المقالات

حسن الجوار يعمر الديار


حسن الهاشمي

حقوق الجيران كثيرة لا يمكن اقتصارها في الاحترام والود الظاهري دون سبر العلاقات بينهم في أدق تفاصيلها من قبيل مساعدة المحتاج وتحمل الأذى وعودة المرضى وحضور المناسبات وإسداء المعروف بكل أنواعه لمستحقيه، فمن عمل ذلك فإنه قام بتعمير داره وزيادة رزقه وعكسه بمثابة الهلاك والضياع وسلب موجبات التوفيق. قرن القرآن الكريم عبادة الله تعالى والإحسان إلى الوالدين والأرحام بالإحسان إلى الجار كما في قوله تعالى : ( واعبدُوا اللهَ ولا تُشرِكُوا بهِ شَيئاً وبالوالِدَينِ إحساناً وبذي القُربى واليتَامى والمَساكينِ والجارِ ذي القُربى والجارِ الجُنُبِ والصّاحبِ بالجَنبِ) (سورة النساء : 4 | 36).فقد رسم القرآن الكريم منهجاً موضوعياً في العلاقات الاجتماعية يجمعه الإحسان إلى أفراد المجتمع وخصوصاً المرتبطين برابطة الجوار، وحق الجوار لا ينظر فيه إلى الانتماء العقائدي والمذهبي ، بل هو شامل لمطلق الإنسان مسلماً كان أم غير مسلم ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « الجيران ثلاثة : فمنهم من له ثلاثة حقوق : حق الجوار ، وحق الإسلام ، وحق القرابة، ومنهم من له حقّان : حق الإسلام ، وحق الجوار ، ومنهم من له حق واحد : الكافر له حق الجوار » (جامع السعادات | النراقي 2 : 267).أوصى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته بمراعاة حق الجوار ، والسعي إلى تحقيقه في الواقع ، وركز على ذلك باعتباره من وصايا الله تعالى له ، قال (صلى الله عليه واله وسلم) : « مازال جبرئيل (عليه السلام) يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه»( بحار الأنوار 74 : 94) .وحسن الجوار ليس كف الأذى فحسب ، وإنّما هو الصبر على الأذى من أجل إدامة العلاقات ، وعدم حدوث القطيعة ، قال الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) : « ليس حسن الجوار كف الأذى ، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى » (تحف العقول : 306).ودعا (صلى الله عليه واله وسلم) إلى تفقد أحوال الجيران وتفقّد حاجاتهم ، فقال : « ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع » (جامع السعادات 2 : 268).وحثّ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) على حسن الجوار لما فيه من تأثيرات إيجابية واقعية تعود بالنفع على المحسن لجاره ، فقال : « حسن الجوار يعمّر الديار ، ويزيد في الأعمار » (الكافي 2 : 667).والاعتداء على الجار موجب للحرمان من الجنة ، كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : « من كان مؤذياً لجاره من غير حقّ ، حرمه الله ريح الجنة، ومأواه النار ، ألا وإن الله عزَّ وجلَّ يسأل الرجل عن حق جاره ، ومن ضيّع حق جاره فليس منّا » (بحار الانوار 76 : 362).ما أحلى ديننا وهو يوصي بالقربى والجيران وبقية أفراد المجتمع بالمعاملة معهم بالمعروف والحسنى بطريقة الأولوية والتدريج، وهي أنجع الطرق التي تجعل من المجتمع الإسلامي مجتمعا متكاملا متماسكا يسعى لتحقيق السعادة ليس بين أفراده فحسب بل تعم المجتمعات برمتها، حيث إنه يوصي بالجار بغض النظر عن انتمائه الفكري والعقائدي، وهو قمة في التعاطي الإنساني لا نجد له مثيلا في القوانين الوضعية، ولكن بشرط تحمل المسؤولية من قبل المسلمين لتقديم ذلك النموذج الأنصع في العلاقات الاجتماعية.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك