المقالات

الفوضى ومعادلة التحديات الامنية في العراق ...


عون الربيعي

في ظل حالة المد والجزر التي تشهدها المنطقة مع تصاعد حدة التواترات الطائفية لابد من الالتفات الى ما يحدث في سوريا من متغيرات انعكست اثارها سلبا على الداخل العراقي بتسارع وتيرة الاحداث الامنية وتزايد حالات الاستهداف الممنهج الذي يذكرنا بما شهدته البلاد العام 2005 وان تحدث البعض عن وجود خروقات الى انها ليست كذلك بالمعنى الدقيق للوصف لان الخرق الامني اذا ما حدث فان حالات حصوله لا تتكرر بسهولة وهذا يعني ان هناك بنية منظمة قوية تتعرض لاختراق ما بينما الوضع في العراق اشبه ما يكون بالفوضى الامنية وعدم وجود القيادة الواضحة والخطط المحكمة التي تجبر قوى الارهاب على التراجع والتقهقهر لا ان تتحول الى قوى اساسية في المشهد الامني والسياسي وبعيدا عن اسباب قوة التنظيمات الارهابية ومن يقف ورائها ومن يغذيها ويخطط لها ويدعمها ويمنحها الغطاء لتنفذ مثل هذه الاعمال القذرة لابد من وجود حلول سياسية وقانونية تمنع اسباب هذا الدعم وتقلل منه وتسهم بردع القوى الخارجية والداخلية من ممارسة عمليات القتل واستباحة الدم العراقي وهنا يمكن ان نصف التصريحات الحمقاء لبعض الساسة على انها تصريحات انفعالية فارغة تبريرية تدور حول المشكلة ولا تغوص الى قعرها لحلها جذريا فمثلا التصريحات التي سمعناها من برلمانيين في فريق الحكومة والتي تؤشر وجود تدخل خليجي سعودي واخر اقليمي تركي في الشان العراقي وهي وجهة نظر تتطابق مع ما نعرفه ونراه ونلمسه وهو ما صرحت به وثائق امريكية قبل اشهر لكن المستغرب ان احدا لم يحدد كيفية الردع ومنع ىهذه الاطراف من التدخل ودعم جماعات القتل الوالغة بالدم العراقي وباستعراض تصريحات اخرى تتحدث عن عدم الصمت عن جرائم القتل المدعزمة خارجيا نجد ان الخطاب هو ذاته بينما يشنع العلواني ويهدد ويتوعد بل ويدافع عن افكار سمجة من قبيل انه يحارب علنا مليشيات ايران في العراق دون تسمية هذه المليشيات وتحديدها ليكون بذلك كل شيعة العراق تحت مرمى نيران جماعات العلواني وخطابه التاجيجي المدفوع الثمن ليس هذا فحسب بل ان البرلمان لم يكلف نفسه برفع حصانته عن هذا القاتل وامثاله وهم كثر ولم يدن تصريحاتهم وافعالهم لنبقى في نفس دائرة التسويف والمماطلة التي تصب كلها في اضعاف الدولة وتحويلها الى دولة (شقاوات) وفتوات وجماعات مسلحة متناحرة تستقوي بالارهابيين والماجورين وكاننا نتغافل عن صفقات دولية بات العراق المتضرر الاكبر منها فكل دول المنطقة لاتريد ان ينتهي مسلسل اراقة الدم العراقي بما فيها امريكا التي تقول على لسان رئيسها انها تدافع عن امنها القومي وكل ذلك يتم باستقطاب جماعات الارهاب الى منطقة الشرق الاوسط لتكون مسرحا لتصفيات متبادلة بين المجتمعات المتعايشة منذ قرون وهي متى ما ارادت التدخل فانها ستفعل تحت عناوين اخرى من قبيل الحفاظ على الديمقراطية وحماية حريات الشعوب . ان الازمة السورية وما شهدته من متغيرات بعد تمركز قوى متطرفة فيها وتقاتلها فيما بينها وتهديد بعضها البعض الاخر يعني ان جزءا كبيرا منها سيضطر لمغادرة هذا البلد واعتقد ان الملاذ الذي يمكن ان يكون مناسبا لبعض هذه القوى الطفيلية الارهابية لن يكون لبنان او الاردن وحتى تركيا ولن يكون السعودية واوربا وهذه البلدان التي جاء منها معظم الارهابيين بل سيكون العراق على اعتبار ان جبهة النصرة الارهابية وما يسمى بدولة العراق والشام الارهابية لها امتدادات داخل العراق وهي تسعى لاستغلال هذا الامتداد وايجاد مكان لها على خارطة التاثير في العراق فهل نكون مخطئين اذا قلنا ان ما يشهده بلدنا من تداعيات امنية خطيرة ليست بسبب هذه الستراتيجية التي يشير اليها الكثير من المحللين الغربيين ولعلهم على علم بما يخطط له بعض امراء الحرب الاقليميين لتعويض فشلهم المتنامي في سوريا بعد ان اتفقت القوى الكبرى ممثلة بروسيا وامريكا على ايجاد تسوية للاوضاع هناك وانطلاقا من هذا الافتراض اقول هل تكفي خططنا الامنية التقليدية والضعف الاستخباري وتسليح الجيش العراقي الاقل من نظرائه في المنطقة والعالم في التصدي لمثل هذه الاخطار والتهديدات الحقيقية ناهيك عن ضعف الاداء الدبلوماسي والتاثير العام في حكومات المنطقة التي تصنف عدوة في اغلبها وما الذي يخيفها اذا كانت هذه الدول تدرك كل هذا الضعف وتتعامل معنا على هذا الاساس وهذا ليس خطابا محبطا بقدر ما هو حقيقة يجب ان نتعامل معها بالتخلي عن نهج التهرب من المسؤولية والتصدي لها ظاهريا اوقات الرخاء ورمي الكرة في ملعب لاخرين وقت الشدة وان تحقق جزء من ذلك فاعتقد ان الحال سيتغير لما نتمناه كمواطنين نريد العيش بحرية وسلام وتجنيب شعبنا كل هذه الويلات .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك