المقالات

عينا أم مصطفى


( بقلم : علياء الانصاري )

الجمال في عيني الام العراقية، لا يظاهيه جمال!! فسحره السومري أفرده عن سواه، كما أفصح حزنه الغريب عن عراقية تلك العيون!

كما الخوف المتوسد اجفان عيني ام موسى تترقب مصير وليدها الحبيب، ذلك المصير الذي حمله النيل الى المجهول، يتوسد الخوف عيني الام العراقية كلما غادرها ولدها الى بضع خطوات بعيدا عنها.

وفي تلك اللحظة التي يتوقف فيها وجيب القلب، يسقط مصطفى الطفل العراقي ذو الحادية عشر ربيعاً مضرجا بدمه وهو عائد من مدرسته المتهاوية الى قريته *

مصطفى الصبي الوحيد بين ثمان بنات، أيتمهم القدر برحيل الاب لتبقى ام مصطفى وحدها تقارع الايام لتحمي الحياة في أجساد تسعة توسدوا القلب لترتسم صورهم في حدقات العين.

مصطفى يرحل الى بارئه يشكو اليه ظلم الانسان لاخيه الانسان، وسط عويل امه واخواته، وصراخ اهل قريته يطالبون بالحماية لصغارهم وبالمدرسة والمستوصف وابسط حقوقهم في الحياة، في ظل تصريح متواضع للقوات الاجنبية بانها لم تفعل ذلك وسكوت مطبق من الجماعات الارهابية... وصمت موجع من حكومتنا!

كان هناك صبي صغير مع ابيه يلوذان بجدار ما في القدس، يدعى (محمد الدرة)، سقط مضرجا بدمه اثر رصاصة اسرائيلية أبكت عيوننا جميعا كما اقامت الدنيا ولم تقعدها لوسائل الاعلام في معظم دولنا الاسلامية والعربية وتكبير وتهليل واستنكار من كبيرنا وصغيرنا حتى غدا محمد الدرة شعارا.

فيا ترى كم محمد درة عراقي يسقط يوميا ولا ناعية له! كم مصطفى يمزق الارهاب خطواته الصغيرة في دربها الى العلم والحياة! كم طفل عراقي ينطفئ الامل في عيني امه الوجلة المترقبة عودته كما تنطفئ سيجارة لفظها فم يحتضن اسنانا سوداء شوهها التدخين!

وما هو مقدار الصمت الملعون الذي يحيط بنا؟!

في احدى الدول التي تجاورنا (اوصانا الرسول بالجار حتى ظننا انه سيورثه)، اقامت احدى الجامعات حفلا تقديريا لطالبها الفلسطيني تكريما لاخيه الذي فجر نفسه في العراق واعتبرته تلك الجامعة شهيدا يستحق التكريم هو واخيه! مع ملاحظة ان ضحايا هذه العملية بلغوا خمسين عراقيا بريئا!!

اعذريني يا ام مصطفى، يا امي العراقية العظيمة بصبرك وطيبة قلبك!

اعذريني لاني لم اجد سوى هذه الكلمات اواسيك بها، بعد ان عجز الجميع عن ان يحموا لك الامل الذي تعيشين لاجله!

وكما أعاد الله لام موسى وليدها لتقر عينها ولا تحزن، سيعيد اليك الامل من جديد، لتقر به عينيك ... الامل بغد افضل لقريتك وعراقك، ذلك الامل الذي سنسعى جميعا لتحقيقه مادامت عيناك تحتضن الجمال السومري المتوسد حزنك البابلي!!

ستقر عينك ايتها الام العراقية رغم انوفهم جميعا، ورغم صمتهم ولا مبالاتهم، لان قلوبنا مازالت تنبض بالحياة، تلك الحياة التي عجزوا عن أخذها منا مادام العراق قلبها النابض.

 ــــــــــــــــــــ

* استشهد الطفل مصطفى مع سبعة من رفاقه عند عودتهم من مدرستهم الى قريتهم (قرية السعادة) وتضاربت الاقوال فيمن يدعي ان من قام بالاعتداء من القوات الامريكية ومن يدعي ان من قام بهذا العمل هم الجماعات الارهابية علما ان قرية السعادة تقع بالقرب من مندلي في محافظة ديالى وهي من القرى المحرومة من ابسط الضروريات كالمدرسة والمستوصف.

علياء الانصاري / مديرة منظمة بنت الرافدين / بابل

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي العراقي
2007-05-20
الارهاب في السعادة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك