المقالات

الاعلام الموجه لنصف المجتمع


حيدر حسين الاسدي

لاشك أن وسائل الإعلام بكل ما تمثله من هيمنة وانتشار قد تركت آثاراً سيئة بالغة الخطورة - على شخصية المرأة المسلمة المعاصرة، وتختلف هذه الآثار من مجتمع لآخر، ومن امرأة لأخرى، كما تختلف أساليب الإعلام في التأثير والتوجيه، فمنها ما يكون قصير المدى تظهر نتائجه مباشرة، ومنها ما يكون ممتداً في فترة زمنية طويلة، ليتم على أثره التغيير الكامل في المواقف والقناعات.فبعض النماذج من آثار الإعلام يؤثر في إفساد المرأة المسلمة فلعل أبرزها وأشدها خطراً هو فقدان المرأة المسلمة لهويتها الإسلامية، فالحملة الإعلامية الموجهة نحو المرأة المسلمة تكرس نموذج المرأة الغربية على أنه النموذج القدوة، وبالنتيجة فإن المرأة المسلمة تنقاد نحو التقليد الأعمى لهذا النموذج. اما الفراغ الفكري فهو خطر اخر يهدف الى تهميش المرأة والتعامل معها من قبل الإعلام الموجه على أنها جسد وحسب، وحصر اهتماماتها بدائرة ضيقة، ابتداءً من الاهتمام بالشكل والموضة وعمليات التجميل، وانتهاءً بكيفية استغلال المرأة لامكاناتها الشكلية للفت انتباه الآخر! مما يخلق فراغاً روحياً وخلطاً عجيباً بين الغايات والوسائل. فالمفهوم الإسلامي للجمال يتبلور في أنه وسيلة تأخذ منه المرأة قدراً لتحقق به أنوثتها، بينما يزرع الإعلام الآخر في حس المرأة أن الجمال المظهري غاية تستحق أن تعيش من أجلها؛ وهكذا حرف هذا الإعلام المرأة، وحرمها من أداء دورها ورسالتها في الحياة. إن الحقيقة التي يفترض أن نعترف عليها هي افتقار الصحوة الإسلامية ذات الرصيد الجماهيري، إلى الإعلام الشامل والفاعل والقادر على إيجاد بدائل مسموعة -مرئية- مقروءة، وإن كانت هذه الخطوة متأخرة وضئيلة مقارنة بمسيرة الإعلام الآخر، إلا أنها ستزرع الأمل بنقلة نوعية فيها ردة الفعل نفسه. وهذه الحقيقة المرة ستظل معضلة حقيقية نعاني معها حتى إيجاد الإعلام الإسلامي المنافس. وتنحصر رؤية الإعلام الإسلامي تجاه الإعلام الآخر على أنه عدو ويجب بغضه ومقاطعته، وهو الموقف الأسهل دائماً! إلا أن المقاطعة ستبقى حلاً مؤقتاً، لو ناسب مرحلة زمنية معينة افتراضاً، فإنه لن يناسب المراحل التي ستليها يقيناً، وكان يفترض أن يثمر هذا الموقف - على الأقل - عن دراسات ومشاريع إعلامية مستقبلية تساهم في إزالة الرهبة من خوض التجربة الإعلامية لدى الإسلاميين، وتشعرهم بأن هذا الاهتمام الكبير بالمرأة المعاصرة من قبل الإعلام الآخر، إنما هو تحكم في مستقبل هذه المرأة وصياغة جديدة لاهتماماتها على غير ما نريد! فليس من المنطقي أمام ثورة تقنية ضخمة لوسائل الاتصال أن نربي الجماهير على الانعزال ونحرمها من التكيف الإيجابي عبر إيجاد البديل الهادف الذي يحفظ خصوصيتنا العقائدية والثقافية. وثمة ملامح أولية لهذا التكيف منها ضرورة توعية الأمة بأهمية الإعلام والتذكير بأننا أمة قام تاريخها المجيد من خلال وسائل إعلام ومنابر ارتفع منها صوت الخير والنصر والإرشاد.و تحريض النخب من ذوي الخبرات المهنية والميدانية، لتقديم رؤاهم ومعالجاتهم، للاتكاء عليها في بداية التجربة. وصناعة البدائل الإسلامية في مجال الإعلام بمختلف فنونه، على أن تكون هذه البدائل ملتزمة بالرؤية الإسلامية، ومؤطرة بالمرجعية الشرعية. ان ما نكتبه الان لايعدو سوى ومضات أمل بأن ترفع الأمة راية جهادها الإعلامي، فتخوض معركة الكلمة والمعتقد في زمن تجوبه الأقمار الصناعية، وتسود فيه الذبذبات الإذاعية ليل نهار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كلمة
2013-08-31
معك في كل ما طرحت واجد حلا اسرع قبل انتظار بروز اعلام اسلامي يوازي العملاق العلماني اعلاميا وذلك بان تقلل كل اسرة من كم ما تتابع فلو اكتفت الاسر بعدد من القنوات بحيث لاتتجاوز اصابع اليد فعند ذلك ستغلق كما من شبابيك الاذى الاعلام الان شيطان بكل معنى الكلمة احسنتم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك