المقالات

أين عدل علي عليه السلام من عدل مناوئيه؟!

476 12:40:00 2013-07-10

حسن الهاشمي

نوعان من العدالة اذكر بهما أخوتي وأخواتي القراء لعلهما يوضحان نهج الإسلام الأصيل ونهجه المزيف، وإن هذان المثالان يمثلان رشفا من ديم سير التاريخ التي تزخر بالكثير في هذا الشأن: الأول يمثله الإمام علي بن أبي طالب رمز العدالة الإنسانية بحق وبجدارة وبلا أدنى شك، دخل عمر بن العاص على الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ليلة وهو في بيت المال، وكان الإمام ينظر في أموال المسلمين وحسابهم ودواوين العطاء وعنده سراج يضيء بنوره الضئيل، وقد اشترى زيت ذلك السراج من بيت المال، فلما دخل ابن العاص وأراد أن يتحدث مع الإمام في بعض الشؤون، أطفأ الإمام السراج، وجلس في ضوء القمر، ولم يستحل أن يجلس في الضوء بغير استحقاق.الثاني ينقل عن الحجاج بن يوسف الثقفي قد ولى رجلا إعرابيا إمارة إحدى الولايات، ذلك الرجل قد تطاول على بيت المال، الحجاج عزل ذلك الإعرابي، ولما حضر المخلوع مجلس الحجاج، التفت إليه وقال: أكلت مال الله ولا تخافه، رد عليه الأعرابي، إذن أي مال أأكله، قسما بالله كلما طلبت من الشيطان فلسا لم يعطني!!! ضحك الحجاج من كلامه وعفا عنه.العدالة هي إحقاق الحق وإبطال الباطل وإعطاء كل ذي حق حقه، وجعل الأمور في نصابها الصحيح والحكم بما أنزل الله دون محاباة أو ظلم لأحد على حساب أحد، فهي ملكة وممارسة قبل أن تكون لقلقة لسان أو ادعاء فارغ.الدولة العادلة بما فيها الحاكم العادل حينما يتعاطى مع الإنسان في وطنه تعاطي الأب الرؤوف مع أولاده والأم الحنون مع أطفالها والأستاذ الملتزم مع طلابه والموظف النموذجي مع مراجعيه، فإن تعامله الأمثل مع رعيته يكون بمثابة تقوية وتمتين أسس السلطة في البلاد، حيث إن الترابط الأمثل ما يزال وثيقا طالما هنالك ثقة متبادلة بين الحاكم العادل وبين الشعب، وعدالة الحكم تتمخض بالتعاطي الإيجابي مع تطلعات الجماهير وتوفير الأمن والخدمات والرفاهية لهم بغض النظر عن انتمائهم القومي والإثني والمذهبي والجغرافي وغيرها من الاعتبارات التي تذوب وتتلاشى في بوتقة الانتماء للوطن. أهمية الدولة ترجع إلى أهمية الإنسان، وإن الدولة خادمة للإنسان ومحققة لأغراضه وأهدافه، فمن ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين إلى بعض عماله كما في نهج البلاغة: "فإنك ممن استظهر به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الأثيم، وأسد به لهاة الثغر المخوف، فاستعن بالله على ما أهمك، واخلط الشدة بضغث من اللين، وأرفق ما كان الرفق، واعتزم بالشدة حين لا تغني عنك إلا الشدة، واخفض للرعية جناحك، وابسط لهم وجهك، وألن لهم جانبك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة والإشارة والتحية حتى لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضعفاء من عدلك، والسلام".ونلاحظ إن الرعية التي كثيرا ما وردت في أحاديث الإمام فإنها تشمل الناس عموما بغض النظر عن القومية أو العنصر أو الدين والمذهب، فإن المسؤولية في منطق الشريعة لا تخص الإسلام والإيمان فقط ، ولا المسلمين والمؤمنين فحسب، ولا الرجال والنساء فقط، ولا البشر فقط، وإنما جعلت الأمة هي الركن، لذا فالمسؤولية تعم ما خلق الله تعالى مما يمكن للبشر الاستفادة منه في خير أو شر، في حق أو باطل، في هداية أو ضلالة وما إليها، حتى الأرض والتراب والبلاد والبر والبحر والناس مسؤولون عنها بشتى أنواع المسؤولية، سكناها زراعتها تركها إسرافها ونحو ذلك، وحتى البهائم والحيوانات فالإنسان مسؤول أمام الله عنها في ظلمها والرحمة بها والاستفادة منها في خير أو شر، في تبذيرها وإسرافها وغير ذلك، يقول أمير المؤمنين في هذا المضمار: "اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم"، لهذا من تعامل مع خلق الله مطلقا بالحسنى فهو عادل والعكس بالعكس.ومن هنا نقول بأن القيم الإنسانية والأخلاقية التي قامت عليها فكرة الدولة في الإسلام هي القيم التي يتجه إليها طموح البشر في العصر القديم والحديث على مستوى الدولة النموذجية، وعلى مستوى النظام الدولي المرتجى، وهي قيم العدالة والحرية الواعية وكرامة الإنسان وتيسير سبل التكامل الروحي والمادي لبني البشر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك