المقالات

شروط النهضة الحضارية للمجتمع وفلسفة التغيير.......لحلقة 4

377 09:54:00 2013-09-11

العادات والتقاليد :-

أن حاجات إنسان اليوم كما بيّنا لا تتوقف عند الوضع الاقتصادي، وإنما تتعدى ذلك لتشمل الجانب السياسي والاجتماعي والنفسي.هناك قيود أخرى في مجتمعنا تسلّط على كاهل الفرد وعلى تكوينه كفاعل اجتماعي تسمى العادات والتقاليد.. وهي قيود تأتي من نظام القيم والتنشئة الاجتماعية - الأبوية ودور الأسرة ودور الأشكال المختلفة من الرقابة القهرية التي تمارس باسم الأسرة والدين والسياسة، والتي تحدد هيكل العادات السائد في المجتمع.بعض من هذه القيودهي ضوابط أجتماعية لا بد منها لضبط حركة ونشاط الافراد داخل المجتمع وتحدد علاقاتهم مع الاخرين وبدونها فأن المنظومة الأجتماعية لا تستقيم , ولكن بعض منها هي قيود وأغلال تقيّد حركة الفرد وتحد من نشاطه الأجتماعي وتثبط من عزيمته. لذا لا يمكننا أن نهيْ مجتمعا مدنيا قادرا على صنع حضارة ومدنية نفتخر بها مالم نحرر الانسان من هذه القيود.من هذه القيود والتقاليد البالية هي الأستبداد الاسري والتمييز ضد المرأة. فالمراة في مجتمعنا هي الشريك الأضعف, وهي الشريك المغبون والذي لابد له أن يبجل ويحترم شريكه الدكتاتور سواء رضي أم لا , وسواء أخطأ شريكه أم أصاب. وبما أن المرأة هي نصف المجتمع فأذا قيّدناها فأننا سنخسر نصف المجتمع وأن حررناها فأننا سنكسب نصف المجتمع.لقد تحول الأستبداد والتمييز ضد المرأة الى عادات وتقاليد موروثة لابل تحول الى ثقافة أجتماعية معتبرة مدعومة بتقاليد وقيم عشائرية عميقة في المجتمع . أما التسيب الأسري والمجتمعي وعدم انضباط المراهقين والشباب فهو نوع اخر خطير لا يعطي لأي منهما حيزا ملائما لممارسة نشاطاته الانسانية الحقيقية لأنه يسمح لأي منهما بممارسات ونشاطات غير مجدية . فالمراهقين والشباب بحاجة لمجالات أنسانية وممارسات أجتماعية مدروسة وليس لمقاهي وتجمعات عشوائية تفسد أخلاقهم وتبدد أوقاتهم.أن القيود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هي السجن المباشر لإمكانات الأنسان. أن مشاكل الأنسان البنّاء عندنا تتلخص في التناقض بين ما هو مسموح له اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وبين ما يحتاجه بشكل فعلي كإنسان يعيش في عالم اليوم. نحن ضد الانفلات والتسيب الاسري الذي يقود الى الانحراف ولكننا ضد التسلط والقسوة والتمييز الذي يقود الى شل الفرد وتحجيم طاقاته المبدعة وتحويله الى كائن كسول متواكل سليط اللسان كثير الكلام قليل الفعال..

هيّا ...فلنكسر القيد..... فلنبدأ خطوة بخطوة كما الصغير عندما يتعلّم المشي. فلنغير أولا أيماننا بالولاءات الضيقة مثل الولاء للمدينة والحزب والطائفة وقرابة الدم وقرابة العشيرة ولنستبدلها بالولاء للوطن فقط والقرابة للحق قطعا, ولاشيء غير الوطن والحق . لقد سادت تلك القيم المتهرئة سابقا وفرضها المستبدون بالقهر والقوة وورثها المتخلفون والوصوليون حاليا ومارسوها وأصبحت لها القيادة والريادة في مجمل التعاملات على مستوى الشارع وبالتالي فأن المنظومة الحياتية جميعها أصبحت مرهونه بتلك الولاءات والقرابات التي باتت تقود التعاملات بين الناس بدلا من التعامل الانساني الذي تسيره الاخلاق ويحفظه القانون. لقد أصبحت هذه الولاءات تتحكم بكل مرافق الحياة ومنها بأدارة العمل الذي هو أس الحضارة وأساسها وأصبحت العلاقات بين العاملين والمتعاملين مرهونة بها, حيث أصبح المدير لايستطيع السيطرة على موظفيه, وأصبح الاّمر لايستطيع السيطرة على ضباطه وجنوده بحكم الولاءات والقرابات, وحتى الوزير أصبح عاجزا عن محاسبة أي مقصّر في وزارته خوفا من الولاءات والقرابات التي يستند اليها ذلك الموظف. وكذلك فأن رئيس الوزراء أصبح بلا حول ولا قوة أمام تقصير أي من وزرائه .. وأصبح من يريد أن يخلص فليخلص ومن يريد أن يسرق فليسرق ومن يريد أن يفسد فليفسد لأنه محمي ولا يستطيع أحد أن يحاسبه في ظل غياب السلوك الحضاري و الثقافة الديمقراطية وثقافة المواطنة بالاضافة الى ضعف الرقابة وسيادة ثقافة القرابات والولاءات.فلنبدأ بزرع قيم التحضر من المدرسة أن كانت الاسرة لا تساعدنا في مسعانا.. فلنوجه معلمينا أن يحاولوا بكل ما أستطاعوا من قوة عقل ووضوح منطق أن يحيوا قيمة الولاء للوطن فقط وباقي القيم النبيلة في نفوس الأجيال الجديدة, ولكن المشكلة هي أن المعلمين في العراق هم من الشباب الذين هم بأمس الحاجة لمن يعلّمهم ويوجههم.ولنستفد من حكمة كبار السن في تعليم أجيالنا الجديدة .. ولنجعل وظيفة المعلم مقصورة على كبار السن من حملة الشهادات الجامعية فقط وممن تخطوا الخمسين عاما لأنهم يمتلكون خبرة حياتية متراكمة وممتازة ولنجعل مرتباتهم أعلى من مرتبات أي موظف في الدولة.وفي دراسة اجتماعية - ميدانية مهمة للأستاذ (عدنان مطر ناصر) جامعة المثنى - كلية التربية حول المكانة الأجتماعية لكبار السن من وجهة نظر عينة عشوائية من طلبة الجامعة , أشارت تلك الدراسة:- 1- الى قوة الضبط الاجتماعي لكبار السن في الاسرة والمجتمع ، ويعزى ذلك لطبيعة التنشئة الاسرية المستمدة من تعاليم الدين الاسلامي والقرآن الكريم والعادات والقيم الاجتماعية التي تحث على طاعة كبير السن وتعزز قيمته في النسق الاسري ، وان كلا الجنسين ( الذكور والاناث ) ومن مختلف البيئات الاجتماعية يبدون اهمية مرتفعة للقيمة الضبطية التي يحملها كبير السن . 2- ان افراد العينة ( ذكور واناث ) ينظرون نظرة احترام وتقدير للمسن ذي الوضع الاقتصادي الجيد ، وهذا انعكاس مباشر لطبيعة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي اصابت النسق الاجتماعي ، وانتشار المعيار المادي في المجتمعات المعاصرة عامة ، التي بدورها اثرت على نظرة الطلبة.3- أشارت الدراسة الى ان كبير السن ما زال يلعب دور المرشد والموجه بالنسبة لأفراد العينة ( ذكور وإناث ) ويعزى ذلك لأيمان أفراد العينة بأهمية التجارب والخبرات التي مر بها كبير السن في فهم أمور الحياة الاجتماعية ، ويرون بأن كبير السن قادر على تقديم حلول جيدة للمشاكل بحكم خبرته الطويلة في الحياة ، واسداء النصح والمشورة لهم . 4- اثبتت نتائج الدراسة بأن افراد العينة ( ذكور واناث ) يقدرون كبير السن ذا المستوى التعليمي الرفيع ، فمكانه كبير السن من وجهة نظر الطلبة تتحدد من خلال المركز الذي يؤديه في المجتمع ويعزى ذلك لثقافة المجتمع التي تعطي اهمية للتعلم والعلم ، فمن وجهة نظر افراد العينة ان كبير السن يحظى بأحترام الجميع وتقدير الاخرين ، مما يدفعنا للقول ان هناك علاقة بين المكانة التي يحظى بها كبير السن وبين درجة تعليمه .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك