المقالات

كيفية تعيين الحكام والمحافظين والمدراء في الدولة العادلة...!


لا مراء من أن الإنسان تراكمي في معرفته، وأن المعارف التي بين أيدينا هي نتاج الذين سبقونا الى اللحظة التي نحن فيها..ولا مراء من أن هذا التراكم آلت ملكيته الينا بقصد الإنتفاع من ما يناسبنا منه، وبقصد رفض ما يضرنا منه ، وترك عن ما لا يفيدنا..

إذن نحن أمام ثلاثة مواقف مع المعرفة السابقة للحظتنا، هي مواقف الأخذ والرفض والترك، مما يعني أن علاقتنا مع الماضي نسبية إستنادا الى نسبية المنفعة..

علاقتنا مع الماضي في أساسها مبنية على هذا الأساس، أساس المنفعة، لكن المنفعة تتحول الى شأن عقيدي أذا وجدنا أنها تتجاوز إطارها لتبني منظومة قيم متكاملة..

التراكم المعرفي الذي أتحدث عنه هو الذي يقود حركتنا الى أمام، إذ لا يمكن الإنطلاق الى أمام من نقطة غير معلومة، ولا يمكن أن نتحرك بغير هدى، ومن المؤكد أن إتجاهات حركتنا إذا لم تستند الى تراكم معرفي،  ستكون غير مضمونة النتائج، بل ستؤدي بنا الى نتائج كارثية في أكثر الأحتمالات..

هذه المقدمة أجدها ضرورية كي أدلف منها الى موضوع مأسسة الدولة..

مأسسة الدولة موضوع جوهري في بناء مستقبلنا، وثمة مفهوم غاب عن أذهان الساسة في معنى السلطة، فالسلطة عند معظمهم مشروع للحكم ووسيلة للنفوذ والسلطان، وهذا مفهوم تغالبي لا  يبني دولة..

في المفهوم الأسلامي للدولة يمكن أعتبار السلطة أو الحكم، مشروع عام تتملك الأمة منافعه بالتساوي، الحاكم والمحكوم على قدم وساق، مشروع لا يتاح فيه للحاكم فرصة تحويله الى ملك عضوض، كما حصل بعد وقبل أول تجربة للحكم العادل في الكون قادها أمير المؤمنين علي (ع)، بعد أن أسس الرسول الأكرم(ص) مؤسسة الدولة العادلة الأولى للبشرية..

في مشروع الدولة العادلة يفر الصالحين من تولي الحكم، لأنهم يدركون أن مهمة العدل من أعقد المهام، فهم على بينة من أنهم سيولون أمرا يفترض بهم أن يسيروا فيه بطريق ينطبق والمعايير التي وضعها الخالق سبحانه وتعالى، كما أنهم يعون أنهم ملزمون أن يراجعوا دوما ما يفعلونه مع تراث ضخم من الوصايا والتعليمات التي تركها فيهم رسولنا الأكرم(ص) ومن بعده منفذ أول نموذج في الحكم الصالح بعده، وأعني به الإمام علي (ع)

وحسبنا دعوة الأمم المتحد المتحدة في تقريرها السنوي لعام 2002، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بحقوق الإنسان وتحسين البيئة والمعيشة والتعليم، الدول العربية إلى اتخاذ الإمام علي بن أبي طالب(ع) مثالاً لتشجيع المعرفة وتأسيس الدولة على مبادئ العدالة. وقد احتوى التقرير المذكور الذي اشتمل على اكثر من مائة وستون صفحة، على ست نقاط رئيسية أوصى بها الإمام أمير المؤمنين قبل أكثر من (1000) عام مثلت العدالة والمعرفة وحقوق الإنسان.

أهم ما جاء في التقرير هو كيفية تعيين الحكام والمحافظين والمدراء في الدولة!!! وكيفية ان يكونوا عدولاً مع الشعب بل وتحمل المعارضة، فيذكر التقرير إرشادات الإمام لرئيس الدولة نموذجاً في الطريقة المثلى حيث ذكر التقرير: « اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تحكمه الخصوم ولا يتمادى في الزلة, ولا يحصر من المضيء إلى الحق إذا عرفه. ولا تشرف نفسه على طمع. ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه وأوقفهم في الثبوت وأقلهم تبرماً بمراجعة الخصم وأصبرهم على تكشف الأمور، واحرمهم عند اتضاح الحكم. ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستمليه إغراء وأولئك قليل».

كلام قبل السلام: سلام عليك أبا حسن، عرفوك وتركناك..

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك