال فيما إذا تحرك هذا السياسي أو تحركت القناة معه هل يخسر شعبه وتأييدهم له , أم انه سوف يربح القرب والمحبة من أبناء شعبه .... أصبحنا لا نعول على الإعلام العراقي كي ينقل صوت العراق والعراقيين . وقد عزّ علينا إعلاميا ومعنويا من يحمل راية الدفاع عن الشعب العراقي المذبوح .
فمتى تكون القنوات الفضائية وكل إعلامنا في مستوى الحدث , ومتى يصل السياسيين بالوقوف بقوة مع الشعب العراقي ويشعرون بهمومه إن كان في داخل العراق أو خارجه ... فإذا ما بقي الحال على ما عليه سوف يكونون هم ونحن من الخاسرين والقنوات العراقية سوف لا تخرج من كونها رقم لا يملك الأهمية والاهتمام من أرقام القنوات المشتركة في هذا القمر الصناعي أو ذاك . والأموال تهدر فقط عليها كي يقتنعوا أصحاب هذه القنوات بأنها موجودة في فضاء البث الحر , حينها سوف يختم على هذه القناة أو تلك بختم عراقي من أبناءه المعذبين عبارة ( غير صالحة هذه القناة للمشاهدة والاهتمام ... بسبب ابتعادها عن همومنا ..) و لا نريد أن يصل هذا الختم لسياسينا , وقتها سوف نُسلم بأننا خسرنا المعركة ونرفع الراية البيضاء أمام أعدائنا لا سامح الله وإذا تسلطوا علينا فلم يرحموننا هذه المرة ...
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)