المقالات

صعلكة على أبواب التاريخ..!


ثمة من يقول أن التاريخ صناعة فردية، إي أن التاريخ تحركه أرادات الأفراد، غافلا أو متغافلا عن دور الشعوب..

أصحاب هذا الرأي يرون أن الشعوب  ليست إلا وقودا حيويا يستخدم لإدارة محركات التاريخ، أما قيادة التاريخ فهي مهمة أفرادا "تاريخيين"... وبالحقيقة فإن مثل هذا القول يمكن قراءته قراءتين: الأولى تفيد بصحته، والثانية تنقضه من أساسه، وتلك هي الطريقة المثلى في القراءة الموضوعية..

القراءة التي تفيد بصحة هذا الرأي تقول أن أحداث التأريخ الكبرى، هي حاصل جمع سلسة من أحداث الصغرى في حقبة تاريخية معينة، وأن هذا الحاصل هو الحصاد النهائي الذي يترك لنا التاريخ غلته، نستخدمها في بناء حاضرنا عبرة، وفي السعي نحو مستقبلنا إعتباراً..

الأحداث الصغرى هي الأخرى نتاج تحركات وأفعال لجماعات  يقودها أو يحركها أفراد متميزون بشيء ما، يجعلهم مؤثرين في بيئتهم وبالأحداث..وفي ذات المسار، وعندما تكبر الأحداث، يحركها أفراد متميزون بين المتميزين، إولئك هم القادة العظام وصناع الأحداث الجسام...

في القراءة التي تنقض الرأي القائل بأن التاريخ صناعة فردية، ينظر الى ما نسميه دور الفرد ـ المحرك ـ الزعيم ـ الرمزـ ـ القائد في تحريك عجلات التاريخ، على أنه  في واقع الأمر من عمل المحيطين به من مريدين وأتباع ومنفذين ومتنفذين ومستفيدين وكل حسب إسهامته، هؤلاء الأفراد لا تحركهم إلا نوازعهم الذاتية، التي من خلالها يستطيعون إقناع الرمز الزعامي بتبني ما يصدر عنهم ليخدم أهدافه، وغالبا ما يصدر عنهم يتسم بالطابع الأناني الذاتي الضيق، قوامه أفكار شريرة، دافعها الحقد أو التسلط أو ضعف النفس أمام المال والشهوات...هؤلاء هم الذين يلتفون حول الرمز السلطوي، والسلطة هنا عنوان عريض جدا أضيق أمثلته الدولة ونظام الحكم ،وإلا فإن هناك الرمز العشائري والقبلي، والرمز المالي والاقتصادي، وربما هذا الرمز أقوى الرموز..! ولدينا في حالتنا العراقية رموزا من هذا النوع تحرك تاريخ حقبتنا وفقا لإرادات الأفراد والجماعات التي تمثلها والتي التقت مصالحها بمصالح الرمز الاقتصادي..

في بلدنا اليوم صراع جديد ليس بين القوى السياسية، بل لدينا صراع بين رموز من النوع الذي ذكرناه قبل قليل، وهؤلاء يسخرون الأحداث ويوجهونها لخدمة مصالحهم...هؤلاء ثقافتهم  تتعدى ثقافة المال، وهي ثقافة بلا قيم، وليس لديها من أولويات غير أولوية نمو المال، لكنهم يستخدمون السياسة والسياسيين كأدوات في صراعاتهم..

ولسنا بحاجة الى ذكر أسماء، فذكر الأسماء يضعف هذه الرؤية، التي يبدو أنها تصلح لكل زمان ومكان، لكن قراءة في تاريخنا الإسلامي، تعطينا صورة عن أمثلة كثيرة لهذا النوع من الصراعات..وكل الذين حكموا الدولة الإسلامية بخلافاتها الثلاثة، كانوا من هذا النوع... فيما عدا أبو تراب..!

كلام قبل السلام:حتى الطغاة يطفح خطابهم السياسي بالنوايا الحسنة، ولكن الأفعال لا تترجم هذه النوايا..!

سلام...

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك