المقالات

سراب النجاح...


الإسلام يؤمن أن العمل السياسي يحتاج إلى حُنكة وحِكمة وقُدرة على توظيف الأحداث للوصول للغايات، ضمن مُحددات شرعية وأخلاقية معروفة، لايمكن تجاوزها، ولايوجد في الإسلام شي مُطلق ضمن مبدء الغاية تُبرر الوسيلة، إلا اذا تَخلى مَن يؤمن بذلك عن إنتمائه للإسلام، فلإسلام يُقر أن الوسائل من جنس الغايات.  فمن يُريد الخدمة في أي مَجال لايُمكن أن يستخدم وسائل غير شرعية للوصول، وهذا هو قياس لتمييز اصحاب الاهداف السامية عن سِواهم، فمتى كانت الوسائل ملتوية وغير مشروعة لايمكن أن تنتج حالة إطمئنان وثقة بالغايات المعلنة، أوقد تنتج مايطمح إليه المواطن. وعندما نتصفح أوراق التاريخ نجد أن الإنحراف ابتدأ مع استخدام المناورات الغير مشروعة في العمل السياسي، لذا لم يثمر عن اي نجاح، والدولة الاسلامية التي صعدت سريعا في بعض مراحل حياتها، بوسائل القوة الغير مشروعة والكذب والدهاء والتأمر والقتل، كما في الفتوحات الاسلامية وماذا انتجت اليوم..؟  امة مريضة في كل شيء عقائد فاسدة اصبحت محط تندر من المسلمين انفسهم..!  تبعية ذليلة امام العدو الأول للإسلام، تخلف في كل المجالات، شعوب تعيش على الهامش وسط عالم متصارع الأفكار كل يريد ان يثبت وجوده، خيراتها يمول بها اعدائها، حكام كل مافيهم سيء، فهم أرذل وأشر مواطنيها. وكل هذا يعود الى الميكافيلية الذي استخدمها حكام الامة قبل ان ينظر له الايطالي ميكافيلي في كتابه( الأمير)، حيث سبقة لذلك معاوية مثلا.  ربما العقليه الصحراوية التي عليها العرب واستصحابها معهم لجسد الدولة الإسلامية كان سبب، أو أن التدخل الخارجي في الدولة الإسلامية مع بداية نشوءها هو من رسم طريق هذه الامة. وعلى هذا أصبحت عقلية معظم المسلمين تعتقد أن السياسة البارعة هي خداع ومكر ونكث وعود.  والحقوق أو توفير الامن والمنعة لاطريق له إلا بالتشدد والنفاق والتلون، وأن الناجح سياسيا هو الأكثر دهاء وقدرة على التأمر، رغم انهم يحصدون يوميا نتائج هذه السياسة ويلات وتخلف.  اما سياسة الإسلام التي تؤمن بأن السياسة حكمة وحنكة وتحكم بضوابط وشروط شرعية أخلاقية، غدت غريبة ومستهجنة ومن يمارسها ويؤمن بها يعده البعض غير متمكن من العمل السياسي، ولايمكن أن يُعيد حق أو يوفر إستقرار..! ويعلل امير المؤمنين لاهل الكوفة حيث يخاطبهم ( يااهل الكوفة اتروني لااعلم مايصلحكم؟بلى ولكني اكره ان اصلحكم بفساد نفسي)،  وهذا عين مانشهده في العراق، حيث يعتقد البعض ان من يدعون للوحدة والشراكة الحقيقية والحوار والتنازلات المتبادلة ناتجه عن ضعف فيهم ..!  أو أن من يمارس سياسة الإسلام اليوم يوصم بأخفاء نواياه الحقيقية وأهدافه البعيدة، ويتم التأليب ضده تحت هذه التهمة.  لان هذا مايسود العالم ألإسلامي اليوم، حيث يشيع اعداء الاسلام ضد الدول التي تقف بوجه مشاريعهم التي تريد بالامة الشر، بأن هذه الدول لها اهداف بعيدة تهدف للسيطرة على الشعوب الإسلامية والعربية..!  كما يحصل مع الجُمهورية الإسلامية الايرانية، والغريب أن المسلمين يدعون لسياسة الإسلام ويبشرون بها ويدعون لها، ويعادون من يمارسها..! لذا نجد ان اضعف القوى السياسة في الساحة هي تلك القوى التي تؤمن بمباديء وقيم وترفع شعارات من جنس الاهداف، وتمارس سياسة معتدله تسعى للم الشمل ومنح الكل فرصة المساهمة في بناء البلد، وضعفها ناتج من صدقيتها، والتزامها ازاء ماتقول وتدعي. حيث تتعامل مع قوى تمسي بموقف وتصبح بأخر، وتتلاعب بمشاعر المواطن وتغير الحقائق، وهذا سر قوتها انها تطرح سراب النجاح.. لكن الأكيد أن هذه السياسة مصيرُها الفشل لأن السراب سيكشف في النهاية...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك