علي محسن الجواري إعلامي وناشط مدني
منذ أن وجد الإنسان، في هذه الأرض، وأسس القرية والمدينة والدولة، كان دائما ما يبحث عن إنسان يقوده، إنسان لا يختلف عنه كثيرا في الشكل، ولكنه مختلف بطريقة التفكير، ومعروف غالباً بحسن التصرف والتدبير، لذلك أسست مجالس للشيوخ كما هو الحال في روما وأثينا، ومجالس حكماء، كما هو الحال في بلاد ما بين النهرين..الخ من الصيغ وكل بقعة حسب تسميتها، إلى أن تطورت الدول وأصبحت بالشكل الذي نراه ، لكنها لم تتخل عن تلك المجالس وان اختلف الأمر ، بعض الشيء هنا أو هناك.وفي أيامنا هذه، استعانت الدولة الحديثة، بمجالس برلمانية، ومجالس شيوخ، كشكل ونمط ونظام سياسي ديمقراطي، يعتمد على الاستشارة والرقابة وتصحيح المسارات، ورغم ذلك كان للدور الذي تلعبه المرجعيات الدينية، أثره الأكبر، كون إن رأيها وفتواها، لا تحده حدود جغرافية، ولا يقيده قانون وضعي، ولعل خير مثال على ذلك، حضيرة الفاتيكان وما ترمز إليه وتعنيه عند المسيح الكاثوليك، بل ولها تأثيرها على كل الأديان الأخرى، كذلك الأزهر الشريف، والحوزة العلمية، بل أن ما تلعبه الشخصية الدينية كالبابا، وما ترمز إليه، وتأثيرها العميق والمهم على الكثير من الأحداث على الساحة الدولية وعلى مختلف الأصعدة، وكذلك شخصية الدالي لاما، والشخصيات والرموز الدينية المؤثرة كثيرة، فالارشاد والتوجيه الديني، ولعب دور مهم في توجيه الناس للاختيار الصحيح في الحياة عامة وفي متعلقات الدين خاصة، والدين والالتزام به، يرتقي بسلوك الانسان، خاصة فيما يتعلق بديننا الاسلامي الحنيف، ورجل الدين له مكانته واحترامه ليس في وسط مؤسسته الدينية وحسب، بل يتعدى ذلك لعموم المجتمع، فتراه يحضى بالقبول والترحيب والاحترام لانه يمثل في جانب معين المرشد العارف بطريق المرضاة لله تعالى ومرشد للناس لهذا الطريق، وعادة ما يشذ البعض من عامة الناس عن هذه القاعدة، واعني الاحترام والترحيب والقبول، بل ربما تجاوز البعض من جهلة الناس لمهاجمة رجل الدين، وقد كانت هذه السلوكيات منتشرة في فترة معينة، خاصة في المجتمعات التي انتشرت فيها العقائد الوثنية أو التفكير الإلحادي، كالشيوعية مثلاً، ولكن ما نواجهه في الدول الإسلامية وفي مجتمعنا العراقي خاصة، قيام نفر جاهل بالتجاوز على المراجع الدينية، ولعلنا لا نجانب الحقيقة أن قلنا أن الشجرة المثمرة ترمى بالحجارة دائما، وما يؤلم حقاً، أن من يهاجم، لا يرقى بأي حال إلى مستوى المرجعية العلمي، ولا حتى يحترم العمر وشيبة المرجع، فتراه كالقرد يقفز هنا وهنا، تقوم أغلبية هجماته ولا أقول انتقاداته، على عنصرية شاذة، وضياع فكري، تكشف لنا جلياً عن سطحية التفكير، وتفاهة الرأي، فهو أي المهاجم، مقلد ببغاوي، ليس له رأي صائب أصيل، بل يأخذ أرائه من غيره، ويردد ما يلقنه له الآخرون، ولعل ابرز المراجع التي تعرضت للكثير من هذه الهجمات، المرجعية الرشيدة لسماحة السيد السيستاني، إمام الطائفة الشيعية، ولشد ما يؤلمني، هو قيام بعض حديثي السن (الزعاطيط) بتوجه كلمات لا تليق بمقامه الشريف، وانتقاده بدون فهم، وهذا ما دأب عليه الهمج الرعاع، كما وصفهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، ولا أظن أن اغلبهم يحسن الوضوء أو قراءة قصار السور قراءة صحيحة، وأمثال هؤلاء، من قليلي الأدب، لا اعتقد انه يحترمون أبويهم في البيت أيضا، وقد ابتليت بهم المرجعية الرشيدة كما ابتلي بهم المجتمع، أنهم بحق جزء من محنة المرجعية، وجزء من البلاء الذي يصيب المجتمع.وإزاء كل هذه الهجمات، نرى المرجعية الرشيدة، تقف بكل حكمة، لترعى الجميع دون استثناء، حتى من يسيء إليها، تعاملهم بحنو الأب على ابنه، كيف لا وهي امتداد لفكر المعصوم، وحلمه، ولا نحتاج لمراجعة مجهدة، لنعرف من خلال ما روي عن المعصومين عليهم السلام، من حلمهم وصبرهم على الجهلة والمسيئين، فصبراً، يا حماة الدين، ويا رايته الخفاقة، فحكمتكم كما نعلم تحتوي أصعب المواقف، ولولاها، لأصبح هذا البلد خراباً، وان كان البعض قد نسى أو تناسى، ادعوه ليتذكر ويحكم ضميره، ويتخذ الموقف الصحيح..سلامي
https://telegram.me/buratha