المقالات

شركاء الغنائم أنطقوا الحمار /


حافظ آل بشارة

حملة القتل العشوائي التي يشهدها العراق الآن خطط لها أناس لا يمكن أن نفهمهم بسهولة ، هم ايضا ضحايا لقتل روحي من نوع آخر ، هم يعدون القتل غاية وليس وسيلة ، هم ضحايا لبرمجة ذهنية معينة ، ولو سألت القاتل لماذا تقتل او سألت المقتول لماذا قتلوك فلن تجد جوابا ؟ الذي يعرف الجواب هو صانع الارهاب المتلاعب بالعقول وهو المستفيد الأخير من الأزمة ، ولأن المذبحة تستهدف جميع الناس بلا تمييز أخذ كل شخص يفكر بحماية نفسه واسرته ، ومع كل مفخخة تنفجر في سوق تترسخ الرؤية الفردية في الحماية التي تتطور الى ثقافة اجتماعية تبحث عن تنظيم وتقنين ، الحملة الارهابية جعلت الناس يفقدون الثقة بالدولة ومن يقف وراءها ، فقدان الثقة يجعل المستقبل السياسي للبلاد غامضا ، فقدان الثقة يؤدي الى ترك اغلب القوى السياسية تخوض معركتها لوحدها ، هذا فراغ سياسي حقيقي غير معلن ، هذا الفراغ ليس اعتباطيا بل هو مرحلة متوقعة في المسار السياسي ، انه فراغ يصلح مقدمة لأكثر من تحول كبير متوقع يتفرج عليه الساسة وهم صامتون ، فراغ يصلح كمقدمة لانهيار شامل وتحول البلاد الى كانتونات صغيرة متذابحة يحكمها أمراء الحرب ، أو كمقدمة لاعلان حالة الطوارئ وتعليق الدستور وحل البرلمان وحصر السلطات بيد طرف واحد الى اجل غير مسمى ، أو كمقدمة لانقلاب به عصابات بضوء أخضر دولي كوميدي لاعلان حكومة طالبانية في العراق ، او مقدمة لتقسيم العراق بطريقة رسم الحدود باستخدام القذائف ، اذ يحاول كل قوم حماية انفسهم في مناطقهم وطرد الآخرين منها في عملية تهجير لا سابقة لها ضحيتها الناس الابرياء ، او قد تكون مقدمة وذريعة لعودة الاحتلال العسكري الامريكي للسيطرة على الوضع الأمني . مع كل هذه الاحتمالات المرعبة ، والاخطار المحدقة ، وفي هذه الاجواء الغائمة لم يعقد اطراف الدولة اجتماعهم الوطني الشامل ليشرحوا المشكلة بحجمها الحقيقي ثم يعلنوا الحل ، لماذا لا يتأثر اغلب الساسة الآن بما يجري فلا يقشعر جلد ولا تدمع عين ؟ لماذا يكون الشعب اكثر قلقا ووعيا وفهما للازمة من الساسة انفسهم ، لماذا لا يقلق حكام هذا البلد المهدد !؟ هناك جواب لكنه مخجل ، كان الأفضل السكوت عنه لكن ارتال التوابيت اليومية غير المبررة تجعل حتى الحمار ينطق ، الحمار يعرف ان في العراق شراكة سياسية ، ولكنها (شراكة غنائم) وليست (شراكة مشروع) ، شركاء الغنائم علاقتهم مبنية على الكراهية والتنافس والاستحواذ وفقدان الثقة ومحو العاطفة ونقض العهود ، حتى لو استطاع احدهم قتل شريكه غيلة والمشي في جنازته لفعل ، اما شركاء المشروع فكل منهم يريد ان يربح ولكنه يريد ان يرى شركاءه كلهم رابحين لكي يضمن بقاءهم ضمن المشروع الذي لا ينهض به طرف واحد ، (شراكة المشروع) تحيي بين الشركاء الثقة والحب والتعاون والتسامح والاخلاق السامية واستعداد كل طرف للتضحية لأجل الآخر خوفا على المشروع ، والشعور بالخطر قبل حلوله ، هناك اختبار بسيط : اذا قرأ الساسة هذه التوصيفات ثم ضحكوا منها فهم (شركاء غنائم) ، وهم بحاجة الى محو الأمية الاخلاقية ، وهذا يعني ان الفرج بعيد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك