المقالات

مصر : الحوار هو الحل


جواد العطار

اسئلة كثيرة طرحتها الاحداث المصرية الاخيرة منها : هل سقط حكم الاخوان في مصر ؟ هل انتهى الانقلاب العسكري وخرج الجيش من ميدان السياسة والتأثير !! ام هي فاتحة لعهد جديد يتحكم فيه جنرالاته بالحكم والسياسة متى شاءوا وكيفما شاءوا ؟ وهل ستسير الامور مثلما رسمتها خارطة الطريق التي اعلنها القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع عبد الفتاح السيسي قبل ايام ، ام ان للطرف الآخر في رابعة العدوية حديثا آخر ؟ وهل خلت العملية برمتها التي لم تستمر الا ايام معدودة من الايدي الخارجية الخفية ؟ ام ان تمرد حركة تلقائية من شعب اصيل وقف بالضد من افعال الاخوان وسياستهم بالاقصاء والتهميش ضد الآخرين ؟اسئلة بحاجة الى اجابات شافية ، الا ان رؤية فاحصة لاحداث الساحة المصرية تدفع بثلاثة مواضيع اكثر اهمية وحساسية الى الواجهة ومحك النقاش ، وهي :1. فشل تجربة الاخوان السريعة رغم الفترة البسيطة للاخوان في سدة الحكم والرئاسة بمصر الا انهم عكسوا صورة مشوهة عن الاسلام والاسلاميين بانتهاجهم الاستئثار والاقصاء والتهميش للآخرين وبمحاولاتهم المتعددة للالتفاف والاستحواذ على مؤسسات الدولة الدستورية وتجييرها لمصالحهم الخاصة ، بالاعلان الدستوري مثار الجدل في حينها تارة او التدخل غير المبرر في عمل السلطة القضائية وحتى المؤسسة العسكرية ذاتها تارة اخرى . وان كان حكم الاخوان قد انتهى في مصر فذلك لانهم لم يستطيعوا الخروج من حالة العزلة عن المجتمع (بسبب طابع التنظيم السري) والرغبة بالانتقام منه التي حملوها من فترات ستينيات القرن الماضي وعهود القمع التي مارستها الانظمة الديكتاتوية ضدهم وضد قياداتهم والتي طبعت تجربتهم في السياسة والحكم ، مثلما انهم لم يتمكنوا من توظيف مباديء الاسلام العظيم وتعاليمه السامية في التعامل مع المجتمع الداخلي وحتى الخارجي .. فالاسلام نقي ومتسامح وبريء؛ من تجربتهم ومن كل التجارب الفاشلة باسمه؛ امثال طالبان وقوى الظلام والتكفير . 2. ازمة الشرعية تفهم الشرعية بانها الديمقراطية والاستحقاق الانتخابي الغالب عبر صناديق الاقتراع ، وهو ما تمسك به في مصر الاخوان والرئيس المخلوع محمد مرسي بمواجهة معارضيهم ومنتقديهم على حد سواء باعتبار انهم حصلوا على 50 + 1.73 على حساب احمد شفيق في الانتخابات التي جرت قبل عام .. واذا كانت الشرعية تعني تفويض الشعب للحاكم عبر صناديق الاقتراع ، فان هذا التفويض لا يرتبط بمدة زمنية معينة او دورة انتخابية بقدر ارتباطه بوعود الرئيس مرسي الانتخابية نفسها وامكانية تحقيقها لرغبات الجمهور الذي لم يجد لها اي اثر يذكر او تنفيذ على الارض ، وبالتالي عجل النزول الى الشارع بالاستجابة لدعوة حركة تمرد؛ ليعلن سحب التخويل الذي منحه قبل عام الى مجلس الشورى والرئيس؛ ليعيد الكرة مرة اخرى الى صناديق الاقتراع ، وذلك ما لم يفهمه الرئيس المخلوع كما لم تفهمه جماعة الاخوان في مصر الان او في غيرها من البلدان قريبا ، لتكون النتيجة انقلابا من الجيش لصالح الشعب . 3. دور الجيش في الحياة العامة كان لتدخل الجيش في تطورات الساحة المصرية مفتاحا مهما لحل ازمة انقسام المجتمع بين مؤيد لمحمد مرسي ومعارض له من جانب ، ومن جانب آخر بابا لرأب الصدع الذي احدثته اخطاء تجربة الحكم الفاشلة التي قادتها جماعة الاخوان باسم الاسلام . لكن انحياز الجيش الى الشعب لا يبرر باي شكل من الاشكال اتخاذه اجراءات قسرية وتعسفية بحق قيادات الاخوان قد تدفعها الى انتهاج العنف او التصادم والعداء مع الشرطة والجيش او حتى تكفير المجتمع والانقلاب على الجميع .وبالرغم من ان "مرشد الجماعة العام" دعا من ميدان رابعة العدوية الى التظاهر السلمي ، الا ان تأهب وتحذيرات القوات المسلحة وقوى الشرطة مع معيار القوة والغلبة والاجراءات القضائية القسرية بحق الرئيس المخلوع وقيادات من حزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان وقنواتهم الاعلامية وشحن الشارع المستمر ، كل ذلك قد يسير بالامور الى ما لا يمكن التكهن بنتائجه على استقرار مصر مستقبلا .. ان لم يتولى العقلاء في هذا البلد الشقيق لجمع كافة الفرقاء الى طاولة حوار واحدة اولا؛ بعيدا عن الشوارع والميادين ثانيا؛ والدعوة الى انتخاب لجنة محايدة لمعالجة الاختلافات حول الدستور ثالثا؛ تمهيدا لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية عاجلة يشارك فيها الجميع .. بدون استثناء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك