الى أجمل عين لاتمل تأملي . الى أطيب قلب يختزن لي كل محبة . الى من تـُكنى بأسمي منذ ولادتي .الى أمي الحبيبة
كيف لي ان أجمع عمراً في جمل مختصرة وكيف لي ان أصف صرحاً شامخاً كشخصك الرائع وخيمةً احاطتنا بكل حنان منذ نعومة اظافرنا وهل ان الكلمات ستوفي ما بذلته لنا وما زلت تبذلين ؟! لا يا حبيبتي مهما جمعت من جميل الكلمات ومعانيها ستذوب بمجرد انها تـُوجه اليك يا قرة عيني ومصدر فخري . فكرت في الكتابة اليك وانا بجوارك ! عندما لاحظت ان قلبك الحنون لم يعد يحتمل أن يـُفرغ قلبي محتواه عنده رغم مساحته التي جاوزت المحيطات عطاءاً ومحبة غير أنه في الاونة الاخيرة بدأ يخاف علينا اكثر من أي وقت أخر حيث غدا يرى ان كل ما تحتويه قلوبنا هو هم يحزن لاجله ذلك القلب الرقيق.
انك كما قلوب كل الامهات ، تلك القلوب التي الفت اللوعة على اولادها في العقود الاخيرة بشكل خاص لما مر على بلدنا من أبتلائات ومحن جسام سُفكت بسببها من دماء الشباب الكثير ولا زالت الارض لا تكتفي وتطلب المزيد !! وبعد ان كانت لوعتك ما بعدها لوعة ونحن في قلب العاصمة من اللحظة التي نغادر المنزل وحتى لحظة الرجوع والتي تخفيها تارة علينا ليخبرنا بها الجيران والاقارب الذين تتصلين بهم بمجرد تأخرنا خمسة دقائق وتظهرينها دموعاً حارة صباحاً مشيرة الى قلبك قائلة اريحوا قلبي ولا تخرجوا اليوم فنستجيب لك مستسلمين لتلك الدموع بعض الاحيان ونقنعك بان أمر الله ينفذ بأي حال وان كل ايامنا متشابهة احياناً اخر .
ولما حان موعد الخروج من منزلنا حين دنا الارهاب منا وباتت لحظة الصفر قريبة وقفتِ بجانبي في قرار المغادرة السريعة بحقائب الملابس فقط وكأننا ضيوف على منزلنا ! كنتم تعتقدون اننا سنرجع بعد أسابيع أو أيام الا ان قلبي كان يحدثني بحديث اخر وعندما استحصلتي موافقة والدي في ان نذهب الى مكان ثاني راهن الوالد الطيب على منطقتنا المثقفة والتي لم يعتقد لثانية انها ممكن ان يحيطها الارهاب وليبقى هناك منتظرأ لحظة صفر يقررها بنفسه بعدنا لايمانه انها لم تأتي بعد ! وها هو يا أمي الطيبة محاصر في تلك المنطقة المثقفة جداً بالارهاب الصدامي ويسألك ان تصبحي لنا اماً واباً ولتتساقط دموعك ودموعنا عند هذه الجملة المؤلمة التي تحمل في طياتها ما نسال الله ان لايحدث .
ومن بيت جميل الى اخر صغير ومتواضع يجمعنا تحت سقفه في مكان اكثر أمننا نجدك مؤمنة بالله واثقة الخطوات تجاهدين معنا على الحياة الصعبة بالعمل المضني لسد احتياجات الاسرة وليأتي الليل لنتدارس في ما بيننا كلمة المستقبل ليعم الصمت ولاهرب خلف شاشة الكمبيوتر لاطالع الاخبار وحال منطقتنا وبغدادنا الحزينة لتقسمي عليّ في كل دقيقة ان اخبرك ولا اخفي عنك شيئاً مما يحدث هناك !! وتطلبين مني ان لا افكر كثيراً عندما اضع رأسي متكأ على يدي وعيناي تراقب السطور ولتخبريني بانك تتألمين على جيلنا من الشباب والشابات في هذه الظروف وان شبابنا يـُسرق منا بين كل هذه الاحداث .
وقُبيل ايام اكتشفت أمراً حيرني لاسابيع وانا أفتقد صديقتي وجارتي التي اعتدت رؤيتها على موطننا الجديد الماسنجر !! فلقد اختفت فجاءة وكلما سالت عنها والدي قال انها على ما يرام الا انها ليست على عادتها ولادرك بعد ان اقسمت على اهلها قول الحقيقة بان تلك المجتهدة طالبة الماجستير مصابة بالكابة الشديدة بعد ان فقدت حقها في استحصال اكثر من زمالة دراسية وليسلبها منها من لا يستحقها وباتت تجاربها تفشل نتيجة غلق الطرق فلا تصلها بجانب صعوبات الحياة تألمت كثيراً وشعرت باني لو كنت هناك لهونت عليها فلقد كانت تدخل دارنا قبل دارها مستغيثة من مدرائها قائلة بغداد اين انتي ( تعالي سمعي اخر الاخبار!! ) فاتكهن بما اصابها فتضحك على مضض قائلة وكيف عرفتي فاخبرها مديرك ومديري تؤام!!! ونتبادل الضحكات ثم نتناقش لساعات ولتكون اخر كلمة نتبادلها ا قبل غلق الباب الله كريم .
اليوم يا امي ارى في عينك حزناً عميقاً يحوم حوله كلام تريدين توجيهه الي وعندما اطرقت مسامعي لجملك التي لم تترابط مع بعضها لكون الفكرة تشغل تفكيرك!! لتصلي الى مبتاغك فلقد اردت ان اقلل قليلاً من المطالعة والمتابعة ومشاهدة الاخبار والعمل والتفكير والبكاء في حضرة اهل بيت الرحمة عليهم السلام بحرقة كبيرة .
