المقالات

صوتك .. بطانيتك

835 18:44:04 2014-03-24

محمد صبري الربيعي

عندما ألف أفلاطون كتابه الشهير ( الجمهورية ) الذي وضع فيه أسس بناء الدولة العادلة من خلال مناقشته لمفهوم العدالة ، طرح أفلاطون بين ثنايا كتابه مفهوماً مهماً وشرطاً أساسياً للقيادة عندما قال ان السلطة يجب ان تدفع للنائين عنها وليس للباحثين عنها او اللاهثين وراءها ، وفي ذلك حكمة كبيرة يجب علينا محاولة استيعابها ، فالذين ينأون بأنفسهم عن السلطة هم أشخاص لم تستطع بهرجة السلطان ان تعمي عيونهم ، ولم يبيعوا أنفسهم الى الدنيا لأنهم سلاطين أنفسهم من أصحاب الحكمة والضمير الحي والنفوس الأبية التي تبلغ بهم درجة من درجات الكمال ، اما اللاهثين وراء السلطة والحكم ، فهم من أصحاب النفوس الضعيفة الذين يشعرون بما فيهم من نقص فيحاولون تعويض ذلك بالتسلط على رقاب العباد والتحكم بمصائرهم ون وازع من ضمير او مخافة من مصير . ولان فكرة العدالة وتطبيقها تقض مضاجع الظالمين ، فقد كان لابد من محاربتها من أصحاب السلطة ، وكان أفلاطون الذي طرح فكرة العدالة هو أول الضحايا عندما قام احد طلابه ببيعه في سوق العبيد لأنه أراد ان يضع أسس الدولة العادلة .

كل ذلك استذكرته وأنا أرى اليوم تهافتا كبيرا من المرشحين الذين لا يملكون من المؤهلات الا الرغبة في التسلط والامتيازات ، والطمع بتقاسم ونهب ما تبقى من خيرات هذا البلد ، وما بين ليلة وضحاها وجد الفقراء أنفسهم محط اهتمام ، ووجدوا الدموع تذرف من اجلهم لأنهم الطبقة المظلومة في المجتمع ، مسلوبي الإرادة والحقوق ، وكما ان قاع البحر الذي فلقه الله لنبيه موسى وبني إسرائيل قد طلعت عليها الشمس مرة واحدة ولن تتكرر ، كذلك الأحياء الفقيرة تشرفت بزيارة المسؤولين والمرشحين للاطلاع على واقعها وتقديم الوعود بتوفير الخدمات لها في زيارات لن تتكرر أيضا ووعود لن تنفذ ، فهي وعود موقوتة الى حين إلقاء آخر ورقة في صناديق الاقتراع ، حينها على الفقراء ان يعودوا بهدوء الى ظلمات النسيان ، وان يجهزوا أصابعهم ليعضوها ندما على اختياراتهم ، وان يتحملوا البرد لسنوات حتى اقتراب الانتخابات القادمة ليزورهم احد المرشحين ويوزع عليهم بطانية تخفف عنهم شدة البرد ، وكأن الشعارات الانتخابية في العراق أصبحت ( صوتك بطانيتك ) ، فالبرامج الانتخابية والشعارات أصبحت جوفاء ومستهلكة ، ولا جديد يقدمه المرشح ، كأن الزمن قد توقف في العراق وتوفرت للشعب جميع الخدمات والبنى التحتية ، فلا أزمة كهرباء ولا ماء ولا أزمة سكن ، الأمن مستتب ولا وجود للإرهاب ، لم تعد هناك بطالة بين الشباب ، والأرامل والأيتام قد وجدوا الرعاية والدعم اللذان يضمنان لهم الحياة الكريمة . ان مستقبل العراق أصبح اليوم مرهونا بالشباب وإرادتهم في التغيير ، فشبابنا واع وأخطاء الأمس يجب الا تتكرر اليوم ، فلا مجال للندم ، ويجب ان تتوجه الجهود نحو البناء والإعمار ، علينا ان نصنع ربيعا سياسيا قبل ان يأتينا خريف العمر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك