المقالات

استراتيجية ..(حسن النوايا)..


الدكتور يوسف السعيدي

لم يواجه الشرق الأوسط منذ بداية العام سوى "إستراتيجية" حسن النوايا التي على ما يبدو توزع شرقا وغربا، ويتم التحدث عنها في مؤتمرات القمة وفي "المحاضرات" التي يتم التطرق فيها إلى "المقاومة" أو "التسوية"، فسبر "النوايا" وفق الصورة الحالية مؤشر على أن المنطقة كلها تسير في اختبارات أكثر من كونها تعيش حالة انفراج، على الأخص أن الولايات المتحدة التي فتحت هذه الإستراتيجية منذ لحظة وصول الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى البيت الأبيض، لم توسع بعد دائرة "نواياها" باتجاه أطراف جديدة.. ما ترسمه السياسة اليوم لا يتعدى القفز على الكثير من المعطيات القائمة والحديث عما سيحدث في مراحل ما بعد السلام، فالواضح ان الخطاب السياسي في مسألة "حسن النوايا" يحاول رسم "مستقبل" افتراضي، دون الدخول في "التجربة التاريخية" أو حتى في "تفاصيل السلام" التي يمكن اعتبارها المدخل الأساسي لفهم الصورة المستقبلية، فالموضوع الأساسي ليس نوعية العلاقة التي يمكن أن نرسمها مع الولايات المتحدة، بل شكل المصالح التي يمكن ان تحققها هذه العلاقة، فمسألة "النوايا" هنا مرتبطة في النهاية بما تقوم به "إسرائيل" بالدرجة الأولى، وهو ما يدفع في النهاية إلى البحث في جدوى "الإقبال" على رسم صورة ما بعد السلام. عمليا فإن الولايات المتحدة لم تطرح حتى اللحظة سوى "آليات سياسية"، وهو أمر لا يختلف كثيرا عن مجمل التحركات السابقة، باستثناء أنه لا يحمل خطاب حرب كما حدث خلال السنوات الماضية، لكنه في نفس الوقت موجود داخل "حرب" حقيقية وهو أمر يحد من إمكانية "تجاوز الأزمات" أو التعامل معها ضمن سياقات مختلفة، فالولايات المتحدة ليست خاضعة لمسألة "اللوبي اليهودي" حسب تعبير احد السفراء العرب في واشنطن ، بل هي أيضا جزء من الصراع الدائر، وعملية الضغط على "إسرائيل" تعتبر بالنسبة لها "صفقة" لها ثمنها "الإقليمي" الذي يمكن أن يتجه نحو "إيران" أو العراق أو غيرها، فالخطاب السياسي الذي يمارس "حسن النوايا" ويؤكد في نفس الوقت استقلالية المواقف تجاه القضايا التي تواجه الشرق الأوسط هو في النهاية خطاب يحاول التوفيق بين المتناقضات التي يمكن رؤيتها من خلال: وجود الولايات المتحدة العسكري في الشرق الأوسط، فهي حتى بعد انسحابها من العراق ....لكنها في نفس الوقت ربطت هذا الأمر بعملية سياسية معقدة مرتبطة بجوار العراق بما فيها إيران وسورية...وحتى تركيا ..ومصر... وهي بالتالي لا تقوم بفصل الأدوار الخاصة بها في عملية السلام أو حتى في سنوات تواجدها داخل العراق.... الملف النووي الإيراني بالنسبة للولايات المتحدة يدخل في صلب الأدوار الإقليمية وبالتالي لا يمكن فصل عملية السلام عن هذا الموضوع، لأن الولايات المتحدة تريد "تحديد" القوى الإقليمية وفق خارطة جديدة وبالتالي فهي تريد استخدام كل العوامل للحد من الدور الإيراني. هذه الصورة في النهاية لا تقدم صورة واضحة للسلام أو لمستقبله، وحتى عملية تقديم خطاب نحو الخارج "مفعم" بحسن النوايا فإنه لا يضع عوامل الصراع الحالي في موقعها الحالي، وفي النهاية فإنه سيرتد إلى الداخل ففي عالم اليوم لا يوجد خطابين أو طريقة يمكن عبرها وضع "خطابين" حتى ولو كانت الاستراتيجية واحدة......

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك