المقالات

المحكمة الاتحادية تمهد للمالكي لكارثة ثالثة


خالد الخفاجي رئيس الرابطة الوطنية للمحللين السياسيين

لم يكن قرار المحكمة الاتحادية في نقضها لقانون تحديد الفترات الرئاسية الذي صوت عليه مجلس النواب غريبا ولا مفاجئا لكل حصيف خبر هذه المحكمة وانقيادها المطلق لرغبات رئيس الوزراء نوري المالكي, وخبر سلوكيات رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود وقابليته على قولبة المواد الدستورية لتتواءم تماما مع النطق الذي أدلى به المالكي حتى قبل ان يقدم طعنه, من ان المحكمة الإتحادية لن تمرر قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بدورتين، وان مجلس النواب لا يحق له إصدار التشريعات إلا بعد تقديمها من قبل الحكومة.ففي دولة ذات نظام برلماني من المفترض أن تكون سلطتها التشريعية هي السلطة الأولى في الدولة, ومن أولى مهامها الدستورية هي تشريع القوانين, جردت المحكمة الاتحادية مجلس النواب من صلاحياته التشريعية بفعل قدرة المحمود في التلاعب بالمواد القانونية وتفسيراته الكيفية للنصوص الدستورية, ولم يعد لمجلس النواب غير اقتراح القوانين على الحكومة في مفارقة عجيبة تكمن في ان مجلس النواب هو اضعف من محاسبة الحكومة فيما لو تنصلت عن مهامها في انجاز القوانين المقترحة, وتغلب عليه صفات الانتهازية واللامبالاة والتسيب, وبهذا تحول مجلس النواب الى رهينة مزاجيات رئيس الوزراء وأهواءه, يقر ويعطل ويجمد ما يشاء من القوانين, وليس من المعقول انه يقر قانونا لا ينسجم مع اهواءه حتى وان اقترح من مجلس النواب.قرار المحكمة الاتحادية يثبت مجددا ان استقلالية السلطة القضائية ما هي الا اكذوبة فجة لا تحمل من معناها اللغوي الا في استقلاليتها المالية والتخصيصات الهائلة التي تحظى بها هذه السلطة بعيدا عن الاجهزة الرقابية وحجم الامتيازات التي يتمتع بها رئيسها, وما هي في واقع الأمر الا دائرة صغيرة تتبع مكتب رئيس الوزراء خاضعة لاوامره, وان جل قراراتها سياسية بعيدة كل البعد عن النصوص الدستورية او البناء الديمقراطي للمؤسسات الدستورية, وتسعى الى تنمية ديكتاتورية جديدة مقنعة بمؤسسات ديمقراطية صورية, فليس غريبا ان يصدر قرارها بنقض قانون تحديد عدد الولايات الرئاسية في نفس اليوم الذي الغت فيه المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات لسنة 2008 والخاصة بكركوك والمتضمن الغاء طلب تدقيق سجلات سكان المحافظة بعد احراق سجلات النفوس والطابو من قبل الاكراد ليكون ثمنا باهضا يدفعه سكان كركوك من العرب والتركمان لتحالفات المالكي لولايته الثالثة. المالكي سعى لضمان تاييد القوى الدولية والاقليمية المؤثرة على الساحة السياسية العراقية ومنحه الضوء الاخضر لولاية ثالثة, من خلال المزيد من التنازلات بعضها ظهر سريعا الى العلن وبعضها الاخر ظل طي الكتمان, ورسمت هذه القوى خارطة تحالفاته الجديدة, فقد رمم تحالفه مع الاكراد بتنازلات لا يستطيع الوفاء بها من دون المساس بالنصوص الدستورية, وليمنحنا دليلا مضافا لكل مشكك بتسييس السلطة القضائية وتبعيتها حينما اسقط العشرات من التهم عن مشعان الجبوري مقابل التحالف معه, ومفاوضات اخرى اجريت مع المدان طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ووزير المالية المستقيل رافع العيساوي المتهم ايضا بقضايا ارهاب لاسقاط التهم عنهما للغرض نفسه, وهنا تبرز توجسات مريبة لاستماتة المالكي للتشبث بالسلطة, فالرجل لم يقدم شيئا ليستحق ولاية ثالثة, فكل مؤشرات الفشل ارتفعت في ولايتيه مقابل انخفاض مؤشرات التطور والتنمية, وجوده في سدة الحكم يعني المزيد من الدمار والخراب تلحق بالدولة والشعب, ويبدو ان هذه الاسباب هي التي تحث دول الجوار والولايات المتحدة لابقاءه على راس السلطة, فهو افضل وسيلة فعالة لابقاء العراق مدمر محطم وبعيدا عن اخذ دوره الاقليمي والدولي الذي يستحقه.احلام المالكي وطموحاته تحولت الى عوارض مرضية لداء الغطرسة (الهبرس) وهو اضطراب ونقص المناعة النفسي المكتسب, الذي يصيب من يتولون السلطة بانزلاق تدريجي من حالة الكاريزما، والثقة في النفس، والطموح، إلى حالة من انعدام المناعة الذاتية ضد تضخم الذات، والتغطرس، واحتقار الآخرين, ويبدأ الشخص بالاستئثار بالرأي، والامتناع عن سماع النصح، والتصرف دونما روية أو اكتراث واتخاذ قرارات أحادية متسلطة متسرعة، وعدم الاكتراث في عواقبها, لهذا فان الانصياع لرغبات المالكي في ولاية ثالثة والتسليم بها كأمر واقع, فقرار المحكمة الاتحادية لا يعني مطلقا إن الولاية الثالثة باتت قاب قوسين او أدنى من المالكي, فلا ولاية ثالثة اذا ما نبذه الناخب وعكفت بقية الكتل عن التحالف معه, وارتقى مجلس النواب بمسؤولياته التي تخلى عنها وانشغل بتوافه الأمور, والا فنحن مقبلون على كارثة أخرى مدمرة تتكالب فيها قوى الارهاب مع قوى الفساد في تحالف ابدي نما وترعرع في كنف المالكي لن يدفع ثمنها سوى الوطن والمواطن.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك