المقالات

عطب محركات قطار..!


 

العملية السياسية قطار يتحرك بمحركات، محركاته هم القادة السياسيين، هذه المحركات كي تدور تحتاج الى وقود، وقودها نحن..!

هذا ما توصل الى تشخيصه كل متابعي الشأن السياسي هنا في العراق..

وما دام القادة السياسيين هم المحركات ، فلا بد من إفتراض أن عليهم التعاطي مع تفاصيل الرحلة بكل محطاتها وتوقفاتها ومنعرجاتها بواقعية، بعيدا عن الرغائبية التي سادت المشهد السياسي منذ التغيير النيساني الكبير في 2003 ولغاية اليوم..

الواقعية السياسية تفرض أيضا أن يتعلم  الساسة من الآخرين كيفية بناء فلسفة لدولتهم، بعد أن عجزوا عن إبتكار فلسفة خاصة بهم تستند الى الخصوصية العراقية، كما تفترض بالساسة تفهم ووعي طبيعة التشكل التاريخي والسياسي والاجتماعي للعراق، بعد أن يدققون في المحددات والتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن يكون لديهم من الثقة ببلدهم وبأنفسهم، ما يعينهم على تلمس مواقع أقدامهم في عالم متغير مضطرب تسوده تداعيات الفكر الرأسمالي المتوحش وفوضاه الخلاقة!..

لكن هذه الإفتراضات لا تجد لها مصاديق على أرض الواقع، لأن بعضا من الذين يعدّون أنفسهم نخبا سياسية وثقافية، ينظرون للشؤون العراقية بعيون ذئاب، وبعضهم الآخر ينظر استشراقية وكأنهم لا يعرفون العراق !

وهكذا تكون لدى العراقيين موقف من الساسة بناءا على سقوط تلك الأفتراضات، هذا الموقف يتمثل  بأن العراقيين ليس لديهم ثقة راسخة بقدرة القادة السياسيين على صناعة معجزة تنموية، في ظل شبكة معقدة من التحديات والتعقيدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة الى سقوط الإفتراضات الآنفة..

إن بلدنا يعيش جملة تحديات مركبة، بعضها ناجم عن عوامل داخلية، متعلقة بقدراتنا ومواردنا وسياساتنا وثقافتنا ومنهجنا في التفكير والسلوك والإدارة، وبعضها خارجي ليس لنا يد في صناعته، لكن علينا واجب التعاطي معه والتقليل من سلبياته...غير أن الملمح الأبرز بين ملامح مرحلتنا السياسية الراهنة، هو أن معظم القوى السياسية تتحدث عن اشياء لا تؤمن بها، أو على الأقل لا تتفاعل معها ..!

إن المازق الأكبر الذي وجدت القوى السياسية نفسها فيه ـ ونقصد كل القوى السياسية بضمنها غير المشاركة بالعملية السياسية، هو أن عطبا كبيرا أصاب محركاتها، بسبب أن حدا أدنى من المشتركات مفقود، وإذا وجد هذا المشترك بيين قوتين، فإنه لا يتوقع أن يكون موجودا بين ثلاثة قوى.. كما أن وجود المشترك بين قوتين مثلا لا يتوقع ديمومته، إذ سرعان ما يجري هدمه أو نقضه بسبب إنعدام ثقافة تطوير المشتركات وحمايتها..وهي ظاهرة علامتها الأبرز تحلل التحالفات السياسية وغياب الإنسجام داخلها..وهو مرض تعاني منه كل التحالفات ولا يقتصر على تحالف بعينه..إن السبب الحقيقي وراء ذلك، هو أن المشترك الوطني لم يرقى لدى القوى السياسية الى مستوى أن يتحول الى ثابت مقدس لا يمكن المساس به..فبقي في داخل عقول بعض المخلصين من الساسة يتحدثون عنه وبه بين الفينة والأخرى على إستحياء..!

كلام قبل السلام: غياب الثقة بين الساسة والشعب، يعني أن ثمة إنسداد في مجرى الوقود الى المحركات..!

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك