المقالات

ماذا حصل قبل وأثناء وبعد شهادة شهيد الولاية حسن شحاته ؟


سالم مدلول الحسيني

 إن القيم والمبادئ متاريس النفس من صوارم التسافل والانحطاط ، فمن تدرَّع بها سلم ونجا ، ومن تركها ضلَّ وهوى ، فلا الدين بغيرهما يكتمل ، ولا عيون العلم دونهما تكتحل ، انه ناموس الكون ، وقانون الطبيعة ، وعليه بنيت منظومة الأخلاق ، بإرادة الخلاَّق ، ليكون الإنسان بعدها ملكا أو شيطان أو يبقى مجرد حيوان ، تقوده غرائزه وشهواته ، وتكتنف عقله شكوكه وشبهاته ، للحق متوهم ، وللعدل متهم ، ناكب عن الصراط المستقيم ، سالب في فكره وسقيم .انه ليس سجعا أملأ به السطور ، بل هو واقع منظور ، نشهده كل حين ، على مدى السنين ، فمنذ أن قتل قابيل هابيل وصوت الباطل يرتفع ، ومفهوم الجريمة يتسع ، وأفراده تتعدد ، ومصاديقه تتجدد ، وليس آخرها ما وقع في مصر الكنانة ، على يد مجموعة من الغوغاء والهمج الرعاع الذين اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، وباعوا دينهم بدنيا غيرهم ، ورسموا بريشه التطرف والإرهاب لوحة دموية يأبى - رغم لؤمه ودمويته - أن يرسمها شارون أو هتلر ، لأنها مثلت الجريمة النكراء ، والفعلة الشنعاء ، بكل ما للكلمة من معنى .شيخ يبلغ من العمر ستة وستين عاما ، يتوكأ على عصا وهبتها له عوادي الزمن ، جاء الى بيت أخته سعدية وهو يعلم ان القوم يمكرون به وقد يقتلونه ، فهم قبل يومين وبعد أن استمعوا الى خطبة صلاة الجمعة التحريضية قد خرجوا يحملون العصي ودخلوا الشارع الذي يقطنه الشيعة ، واخذوا يهتفون الموت الموت الموت للشيعة الروافض، ويهددون ويتوعدون ، لكن الوصول إلى العوائل المتشيعة كان بالنسبة للشيخ حسن شحاته يمثل واجبا مقدسا لا قيمة للحياة إزاءه ، نزل من سيارة كانت تقله نوع هونداي ألترا ، وركب مايشبه الستوتة وهي عربة صغيرة ( تسمى تك تك ) تستخدم في الطرق الضيقة ، واخذ يمازج صبيا من أقاربه اسمه محمد ، وبعد أن وصل استقبلته أخته واحتضنته مرددة عبارة ( أهلا يا سيدنا الشيخ ) ثم صعد سلم البيت ومن حوله يكررون الصلاة على محمد وآل محمد ، وما أن وصل إلى الطابق العلوي حتى ردد الحاضرون دعاء الفرج ( اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه ... ) ثم طلب منهم ان يحضروا اللوحة فلما وضعت بين يديه أخرجها من الكيس وإذا بها تتضمن بوستر عن الإمام المهدي ( عج ) وطلب أن تعلق في داخل الغرفة ، ثم توجه نحو صورة للإمام الحسين ( ع ) كانت معلقة على الحائط وانحنى يقبلها ثم تأمل فيها ملياً وكأنه كان يعلم انه سيلتحق بركب الحسين بعد دقائق معدودة .هذا المشهد كان قبل لحظات من استشهاده . وفي الطرف الآخر كانت قطعان الوهابية تحتشد وقد امسك كل واحد منهم بعصا غليظة ومطرقة حديد متوجهين تلقاء بيت الشيخ وقد اجمعوا على قتله ، فأحاطوا بالدار من كل جهة ، واخذوا يهدمون جدران المنزل للوصول إلى الشيخ المنشغل عن كل هذا بالاحتفال بذكرى ولادة الإمام المهدي ( عج ) وبعد ساعة أو ساعتين أدركوا ما أمَّلوا ودخلوا الدار كما دخل أسلافهم دار فاطمة ( ع ) وأحاطوا بالشيخ ولكن أولاده وأقاربه لم يسلموه لهم حيث جعلوا رؤوسهم وأظهرهم لرأسه وظهره وقاء كما فعل أصحاب الحسين ( ع ) حينما هجم الشمر مع مجموعة من الخيالة على الحسين وأصحابه وهم يصلون فأصبح الواحد منهم كالقنفذ لكثرة السهام ولم يترك إمامه ، والقوم أبناء القوم .فلما أثخن أولاد الشيخ وأقاربه بالجراح ، أصابهم الوهن والضعف ، وفقدوا الوعي ما مكن الغوغاء المجرمين من الوصول إلى الشيخ وانهالوا عليه ضربا بالمطارق والعصي الغليظة وهو يمسك بقطعة قماش بيضاء يمسح فيها الدم النازف من رأسه ، وبجانبه سقط احد أولاده وقد فاضت روحه ، فبينا هو يجود بنفسه إذ تقدم نحوه رجل يمسك بكلاَّب غرزه في جسمه واخذ يجره وهو لازال حيا ثم ربطوا رجليه بحبل ليواصلوا جر جثمانه الطاهر، في صورة تقارب إلى حد كبير ماجرى لمسلم بن عقيل وهانئ بن عروة حينما أمر عبيد الله بن زياد أن يرموا من أعلى القصر ويجران في الأسواق بالحبال ، والحبل نفس الحبل. والغريب في الأمر أن ما حدث رغم استغراقه وقتاً طويلاً ، والضجة والضوضاء تملآن المكان ، إلا أننا لم نلحظ للشرطة وقوى الأمن ومكافحة الشغب وجوداً في مكان الحادث ، وكأن الأمر قد دبر بليل ، ولكن قيل بأن هناك شرفاء من أهل القرية - وهم من أهل السنة - استنجدوا بالشرطة ولكنهم اعتذروا بدعوى أنهم لم يستطيعوا ذلك لكثرة عدد الغوغاء ، وإنهم قد تعرضوا للضرب مما اضطرهم للانسحاب ، وهذا العذر يمكن أن يكون مقبولا لو أن المهاجمين كانوا يحملون بأيديهم أسلحة نارية ، ولكن ما رأيناه وأظهرته شاشات التلفزة وصفحات الانترنت أن سلاح المهاجمين لم يكن سوى العصي ، والمطارق ، ولولا أنهم باغتوا الضحايا لما تمكنوا منهم ، فكيف تمكنوا من ضرب الشرطة والتي يفترض أنها تملك أنواعا من الأسلحة ؟ إن هذا لشيء عجاب !! إلا إذا كانت دماء الأربعة الشيعة لا تساوي قطرة من دماء السنة بنظر الشرطة ! أو أن هناك أوامر صدرت لهم بعدم التعرض للمهاجمين ، أو لعلهم متواطئون معهم ؟ كل الاحتمالات واردة . وللتاريخ أقول إن كان هؤلاء يريدون بقلتهم الشيخ الشهيد أن يقتلوا الحقيقة التي كان يمثلها ، فهم واهمون لأن الشهادة أضفت على تلك الحقيقة نوراً يسطع إلى عنان السماء ، سيدخل كل بيت في مصر ، وستمتلئ به قلوب الصالحين ، ويزيد قلوب الظالمين رينا ، ونفوسهم رجزا ، وسترتفع لآل محمد في مصر راية تعلوا كل الرايات ، وسيستظل الشيعة تحت ظلال شجرة الوفاء التي غرسها الشهيد وسقاها بدمه الزكي وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، والعاقبة للمتقين .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
رعد
2013-06-28
السلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا. ان شاء يرجع للدنيا مع ظهور صاحب العصر عجل الله تعالى فرجه من أجل محاكمة قتلته. يا رب.
mohamad ali
2013-06-28
الاغبياء ظنوا بعملهم هذا انهم سيقضون على التشيع ولكن الله طبع على قلولهم ونسوا ان هناك انترنيت ومن لم يعرف من هو الشيخ قد عرفه الان وعرف انهم قتلوا مسلم يقول لااله الا الله وان محمدا رسول الله وانه هناك المئات سيتشيعون وكسب الشيخ مرافقه النبي واهل بيته في اعلى جنان الخلد وهم لعنه الله والناس والخلود في النار.
المغترب النجفي \ كندا
2013-06-27
احد شهود العيان نقل الحادثه عبر صحفيين كانوا يتقصون الحقائق وقال بعد ان سحلوه ذبحه شخص جزار اي قصاب بسكين يدعى محمود واخذ الدم يتدفق من رقبته مثل الشاة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك