بقلم : حســن علي _ غــزة
أيها الأخوة والأخوات الكتاب العراقيون في هذه الوكالة ..
اسمحوا لي أن أتوجه إليكم بهذا النداء .. ولا يقذفنّ في روعكم أني أحاول توجيهكم .. لأنكم أعظم من أن يوجهكم إنسان على وجه هذه الأرض .. وإنما أنا بعض الغابطين لكم .. الخادمين لتراب أقدامكم ... أيها الإخوة والأخوات اعلموا أنه ما من مصلح أو كاتب يقوم في مجتمع من مجتمعات البشر داعياً إلى ما تدعون إليه .. وخاصة في مجتمعاتنا العربية .. وما أدراكم ما هي؟؟ إلا وقد آذن نفسه بحروب ستشن عليه لا يخبو أوارها ولن تخمد نارها وذلك حتى يقنع الناس بصدق نظريته وأحقية قضيته أو يهلك دون ذلك… لا أعتبر أن موقف السياسي في داخل العراق أو الجندي الذي يقاتل المجرمين المرتدين التكفيريين , أو العراقي المحمدي ذو الدم المسفوح والأشلاء المقطعة بجانبه وكأنها نائحات يبكين عليه مظلوميته عبر التاريخ ولا ذنب له إلا أن النبي جده.. والوصي أبوه .. وفاطمة أمه .. وخديجة جدته .. والإيمان مذهبه .. والقران إمامه , لا أعتبر موقف هؤلاء جميعا بأحرج أو أصعب من موقف الكاتب الذي يكتب في وكالة هي أساسا قائمة من أجل إنقاذ هذا العراقي المحمدي الذي تحدثتُ عنه قبل قليل . ليس حفظ الأجسام أرواحها أيها الأخوة بأصعب من دوركم الذي تقومون به من زرع النفوس قيمها وميولها وأفكارها واعتزازها بشخصيتها وحبها لمذهبها وعقيدتها وحاجتها إلى التضحية والفداء من أجل العراق العظيم .. وهذا ما تقومون به يا إخواني .. إن الكاتب ليبذل دمه وجهده ووقته وأعصابه وكل خلية من خلاياه صيانة لعقيدته ومذهبه وفكره ومبادئه التي ينتخي لها .. ولا يبذل كل ما سبق صيانةً لدمه ,لأنه لو فعل ذلك فان هذا شيئا معيبا وعار لا يرتضيه الكاتب الحر الشريف لنفسه .. لم تسل الدماء ولم تتمزق الأشلاء منذ موت النبي صلى الله عليه وآله وحتى اليوم إلا حماية للمذهب وذوداً عن العقيدة .. لذلك كنتم أنتم أيها الكُتّاب العراقيون الأبطال وكان السابقون لكم على هذا الخط المحمدي كنتم أعداء للأمة .. لأنكم تحاولون دائما أن تُذكّروا هذه الأمة العربية الغافلة بما لا تريد أن تتذكره بأن بعض أجدادهم كانوا قتلةً للصحابة والتابعين , وأمهم هي آكلة كبود الشهداء الطاهرين … من يكتب أيها الإخوة ويؤمن بما يكتبه هو أحوج الناس إلى العزيمة الثابتة الراسخة , والقلب الصابر على احتمال المصائب والبلايا التي سيلاقيها في سبيل دعوته ومنهجه حتى يبلغ غايته التي يريد وهي غاية الحق والخير والجمال لجميع البشر أو يموت في سبيل ذلك ..
الكاتب الصادق كما أنتم يا إخواني لا يبالي أن يسميه الناس خائن , أو جاهل , أو زنديق , أو ملحد , أو ضال , أو كافر , لأن ذلك هو الذي ينبغي أن يكون .. ولا سيما لو كانت مساحة القارئين له تمتد من المحيط الهادر وحتى الخليج الثائر؟؟؟؟؟ الكاتب الصادق يا إخواني يعلم أن محمدا صلى الله عليه واله عاش عند أعدائه كذابا ساحرا فلما مات مات سيد المرسلين .. وأن الحسين عليه السلام شارك أقوام في قتله فلما فصلوا رأسه الشريف عن جسده الطاهر بكوا عليه .. وان ابن رشد عاش مهانا ذليلا وكان الناس يبصقون عليه , ومات فيلسوف الشرق .. وأن أبو حامد الغزالي عاش حياته متهما بالإلحاد والكفر , ومات حجة الإسلام.. الكاتب الصادق الواعي يعرف ذلك .. فإياكم يا إخواني أن تحيدوا عن طريقكم الشائكة التي اخترتموها لأنفسكم وحذار من وسوسة الشيطان الذي ما انفك يوسوس للعاجزين الجاهلين من " كُتّاب ومثقفي العرب " فأسكت ألسنتهم عن قول الحق , وحبس أرواحهم عن الانطلاق في سبيل الإرشاد والهداية , فأصبحوا لا وظيفة لهم إلا تكرار ما يقوله حكامهم الفاسدين المفسدين المتاجرين بشعب العراق وتلك هي عقيدتهم .. ولعمري فان المدح الكاذب الذي يمارسونه بحق زعمائهم الهالكين هو ذم , والبناء على غير أساس هو هدم , فجمدت أذهانهم وأذهان قارئيهم وتبلدت أحاسيسهم إن بقي لديهم إحساس , وأصبحت عقولهم _ إن كانوا يفقهون _ في زنزانة مظلمة لا تطلع عليها شمس , ولا ينفذ إليها هواء … أصبحوا موظفين في شركات الحاكم العربي الملعون شركات الاستيراد والتصدير يصدرون إلى عراق الشموخ والكبرياء أجسادا نتنة تنفجر في أناس ليس لهم جريرة ولا ذنب غير أنهم أتباع محمد واله ..
أيها الكُتّاب العراقيون المحمديون حقا في هذه الوكالة المحترمة أنتم الحق والآخرون هم الباطل.. ولن يستطيع الباطل أن يصرع الحق في ميدان من الميادين .. لأن الحق وجود شامخ وبناء راسخ , والباطل عدم زائل وبناء على غير أساس .. وإياكم يا إخواني من الفتور وضعف الهمة بسبب كثرة الباطل وانعدام الرؤية وضبابية الموقف .. فان أهل الحق دائما قلة " وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله " واعلموا أن من المحال أن يهدم صرح الباطل فرد واحد في عصر واحد , وإنما يهدمه أفراد عديدون في عصور متعددة , فالأول يهزه هزة تفرق حجارته ثم ينقض الثاني منه حجرا والثالث حجرا آخر .. وهكذا حتى يزيلونه تماما عن موضعه .. رأيتُ كُتّابنا على امتداد العالم العربي …هذا إن كانوا عالما أصلا أو كانوا عرب؟؟ رأيتهم في أمتنا أربعة صنوف : كاتب عرف الحق فكتمه جبنا وعجزا , وكاتب عرف الحق ونطق به ولكنه جهل طريق السياسة والحكمة في دعوته فهجم على الناس فأزعجها عما يكتب ونفّرها مما يقول , وكاتب لا يعرف حقا ولا باطلا فهو متخبط في خطابه ومقاله كحاطب ليل , يدعو إلى الشر والخير والباطل والحق والنافع والضار .. وكاتب عرف الحق ودعا الأمة إلى الباطل وأحسب أن هذا حال أغلب كُتّابنا العرب وهم بالمناسبة أخبث الأربعة السابقين لأنهم أعداء الأمة في ثوب الصديق أوردوا أمتهم إلى الهلاك والتلف باسم الهداية والإصلاح وأدام الله الزعيم العربي وحفظه قولوا آمين؟؟؟؟؟؟؟ فكيف بالله عليكم ستستفيد الأمة رشدها وهدايتها وكيف ستصبح أمة لها مكانها على خريطة الناس وهؤلاء هم مثقفوها وكتابها وقادتها إلى عصور التنوير والديمقراطية التي يتفننون في سحقها وسحق كل من ينادي بها جهرا وعلانية .. إياكم يا إخواني أن تكونوا كهذه الأنواع الأربعة من الكُتّاب والمثقفين وحاشاكم أن تكونوا .. تذكروا دائما عندما تكتبون تذكروا عراقكم المسكين المذبوح بمُدية الإجرام العربي .. تذكروه راسفا في قيود المجرمين الأوباش يبكي ويصرخ .. ولا منجد ولا معين .. اذكروه عراقكم .. اذكروه عندما تكتبون أيها الإخوة يئن في يد عدوه أنين الثكلى على زوجها .. فلا من يسمع أو يصغي .. عندما تكتبون مقالاتكم اجعلوا ملء صدوركم وقلوبكم الطاهرة وضمائركم النقية صورة الناس يُذبحون .. أجسادهم .. أشلاؤهم .. دماؤهم .. جراحهم النازفات .. تذكروا أنكم لا تملكون إلا أقلامكم .. ويا لعظمة أقلامكم .. تلكم الأقلام التي آمنت وما زالت تؤمن أنكم شعب عظيم بطل .. إن أصابتكم النكبات والمصائب فهذا ما تعودتم عليه , وان رجعت لكم دولة فذاك ما انتظرتموه .. اجعلوا يا إخواني وأخواتي لكل حال رد جاهز .. ولكل مقام باطل مقال حق يصدعه ويهزه وينشر زيفه وبهتانه أمام العالمين " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق" .. اجعلوا أقلامكم صبرا عند البلاء , وشكرا عند النعمة , ولقد شُتم أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر ألف شهر فما شككتم بوصيته , فكيف سترتابون اليوم بصدق طريقكم وعدالة قضيتكم وعظمة أقلامكم ودورها في المعركة ؟؟
تذكروا ذلك أيها الإخوة وحذارِ أن تنسوا ما لاقاه شعبكم العراقي الصابر أيامَ كنتم غرباء في وطنكم .. أذلاء في دياركم .. تمشون مشية المذعور وتتخبطون تخبط المسحور لا تعلمون أيسقط عليكم الشقاء والموت الزؤام من السماء ؟ أم ينبعث إليكم من أعماق الأرض ؟ تذكروا ذلك جيدا.. وذلك حتى تعشقون طريقكم التي انتم سائرون فيها الآن وتستسهلوا ما عظم من بلاياكم ومصائبكم وألا يكبرن عليكم محنتكم ورزاياكم التي ستفرج قريبا إن شاء الله .. اذكروا أيام كانوا يتملكون عليكم كل شيء في عراقكم الحبيب حتى زروعكم وضروعكم ومياه أنهاركم وأشعة شمسكم .. يحصون عليكم حركاتكم ويحاسبونكم على النظرة واللفتة والزفرة والأنة والقعدة والقومة ؟؟ ثم يقضون فيكم بما شاءوا , فلا تغيب شمس نهار إلا عن مظلوم مصلوب على أعواد المشانق تذروه الرياح السافيات , أو مرتهن في غياهب سجون الإجرام البعثي الصدامي .. اذكروا ذلك يا إخواني ولا تنسوه .. اذكروا الدموع التي كم ذرفتها أمهات على أطفالهن وشبابهن في عهد الإجرام البائد الكافر.. اذكروا صيحات الأخوات والزوجات على أبواب سجون الفاشستي يبكين إخوانهن وأزواجهن عسى أن تسمع صوت أخيها أو زوجها فترد إليها روحها , اذكروا الشهقات التي كان يشهقها اليتامى على حافات المقابر الجماعية كلما اكتشفوا مقبرة جماعية أو صادفوها فجأة ... اذكروا واعرفوه كما معرفتكم أبنائكم .. واعلموا أنكم وسط قوم من العرب الحاقدين عليكم .. وأن الله ابتلاكم بهم .. ابتلاكم بأقوام لو سألتهم عن يحيى بن زكريا لقالوا انه زنى , ولو ذكّرتهم بالقائم لادعوا زورا وبهتانا أنه مضى , قوم لو استخبرتهم عن إبليس لذكروا انه سجد لآدم , قوما جعلوا الضوء عتمة , والبدعة سنة .. قوما جعلوا الشرف والعز في عدي وتيم , وجعلوا هاشما في الناس أذناب .. قوما جعلوا معاوية أول من أحيا السنة وأمات البدعة كما أن الحجاج لعنه الله أول من سن الرحمة ونسخ القسوة .. وان إبليس أصاب في تفضيل النار على الطين فلذلك جُعل من المنظرين إلى يوم الدين .. هذه حال القوم يا إخواني يا من تكتبون في هذه الوكالة المحترمة وكل الأقلام الحرة النظيفة .. هذه هي حال العرب وإيمانهم .. فلا تستثقلوا ذلك ولا تتبرموا ولا يكبرن عليكم هذا الواقع الذي تعيشونه انتم في العراق ونحن في فلسطين , واحرصوا الحرص كله على ألا يعلق بنفوسكم عالق من هذه الأقوام الفانية قريبا إن شاء الله , واعلموا أنكم إلى أنفسكم وشعبكم الحزين المذبوح أحوج منكم إلى هذه الشعوب الغارقة في شهواتها والحكام الذين يصلون في محراب الأمريكي والصهيوني يوميا أكثر من عدد الصلوات التي أمر بها الرب المتعالي , وينفسون على حكومة العراق التي انتخبت بطريقة ديمقراطية حضارية ينفسون عليها وجودها واستمرارها ويسعون للإطاحة بها جهارا نهارا في رابعة النهار دون حياء أو خجل .. إخواني ..
اجعلوا نصب أعينكم عقيدتكم الراسخة تلوذون بها وتستريحون في أعطاف جنانها كلما ضاق ذرعكم باحتمال جحيم الحياة ومصائب العراق .. اعرف أنكم تذرفون دموعكم وتبحون حناجركم وتصرخون في مقالاتكم إلى العرب أن يكفوا أيديهم الخبيثة عنكم , وأنتم متيقنون أنكم تسكبون هذه الدموع في ارض قاحلة جرداء لا تنبت , وأنكم تسهرون لياليكم اعتقادا بان ظلماتها ستنحسر عن فجر جديد أو نهار سعيد .. فتصبحون على أخبار الانفجارات التي تلتهم الناس إلتهاماً .. ولكن لا بأس .. حسنا أيها الأبطال .. في سبيل الله ما لاقيتم وشعبكم .. في سبيل من سبقكم من الأئمة الطاهرين الذين لم يشربوا كأسا من الموت إلا شربها شيعتهم وأولياؤهم … ولا قاسوا لونا من العذاب إلا قاساه أنصارهم وأتباعهم .. في سبيل الألوف الذين قتلهم زياد بن سمية من شيعة الكوفة والبصرة .. في سبيل من قتلهم معاوية فقبضه الله على أسوأ أعماله وختم عمره بشر أحواله .. فتبعه ابنه الملعون يجهز على جرحاه ويقتل أبناء قتلاه ويسلط عليهم الدعي بن الدعي عبيد الله بن زياد بن سمية يقتلهم ألوان القتل , ويصلبهم وأبناءهم إلى جذوع النخل حتى اجتث الله روحه بدمائهم التي سفك , وحريمهم الذين انتهك … في سبيل هؤلاء أنشدكم الله يا أصحاب الأقلام والمقالات الحرة الكريمة في هذه الوكالة العظيمة أن تستمروا .. وألا تلقوا بأسلحتكم أيها القوم .. ولا تسلموا مقاليد أموركم ولا عزائمكم الجبارة وهممكم العالية وأقلامكم الفتاكة إلى العرب الذين باعوا دينهم وأطاعوا رومهم .. فانه لا يركن إليهم إلا الأذلاء الجبناء .. وما فيكم ذليل ولا جبان … الهجوم الأخير أيها الأبطال .. النزال الأخير أيها الشرفاء .. المعركة الفاصلة أيها العظماء .. فها هي طبول القائد الأعظم قائم آل محمد تدنو من بعيد وتقترب أليكم والينا .. وليس بينكم وبين الانتصار الأخير إلا كَرّة واحدة … أدعو الله أن يرزقنا الحشر في زمرة من أحببناه ... ويرزقنا شفاعة من توليناه , إذا دُعي كل أناس بإمامهم , وسيق كل فريق تحت لوائهم .. إنه سميع قريب يسمع ويجيب ..
أخوكم حسن علي .. غزة
https://telegram.me/buratha