امي حبيبتي غاليتي هل تخشين عليّ من مصدر قوتي ؟!!! ام هل تخشين عليّ مما اسمع وارى اتخشين على قلب يخسر أباً وداراً واصدقاءاً وزملاءاً يـُقتل الواحد بعد الاخر واخرين اخسرهم نتيجة تضاد بالافكار بفعل استهزائهم لما أُقدس وصديقة اخرى تبتر ساقها بعبوة ناسفة حتى خلتي بانني ربما اتالم حد الانهيار والموت او ربما الجنون !! لا يازهرة عمري اليانعة فقلبي قد تحمل ما هو اصعب من كل هذا ولو انه أنهار او توقف لما لامه أحد من الناس وكيف لا وقد أصـُيب قلبي بمصاب أبا عبد الله الحسين ع ألم يكن هذا المصاب بأجدر من غيره ليتوقف عنده قلبي عن النبض ولتـًعمى لاجله عيني ولاجن وافقد عقلي ؟! .الم يـُقطع الرأس الشريف وتمزق الثياب وتجف الالسن ويـُنحر الطفل وتقطع الايدي ويـُقتل الشاب وتـُضرب المخدرات بالسياط وتـُسبى الى حيث الطاغية الم ترتقي مصيبة واحدة من تلك النائبات عن أي مصيبة من حياتي ؟!!
عفوك أمي ، سامحيني لانني لم أدرك بانك لم تفسري معنناً لدموعي الغزيرة المنهمرة عند قباب ال محمد عليهم السلام تلك الدموع التي تترجم تناغماً مع كلمات الشوق لرب رحيم في دعاء لا اجد لكلماته مثيلاً الا وهو دعاء كميل في يوم من أيام الله العزيزة ليلة الجمعة المباركة وبينما انا كذلك تجدين لحظات عصف بكائي تلم بي لا لسبب سوى تذكر اهل الغربة وحرمانهم من هذه الطقوس المباركة وكيف انهم يداومون عليها في الحسينيات وغرف الدين الا انها عند اضرحة ال محمد شيء اخر لا يعوض أبدأ ابكيهم وادعو لهم وابكي نفسي التي لربما تذوق الغربة عن اهل البيت ع ذات يوم وكذلك عندما اذكر كم الشهداء في الاسبوع المنصرم وكيف انهم لو لم يتعرضوا لنار الارهاب لكانوا هنا معنا واذكر واذكر ... الا ان تلك الدموع ايجابية وتريح نفساً بشرية فلماذا الخوف منها يا امي لماذا ؟؟!
اما المطالعة والبحث عن المصداقية في كل شيء فهذا امر ليس لي بل انه واجبي تجاه مذهبي وعقديتي واولادي في المستقبل ، نعم يا امي انني والارهاب في حالة كر وفر فلا يمكن ان اموت بالسهولة التي يريدون ولم اتمم ما خـُلقت لاجله لن اموت ما لم أترك اولاداً ينغصون الارهاب بسلامة دينهم ومعتقدهم بأذن الله أولادا بمجرد اختياري لاسمائتهم سيختنق الارهاب لاني لن اجد واحة احلى واشهى من أسماء ال محمد لاختار منها ولربما وفقني الله لتربيتهم بما يتناسق وهذه الاسماء ، وان حاول الارهاب قتل هذا الحلم قبل ان يولد بقتل شبابنا فلنا في ايتام الشهداء واجبا يحقق لنا الحلم فلن ندعهم يقهرون مذهبا كان ولازال وسيبقى شامخا رغم انوفهم النتنة .
فأفرحي ياأمي وقري عيناً فعندما نتألم على وضع بلد جريح فليس معناه انهياراً ويأساً وان الحزن واليأس ليسا مترادفين فالحزن فيه من الايجاب الكثير بعكس اليأس المظلم فاليأخذوا منا كل عزيز وكل غالي الا مذهبنا فانه عزتنا وكرامتنا ورفعة رأسنا واسال الله ان لا يـُغمض عيني ذات يوم الا ويدي بيد اولادي وعيوني تقابل عيونهم لتوصيهم بان يحفظوا لي عندهم وعند اولادهم سلاماً لامام انتظرته طويلاً ونذرت له أولادي لخدمته وهم في علم الغيب وان دنا الاجل قبل هذا اليوم اسال الله ان يشهد لي على ذلك وان تشهد لي هذه الكلمات ذات يوم .اللهم قر عين كل ام بولدها الذي يقتلها خوفها عليه وولدها الغائب في غياهب الغربة البعيدة لتحتضن صورته الى قلبها وتمسح عيونها بصمت (بشيلتها ) وتقبل وسادته وما تبقى من ملابسه وتخنقها العبرة وهي تاكل اكلة يحبها هو وكذا ولدها الغائب تحت الثرى ومن غاب ولم تعرف له مكان وليسامحنا الله لاننا كنا سببا في حرقة قلوبهن بذنب وبغير ذنب وبقصد وبغير قصد ولك يا امي الف تحية ولكل ام عراقية موالية طيبة مثلكِ ولا تلوميني على حب وصلني مع غذائي وانا في رحمك الطاهر وارضعتني اياه من بعدها من حليبك الطاهر فهل تلومين من شابهتكِ على حب هو سفينة نجاة لكل انسان واسال الله ان يكون صادقا نقيا وفياً مقبولاً من الباري عز وجل .
اللهم ارني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل ناظري بنظرة مني اليه وعجل فرجه وسهل مخرجه واوسع منهجه واسلك به محجته وانفذ امره واشدد ازره واعمر اللهم به بلادك واحيي به عبادك واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية محمد واله الغر الميامين .
نسالكم الدعاء اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)