المقالات

ثقافة الاستقالة في العراق الجديد


بقلم : رياض البغدادي

ليس من السهل ان يقدم مسؤولٌ ما استقالته من منصبه السياسي الذي يشغله بالتعيين او بالانتخاب خاصة في الحالة العراقية التي يعتبر فيها المنصب الطريق السالك والسهل للوصول الى كل مايطمح له الانسان من مال وسلطة ورخاء وغيرها من الامتيازات التي أقرّها القانون العراقي للسياسيين ، بحيث يتمتع بها سابع ظهر من ذرية المسؤول .هناك حالات كثيرة تجبر المسؤول النزيه وغير النزيه على الاستقالة ، ففي الدول المتقدمة مثلاً تعتبر الاستقالة ثقافة عامة وحاضرة في ذهن كل مسؤول ومن اليوم الاول الذي يتربع فيه على كرسي منصبه الحكومي ، وقد شهدنا استقالات تأريخية في العالم المتقدم منها ، استقالة الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون عام 1974 بسبب فضيحة ووترغيت واستقالة اكثر من سبعة وزارات عراقية ايام الحكم الملكي واستقالة البابا بندكت السادس عشر هذا العام بسبب ضعفه في اداء مسؤولياته البابوية واستقالة الرئيس الالماني كريستيان فولف عام 2012 بسبب فضيحة قرض شراء منزل ، وهناك استقالات من نوع آخر مثل استقالة وزير الداخلية الالماني بسبب فشله في منع هجمات ارهابية واستقالة رئيس الوزراء اليوناني بسبب الفشل في تقديم حلول للازمة الاقتصادية التي تمر بها اليونان .اذن ... الاستقالة واحدة من مفصليات العمل السياسي في الدول الديمقراطية ، وبالطبع ليس بالضرورة ان يكون المسؤول المستقيل فاشلاً وانما في حالات كثيرة بل اكثرها يكون المسؤول فيها بارعاً في ادائه الحكومي لكنه غير قادر على تنفيذ مشروعه السياسي بسبب الطاقم الذي يعاونه او بسبب الضغوط البرلمانية او بسبب اخطاء غير صادرة عنه مباشرة او غيرها من الاسباب .ترى مالذي يمنع المسؤول العراقي النزيه غير القادر على اداء مهامه من تقديم استقالته ؟ اليست الاستقالة جزءاً من العمل الديمقراطي ؟ ام ان الديمقراطية لا يفهمها المسؤول العراقي الا لمجرد كونها امتيازاتٍ واموالاً وعقوداً وصفقات يتسحوذ عليها هو وحزبه الذي ينتمي اليه وافراد عائلته ؟!!لقد شهد العراق بعد تغيير النظام البعثي البائد حالة استقالة فريدة من نوعها ربما لم يحدث مثيل لها في كل الدول الديمقراطية واعني بها استقالة السيد عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية ، فهي لا تنتمي لاي نوع من انواع الاستقالات التي حدثت ، فلا يوجد مسؤول في العالم يستقيل لأجل التخفيف من الاموال المصروفة على المناصب الحكومية !!نعم هذا هو السبب الرئيس لأستقالة السيد عادل عبد المهدي ، لم يرضَ هذا الرجل ان يكون منصبه سبباً في بعثرة اموال الشعب العراقي ، بعد ان تجاوز مهندسو تشكيل الحكومة في اربيل على الدستور والقانون واضافوا السيد خضير الخزاعي كنائب ثالث الى رئيس الجمهورية لترضية الخزاعي وكسب تأييده لدعم احتفاظ السيد نوري المالكي بمنصب رئاسة الوزراء !!!انها حالة من نكران الذات وتعبير حي للضمير النقي لم يألفه الوسط السياسي العراقي ، فثقافة الاستقالة جهاد ثقيل للنفس يريد له السيد عادل عبد المهدي ان يرسخه في ادبيات السياسة العراقية بعد التحرير ... نحن نرى بأم اعيننا الفشل الذريع في كل مفاصل الدولة ونعيش فصول دراما الدم العراقي الذي يسيل كل يوم ، اضافة الى صفقات الفساد التي فاحت رائحتها الكريهة في مكاتب اعلى المناصب الحكومية ليس اولها صفقة الطائرات الكندية ولا ثانيها ملياري دولار شركات الكهرباء الوهمية ولا آخرها صفقة السلاح الروسية لكننا ، لم نرَ مسؤولاً يستقيل ولا حتى يكون شجاعا ويتحمل مسؤولية الخطأ ، وافضل مايمكن ان يقدمه بعد كل فشل ، هو انه شكّل لجنه للتحقيق ، وتمر الايام وتذوب القضية لينسى الشعب وينشغل بهمٍّ جديد وازمة جديدة اكبر من سابقاتها .وهكذا يعيش المواطن العراقي ازمات الحكومة مع شركاءها ويتحمل تبعاتها ولا تجد مسؤولاً يتحمل ازمات الشعب المنهك المحاصر ببؤسه وحرمانه وضياع مستقبله ... انها دراما الفشل الذي يعيشه العراق بعد تحرره من كابوس البعث الرهيب !!!

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
نوار الحسيني
2013-04-02
اعتقد ان السماء امطرت يوم 25 / 12 / 2012 وقد غرقت على اثرها بغداد لاسباب فنيه لا علاقة لي بذكرها الان ولكن الذي اريد ان اقوله ان بغداد لو غرقت بالدم مثل غرقها يوم 25 كانون الاول من سنة 2012 قبل الميلاد ؟؟؟ لم ولن يستقيل من منصبه اي مسؤل عراقي رفيع المستوى .... وبالاخص 1 - مختار العصر 2 - رئيس دولة القانون 3 - رئيس مجلس الوزراء 4 - وزير الدفاع ووزير الداخلية اصالة ووكالة 5 - رئيس جهاز المخابرات اصالة ووكالة 6 - حامي الحمى من الارهاب الكافر 7 - الخخخخخخخخخخخخخخخخخخ
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك