المقالات

البصرة مرملة في يوم زفافها


واثق الجابري

في مقالة سابقة كتبت بعد نهاية خليجي 21 مقال بعنوان (خسرنا الخليج لنربح البصرة), كنت أنقل حسرة وألم خسارتنا في تلك الدورة, سنوات كنا نعيش فيها العزلة الدولية والرياضية, لم يقف مع الشعب العراقي أحد وهو يذبح كل يوم, كان من المقرر إقامتها في البصرة ولكن اللجنة المشرفة رفضت ونقلتها للبحرين, تعالت الأصوات وتحركت العواطف وتفجرت البراكين في دواخلنا متهمين العرب بالمؤامرة علينا, والفيفا إتهامناه بالرشوة, ما نعانيه أصبحنا نشكك بالبعيد والقريب, شعبنا يذبحه العدو بأيادي وحواضن الداخل, الجار يبيع جاره والصديق يخون صديقه, مزقنا الإرهاب وإستخدم جميع وسائله الخبثة لتفرقتنا. نبكي حينما تنهي المباراة ونفوز فرحناً بالفوز وحزناً على ذلك الفرح الموحد الفاقدين له منذ قرون, نبكي لأننا لا نعيش مثل بقية الشعوب التي تجاوزتنا في العمران والتقدم وإقتصاد الفرد والسكن والأمن والرفاهية, نعم فرقنا الساسة وجمعتنا الرياضة, نحلم ان نكون مثل تلك الأمم التي لا تفوقنا بالثروات, نطمح أن نقيم الدورة 22 في البصرة, نستقبل ضيوف العراق ونعملهم كرم العراقيين وطيبة أبناء البصرة, كنت اخاف ان يأتون وتكشف عوراتنا ومأساة البصريين, شوارع أسنة وأمن مفقود وماء مالح, شناشيل متهالكة وشباب يجوبون الشوارع بحثاً عن عمل في مدن العراق, الفقر أكل أهلها وهي شريان العراق, تحمل الذهب وتأكل الشوك, لا تحصل من نفطها سوى الأمراض وتلوث البيئة والسيارات التي تزاحم حياتها المدنية, أمل كان يلوح في الإفق أن تكتمل المدينة الرياضية والبصرة بأقتصادها مركز وعاصمة اقتصادية تغذي العراق, تصادمت على أرضها أنابيب النفط والمصالح, ماتت أمنياتها مثل نخليها وقوفاً, ضاع حلمنا لإحتضان دورة الخليج والتطور, المدينة الرياضية رغم إنها افتتحت أمام الإعلام بعد نقل الدورة22 الى جدة, كان تحدي للجان التي نقلتها من العراق وحرمت أبنائه الحلم الكبيرة, لم يصمد المهرجان الاّ ساعات وإنقطعت الكهرباء, إوقفت المباراة وعرفنا أن المدينة من الظاهر لم تكتمل والبصرة مدينة منخورة, وبالعودة الى شوارع مدينة الخير وسلة العراق,مأسي وهموم كبيرة, لا تزال محرومة من الصلاحيات والبترودولار بيد الحكومة المركزية, ولا يزال شبابها عاطلون عن العمل والتعليم متأخر, مدينة تفوق دبي وجدة والخليج بأكمله, غير مؤهلة لإستقبال الضيوف, كيف لها بتلك الشوارع ان تحتضن يومياً ما يزيد عن 100 ألف سائح, المدينة الرياضية وحدها تحتاج 1000 ميكا واط بينما تجهيز البصرة 800 ميكا واط يزاحم السكان إحتياج معامل النفط والبتروكيمياويات. كيف تروي ضمأ الشباب العراقي للأحتفال بتلك العروس المرملة في ليل زفافها, ماذا نقول للسياب والظلام لا زال يحتضن العراق, وماذا نقول لمدينة العلماء والمفكرين والشعراء وهي تعيش الفقر والأمية, كنت أتمنى أن تكون الإستعدادت كبيرة ونرى البصرة بصورة تضاهي العواصم الأخرى المشابهة, بشوارع نظيفة ومشاريع عملاقة وناطحات سحاب ومعابر حدودية متطورة, نفصح عن حضارتنا ويتجول السائحون في أور وبابل والحدباء وسامراء والمراقد المقدسة, يتسوقون من أسواق كبيرة وخدمات متطورة, رسم على الأواني والملاعق والملابس تاريخ أقدم الحضارات, لكننا خسرنا إحتضان الدورة وخسرنا ان نرى البصرة بثوب بهي نجاري به العالم ومورد إقتصادي يدر خيراً على العراقيين.البصرة لا يراد لها ان تفرح ويفرح بها العراقيون, ولا تزال من يوم الجمل الى اليوم مدينة للمؤامرات والحلم بالسلطة إنطلاقاً منها, لكننا خسرنا تنظيم دورة الخليج وخسرنا البصرة أن نجعلها مدينة تليق بخيراتها ويرد الجميل لتضحيات أهلها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك