بقلم : حســن علي _ غـــزة
ما زلت كل يوم أفكر في العراق وما الذي أصابه ؟؟ عرفت الشعب العراقي ورأيته الآن في موقف من أصعب المواقف ومسلك من أعسر المسالك , لقد وُضع الشعب العراقي بين ماضغي الأسد وفوق روق الظبي , أراه شعبا حزينا مهموما ما فتئت حوادث الدهر وعاديات الأيام تملك عليه أيامه .. مَثل الشعب العراقي اليوم كمثل رجل أحاطت النيران بيته من كل جانب واستعرت بسقوفه وجدرانه , وشبابيكه وأبوابه , فما هو سينجو إذا أراد النجاة , ولا يستطيع أن يبقى إذا أراد البقاء ومثله كمثل آخر ضل به طريقه , وتشابهت عليه المسالك , في ليلة حالكة الظلمات قد غاب قمرها , واختفت نجومها , فوقف وقفة الحيران المضطرب يسمع الزئير والعواء من كل جانب ويحس بأصوات الفحيح والنقيق والصفير فصار في حيرة من أمره. أيتقدم أماما فيزدادا ضلالا ؟ أم يحجم ويقف مكانه فلا يجد لذلك مجالا وربما أصبح فريسة للمفترس ولقمة للمزدرد ؟ أرى الآن هذا الشعب المظلوم المكلوم المحروم الحزين عبر التاريخ أراه أصبح لا يدري ماذا يريد ؟؟ ولا يعرف ماذا يُراد له؟؟ واراني لا أرى من يرد إليه حقه ويعيد له ما سُلب من حريته وأرزاقه ومقدراته عبر التاريخ؟؟ لا أرى من يمد له يده ليأخذ به من هذه الظلمة الحالكة والليل البهيم ...
كثُر و أثقل على هذا الشعب رؤساؤه , وتعدُّد قادته... وتنوع أحلامه وآماله , واختلاف طرقه, واستحكام حلقات البأس واليأس بين كثير من جموعه , وارى حكومة تحاول ولكنها عاجزة .. مسكينة هذه الحكومة .. بُح صوتها .. وضاق صدرها .. وأحيانا يجف ريقها .. ويتحجر لسانها .. والآخرون ينظرون إليها نظرة الحقد والضغينة والحسد, بل ويسعون للإطاحة بها والإجهاز عليها , ولا احسب أنهم سيتركون العراق وحكومته حتى يفرقوا بين الرأس والجسد فراقا لا لقاء بعده ... أراني أتخيل لو بُعث أرسطو مبتكر علم المنطق من رقدته , وأراد أن يضع حدا منطقيا للوضع العراقي الآن , لما استطاع أن يضع له هذا الحد لان المعطيات التي تلزمه لذلك معطيات جنونية لا يقبلها المنطق الأرسطي أصلا .. والوضع السائد خير شاهد على ذلك ..
أي منطق سيستوعب ما يحدث الآن في العراق بعد تكالب العرب والعجم والروم وأوباش التاريخ عليه؟؟ عذرا أرسطو ارجع الآن إلى قبرك واترك المنطق الجديد للإجرام العربي والأمويين الجدد ليخلقوا عراقا نظيفا على طريقة أفلام الكاوبوي الأمريكية .. اتركه لتجار الدماء وأعداء الإنسانية وخصوم الله الذين سترميهم السماء بصواعقها ورجومها والأرض بزلازلها وثوراتها عما قليل إن شاء الله...أيها الوهابيون أيها البعثيون ...أيها الشياطين تباً لكم يا وقود النار سحقاً لكم يا أيها المرتزقة الأوباش...لعناً عليكم في كل إشراقة شمس تشرق على عراقنا الحبيب ... ماذا تريدون يا من تملّككم الإجرام وجرى بنطف آبائكم من أعداء محمد صلى الله عليه واله إلى أن وصلتكم هذه النطف المليئة بالرذيلة والعار ؟ لقد صيّرتم البلد إلى العصور الظلامية التي لا تحبون أن تعيشوا إلا فيها ... لكن خاب فألكم وطاش سهمكم وفشل مبتغاكم ... لقد قطعتم الوشائج والوصائل وألقيتم العداوة والبغضاء بين الأب وابنه والرجل وأخيه , والجار وجاره , والخليل وخليله , حتى ركب الناس رؤوسهم ومضى كلٌّ إلى غايته يبحث عن مصالح فئوية ضيقة وعبثية حتى ولو كانت على حساب كرامة وحرية مصالح بلده وعزته واستقلاله .. لقد تناكرت وجوه الناس واستوحشت نفوسهم , وحل الخراب والدمار الذي هو أصلكم ومبتغاكم ..
كل غرض تزعمون أنكم تريدون أن توصلوا الشعب إليه لا قيمة له بعد أن أضعتم غرض الأمة من الاتحاد والائتلاف.. ليس هذا القتل والإجرام بين جماعات الشعب حالة من الحالات الطبيعية التي لابد منها , ولا مناص عنها , انتم لستم قدرنا يا حثالات الأرض وزبالة التاريخ , كل ما يحدث الآن في عراقنا الحبيب هو صنعة أياديكم المجرمة الملعونة , وجناية أقلامكم الشريرة المسمومة , ولو أنكم تتركون هذا الشعب وشأنه , وخليتم بينه وبين فطرة التعايش لديه لما كان سيخطر بباله أن يتعادى وأن يتباغض , ولكن انتم أيها البعثيون ... أيها الوهابيون... أيها المجرمون... انتم لا خصام بينكم لا مراء لا خداع لا نفاق لا رياء ويبدو أن الشعب العراقي هو الذي يضطهدكم وهو الذي يفجر أجساده بينكم .. أنتم الخٌلق العظيم والقلب الطاهر , والشعب هو الظالم المتجبر عليكم ابد الدهر .. انتم الحب .. والشعب هو المجرم هو الإرهاب .. الشعب هو القاتل هو الحاقد .. هكذا تريدون أن تقرؤوا المعادلة ؟؟ هكذا تروق لكم العبارات ؟ هكذا؟ انتم .. من أنتم ؟؟ قبَّحكم الله ولعن أرواحكم الشريرة وأسكنكم مع مردة الجن وأوباش الناس دار الخزي في الدنيا والآخرة ... أنا لا أطلب منكم بهذا المقال الرحمة بالعراق ولا الشفقة بشعبه , لان قلوبا مثل قلوبكم التي تنطوي عليها أجسادكم العفنة أقسى من أن ينفذ إليها سيف الضارب أو قلم كاتب.. وأنت يا أيها الشعب العراقي العظيم تقدّم ولا تهابنّ هؤلاء الشرذمة الذين يحفرون لأنفسهم قبورا بأجسادهم النتنة ولن يكونوا إلا في حفر النار .. تقدّموا أيها العراقيون ولا يكبرن عليكم تلك الدماء التي تسيل من أجسامكم ولا تلك الأشلاء الطاهرة لأنها ستتحول إلى شواظ نار أحمر يهوي فوق رؤوس أعدائكم ويحرقهم أجمعين .. وان هذه الصرخات والآهات المترددة في صدوركم , ليست إلا أنفاس أهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله أنفاس تصعد إلى رب السموات العلى أن يأخذ لكم حقكم , ويعديكم على عدوكم إنه سميع مجيب الدعاء .. أعداؤكم أيها العراقيون قتلوا صبيانكم وشقوا بطون نسائكم , واخذوا بلحى أشياخكم , فاصدقوا في حملتكم عليهم , واقتلوهم حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد وشردوا بهم من خلفهم ودوسوهم بسنابك خيولكم , وأزعجوهم حتى عن شرابهم وطعامهم ...
أيها الشعب العراقي البطل يا أتباع محمد : إن محب الموت لا يموت , ومريد القتل لن يقتلوه .. فإن كنتم قد طلبتم الحياة الحرة الكريمة فانتزعوها من بين ماضغي الأسد .. لأنكم لو لم تفعلوا ستعيشون ابد الدهر في حياة البؤس والجحيم والقهر والاستعباد وحاشاكم أن ترجعوا إلى مثل هذه الحياة ... إن أبطال الإسلام وال بيت رسول الله الأطهار .. أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .. إن الحسين الشهيد .. إن مسلم بن عقيل .. إن عمار بن ياسر .. إن مالك الأشتر .. إن الحر بن يزيد الرياحي .. وكل شهداء ورجال الله من السابقين الأولين يشرفون عليكم الآن وينظرون إليكم من علياء السماء , لينظروا ماذا ستفعلون بميراثهم ؟ فامضوا أيها العراقيون في طريقكم , وفرقوا بإرادتكم الصلبة وأرواحكم الفتّاكة حجاب الموت المنسدل بينكم وبينهم وقولوا لهم : إنّا بكم لاحقون , وإننا على خطاكم وطريقكم لمهتدون ... هذا يوم أيها الشعب العراقي البطل يوم له ما بعده فلا تسلموا رقابكم إلى عدوكم , فإنكم إن تفعلوا لن ترفعوا رؤوسكم الشامخة بعد اليوم .. أيها العراقيون أنا اكتب لكم الآن هذه الكلمات وليس على وجه الأرض ولا تحت السماء شعب أحب إلي منكم . ويكفيكم من ذلك أني اسمع بالمصائب تحل بكم , فيشغلني أمركم أكثر من أمر نفسي ووطني الذي أعيش فيه .. وأفيض من دموعي عليكم بما لا تفيض به في أحرج المواقف وأصعب المواطن ... أدعوكم إلى الاتحاد ادعوكم إلى الائتلاف .. وان تبايعوا الله على الحب والود والصفاء والإخلاص , وألا تجعلوا للمفسدين في الأرض منفذا إلى قلوبكم , واحذروا أن تكونوا مطيّة أو ركوبة أو لعبة في يد كل من يدعي الزعامة الفارغة المزيفة ... واعلموا أن ما بينكم اليوم من الخلاف في الرأي إنما هو وهم كاذب , وخيال باطل , لأنكم لو ترجعون إلى أنفسكم وأصغيتم إلى قلوبكم , سيتبين لكم انه لا يوجد فرد من أفراد هذا الشعب إلا وهو حريص على أخيه كما حرصه على حب وطنه وإرادة الحياة الحرة الكريمة له ... سدّد الله سبيلكم ... وأنار لكم الطريق ... وبارك في أرواحكم .. وأفاض عليكم من إحسانه ما يفرّج كروبكم , ويزيل همومكم , ويكشف غمتكم
اخوكم حسن علي _غزة
https://telegram.me/buratha