المقالات

استراتيجية المجلس الاعلى في الوصول الى السلطة


كاظم الجابري

المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من الكيانات ذات التاثير في المعادلة السياسية العراقية وله ثقل جماهيري كبير وتمثل قيادته محور اساسي في اتخاذ القرارات المصيرية في بناء الدولة العراقية مابعد سقوط النظام البعثي المقبور .ولم تكن محورية قيادة المجلس الاعلى تتحرك في الاطار الحزبي او الاطار الطائفي او القومي , بل كانت تتحرك ضمن الاطار الوطني الذي يحفظ وحدة العراق ارضاً وشعباً ويحفظ حقوق جميع ابنائه على مختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم .وبذلت قيادة المجلس الاعلى جهوداً مضنية للم شمل العراقيين , وتوحيد مواقف الكتل السياسية لاستثمار ماحصل من تغيير في النظام السياسي لتثبيت جذور الدستور والقانون,لانهما الضمان الحقيقي للحفاظ على النظام السياسي الديمقراطي.ان من ابجديات مبادئ واهداف المجلس الاعلى " ان الغاية لا تبرر الوسيلة " وان خير وسيلة للوصول الى المواقع التشريعية والتنفيذية هي التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وهذا مايكفله الدستور . ان قيادة المجلس الاعلى لم تقع بالخطأ الذي وقعت به الكيانات المشاركة بالعملية السياسية , حيث لم يكن همها الاول الوصول الى السلطة بل كان جل أهتامها تحصين النظام السياسي ومنع الالتفاف على القانون والدستور من خلال كتابة الدستور العراقي والتصويت عليه من قبل ابناء الشعب , وعندما تكالب الجميع على المواقع الرئاسية والسيادية كانت قيادة المجلس الاعلى تفكر في كيفية الحفاظ على اللحمة الوطنية , واما الوصول الى السلطة فهذا الامر يتطلب من كل كيان سياسي ان يقدم مشروعاّ ورجالاً يقنع بهم القاعدة الجماهيرية في الانتخابات التشريعية .وقد كان تراجع المجلس الاعلى امام ضغط واطماع الشركاء السياسيين بالوصول الى السلطة تراجعاً تكتيكياً الهدف منه اولاً "عدم وضع العصى في عجلة دوران العملية السياسية " وثانياً " ترك الفرصة امام الشعب العراقي لمعرفة مدى جديّة وصلاحية الجهة التي تحاول الحصول على المواقع القيادية المتقدمة في السلطة في ادارة البلد " وكذلك ومن منطلق الايمان بالنظام الديمقراطي الذي يتيح الفرصة للشعب في تقييم اداء المتصدين لفترة قانونية لاتتجاوز الاربع سنوات .مما تقدم يمكن ان نتعرف على ان استراتيجية المجلس الاعلى في بناء الدولة العراقية على مرحلتين , المرحلة الاولى "بناء الاسس الرصينة للنظام الديمقراطي والتي تعتمد الدستور اساساً في الحفاظ على هذا النظام من العودة الى مربع التفرد بالسلطة واقصاء الاخرين " وفي هذه المرحلة اثبتت قيادة المجلس الاعلى وبجدارة محوريتها القيادية وتوازن علاقتها مع شركاء العملية السياسية بحيث اصبحت هذه العلاقة مؤثرة وبشكل كبير في توحيد المواقف تجاه القضايا الوطنية والوقوف بحزم امام تداعيات الازمات التي اختلقها الشركاء للحصول على مكاسب وامتيازات حزبية .والمرحلة الثانية " بناء السلطة على الاسس التي اعتمدتها قيادة المجلس الاعلى في المرحلة الاولى من خلال تقديم مشروع متكامل ولكل المحافظات يعالج المشاكل الاساسية التي يعاني منها ابناء الوطن وفق نظرية علمية مبنية على اساس علمي رصين . وتركت الخيارات مفتوحة للشعب في انتخاب رجالاته لتنفيذ هذا المشروع على ارض الواقع وهنا يكون دور القيادة دور التوجيه والمتابعة ومحاسبة المقصرين الذين يخالفون مبدأ "خدمة المواطن" كشعار اساسي رفعه المجلس الاعلى في حملته للتعريف بمشروعه وخططه الاستراتيجية لاعادة تاهيل البنى التحتية للبلد ".ان اهم المبادئ التي يعتمدها المجلس الاعلى في الوصول الى السلطة هي :• الحصول على الاستحقاق الوطني من خلال القاعدة الجماهيرية المؤيدة لمشروعه والتي تضفي على لقراراته الشرعية في السلطتين التشريعية والتنفيذية .• يعتمد المجلس الاعلى مبدأ ان السلطة في العراق يجب ان تكون سلطة شراكة وطنية تتيح الفرصة لجميع المكونات المشاركة في قرارات ادارة البلد مع مراعات الاستحقاق الانتخابي الذي يمثل الشرعية الدستورية والقانونية للكيانات السياسية التي تحصل على مساحة واسعة من التاييد الشعبي .• يعتمد المجلس الاعلى مبدأً اخر مهم في الوصول الى السلطة وهو "ان القيادات التنفيذية ليس بالضرورة ان تكون من الشخصيات المؤدلجة حزبياً , فالخبرة والتخصص والنزاهة والاخلاص للوطن هي المعايير التي تحدد خيارات المجلس الاعلى في انتخاب المتصدين للمواقع المتقدمة في السلطة التنفيذية" .• يعتمد المجلس الاعلى مبدأً اخر وهو "ان السلطة التي لا تؤدي بالنتيجة الى خدمة المواطن فهي سلطة غير مشروعة وتركها لمن يستحقها افضل" .• يعتمد المجلس الاعلى مبدأً اخر وهو "انه ليس بالضرورة ان تكون قيادة البلد بيد رجالاته حتى يقدم الخدمة للناس , بل المشاركة الفاعلة ومراقبة اداء الحكومة وتقويم عمل مؤسسات الدولة" عوامل مساعدة في نجاح التجربة الديمقراطية في العراق فاذا كانت راية القيادة بيد المجلس الاعلى او لم تكن فان المشاركة والتكاتف والتعاون من اجل تقدبم ماهو افضل لابناء الشعب العراقي هو الاساس . • ان استراتيجية المجلس الاعلى في الوصول الى السلطة لاتنحسر في حصوله على مواقعها المتقدمة بل استثمار اي موقع يتيح الفرصة لتنفيذ مشروع المجلس الاعلى الخدمي الذي تسعى قيادته من خلاله رفع الحيف عن ابناء العراق الغيارى .هذه هي بعض جوانب من مشروع المجلس الاعلى واستراتيجيته في الوصول الى مواقع السلطة وهي رسالة اطمئنان الى الكيانات السياسية الاخرى التي تلهث وراء السلطة وتتشبث بها على الرغم من علمها ان راي الشعب العراقي هو الفيصل في تحديد شكل السلطة في المستقبل وان ارض الواقع وعلى مدى اكثر من عشرة سنوات اعطى للشعب العراقي مقياس دقيق لمعرفة اداء القيادات التي تصدت للمسؤولية في الفترة الماضية .ولنا في امير المؤمنين اسوة حسنة حيث تنحى عن السلطة جانبا وتركها لمريديها حتى وصل الامر بالناس الوقوف على باب داره والتوسل به لكي يقبل ان يكون على راس السلطة التي سلبها منه منافسيه رغم علمهم باحقيته بها واهليته لها .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك