المقالات

صوتك .. بطانيتك


محمد صبري الربيعي

عندما ألف أفلاطون كتابه الشهير ( الجمهورية ) الذي وضع فيه أسس بناء الدولة العادلة من خلال مناقشته لمفهوم العدالة ، طرح أفلاطون بين ثنايا كتابه مفهوماً مهماً وشرطاً أساسياً للقيادة عندما قال ان السلطة يجب ان تدفع للنائين عنها وليس للباحثين عنها او اللاهثين وراءها ، وفي ذلك حكمة كبيرة يجب علينا محاولة استيعابها ، فالذين ينأون بأنفسهم عن السلطة هم أشخاص لم تستطع بهرجة السلطان ان تعمي عيونهم ، ولم يبيعوا أنفسهم الى الدنيا لأنهم سلاطين أنفسهم من أصحاب الحكمة والضمير الحي والنفوس الأبية التي تبلغ بهم درجة من درجات الكمال ، اما اللاهثين وراء السلطة والحكم ، فهم من أصحاب النفوس الضعيفة الذين يشعرون بما فيهم من نقص فيحاولون تعويض ذلك بالتسلط على رقاب العباد والتحكم بمصائرهم ون وازع من ضمير او مخافة من مصير . ولان فكرة العدالة وتطبيقها تقض مضاجع الظالمين ، فقد كان لابد من محاربتها من أصحاب السلطة ، وكان أفلاطون الذي طرح فكرة العدالة هو أول الضحايا عندما قام احد طلابه ببيعه في سوق العبيد لأنه أراد ان يضع أسس الدولة العادلة .

كل ذلك استذكرته وأنا أرى اليوم تهافتا كبيرا من المرشحين الذين لا يملكون من المؤهلات الا الرغبة في التسلط والامتيازات ، والطمع بتقاسم ونهب ما تبقى من خيرات هذا البلد ، وما بين ليلة وضحاها وجد الفقراء أنفسهم محط اهتمام ، ووجدوا الدموع تذرف من اجلهم لأنهم الطبقة المظلومة في المجتمع ، مسلوبي الإرادة والحقوق ، وكما ان قاع البحر الذي فلقه الله لنبيه موسى وبني إسرائيل قد طلعت عليها الشمس مرة واحدة ولن تتكرر ، كذلك الأحياء الفقيرة تشرفت بزيارة المسؤولين والمرشحين للاطلاع على واقعها وتقديم الوعود بتوفير الخدمات لها في زيارات لن تتكرر أيضا ووعود لن تنفذ ، فهي وعود موقوتة الى حين إلقاء آخر ورقة في صناديق الاقتراع ، حينها على الفقراء ان يعودوا بهدوء الى ظلمات النسيان ، وان يجهزوا أصابعهم ليعضوها ندما على اختياراتهم ، وان يتحملوا البرد لسنوات حتى اقتراب الانتخابات القادمة ليزورهم احد المرشحين ويوزع عليهم بطانية تخفف عنهم شدة البرد ، وكأن الشعارات الانتخابية في العراق أصبحت ( صوتك بطانيتك ) ، فالبرامج الانتخابية والشعارات أصبحت جوفاء ومستهلكة ، ولا جديد يقدمه المرشح ، كأن الزمن قد توقف في العراق وتوفرت للشعب جميع الخدمات والبنى التحتية ، فلا أزمة كهرباء ولا ماء ولا أزمة سكن ، الأمن مستتب ولا وجود للإرهاب ، لم تعد هناك بطالة بين الشباب ، والأرامل والأيتام قد وجدوا الرعاية والدعم اللذان يضمنان لهم الحياة الكريمة . ان مستقبل العراق أصبح اليوم مرهونا بالشباب وإرادتهم في التغيير ، فشبابنا واع وأخطاء الأمس يجب الا تتكرر اليوم ، فلا مجال للندم ، ويجب ان تتوجه الجهود نحو البناء والإعمار ، علينا ان نصنع ربيعا سياسيا قبل ان يأتينا خريف العمر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك