المقالات

قراءة قانونية لقرار مجلس الوزراء بتأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والأنبار


إسماعيل علوان التميمي

المقدمة بتاريخ 19 آذار 2013 قرر مجلس الوزراء في جلسته العاشرة تأجيل إجراء انتخابات مجالس المحافظات في محافظتي نينوى والأنبار لمدة أقصاها ستة أشهر . وجاء في تسبيب القرار إن هذا التأجيل جاء ( بناءاً على طلب من مجلس محافظة الأنبار والجهات الرسمية والكتل السياسية والأحزاب ووجهاء المحافظتين وتقديراً من الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة لعدم ملائمة الظروف الحالية لإجراء الانتخابات في المحافظتين ). أثار هذا القرار انقساما واسعا في الرأي بين الأوساط السياسية فمنهم من وقف موقفا مؤيدا لهذا القرار ومنهم من عارضه ، وكل جهة سياسية تتعاطى مع هذا القرار في ضوء انتفاعها أو تضررها منه دون أن تلتفت إلى مدى قانونية أو عدم قانونية هذا القرار وذلك لوجود خلل كبير في استيعاب اغلب الكتل السياسية للدستور والقوانين ذات الصلة بالمواضيع التي ينصب عليها الخلاف ، كان ولا يزال احد الأسباب الرئيسية للازمات السياسية التي تعصف في البلاد .وبهدف مناقشة هذا القرار بشكل قانوني بحت بعيدا عن المواقف السياسية التي تصدر من الجهات السياسية المعنية به سواء تلك المنتفعة أو المتضررة بهذا القرار حيث تناولنا بحث هذا الموضوع بمبحثين خصصنا المبحث الأول لآلية تحديد موعد انتخابات مجالس المحافظات بوجه عام وخصصنا المبحث الثاني لمدى قانونية قرار مجلس الوزراء بتأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والأنبار دون المحافظات الأخرى .

المبحث الأول

آلية تحديد موعد انتخابات مجالس المحافظات بوجه عام

رسم قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم 36 لسنة 2008 المعدل آلية تحديد موعد انتخابات مجالس المحافظات في المادة 46 منه التي جاء فيها أولا: يحدد موعد الانتخابات بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح من المفوضية يعلن عنه بوسائل الأعلام المختلفة قبل الموعد المحدد لإجرائه بــ (60 يوما ) .ثانيا: يتم التصويت في يوم واحد لمجالس المحافظات.من قراءتنا لهذا النص نجد ان المشرع حدد ثلاثة شروط لتحديد موعد انتخابات مجالس المحافظات وهي :ـ1ولا- أن يتم تحديد موعد الانتخابات باقتراح من مفوضية الانتخابات يقدم إلى مجلس الوزراء . وحكمة المشرع من هذا الإلزام هو إن إجراء الانتخابات وتنظيمها من اختصاص مفوضية الانتخابات ولابد ان يناسب الموعد المحدد لإجراء الانتخابات مفوضية الانتخابات لكي تتمكن من استكمال كافة المستلزمات الفنية واللوجستية اللازمة للقيام بها . ولا يمكن تصور إجراء انتخابات دون أن يتم التعرف على الموعد الذي يناسب المفوضية .ثانيا-إعلان الموعد الذي تجري فيه الانتخابات قبل الموعد المحدد لإجرائها ب 60 يوما والحكمة من ذلك هو علم الكافة بهذا الموعد قبل فترة كافية لتمكين القوى والأحزاب السياسية والأفراد عموما للتهيؤ لهذه الانتخابات والاستعداد لها والقيام بالحملات الانتخابية والتعريف بالمرشحين وكذلك تامين حضور المراقبين والصحفيين الأجانب الذين يرغبون بالحضور لتغطية ومراقبة مدى نزاهة الانتخابات سواء من قبل المنظمات الدولية المعنية أو من قبل مختلف دول العالم وكذلك تمكين المراقبين والصحفيين المحليين ومنظمات المجتمع المدني من الحضور والمشاركة الواسعة في مراقبة وتغطية الانتخابات.ثالثا- أن تجري الانتخابات في يوم واحد في كافة المحافظات غير المنتظمة في إقليم أي في جميع محافظات العراق عدا محافظات إقليم كردستان . وهذا الشرط يعني وحسب مفهوم المخالفة انه لا يمكن تجزئة انتخابات مجالس المحافظات بموجب هذا القانون . الحقيقة إن الحكمة التي توخاها المشرع من النص على هذا الشرط في القانون هي انه تحسّب لموضوع المدة المحددة لدورة مجالس المحافظات وهي أربع سنوات وتجزئة الانتخابات سيؤدي في الانتخابات التي ستجري في نهاية الدورة التي يتم انتخابها في نيسان القادم إلى تفاوت في المدد بين المحافظات . وكمثال فبالنسبة للمحافظات التي يتم تأجيل الانتخابات فيها (وهي في مثالنا الأنبار ونينوى) سوف لا تكتمل المدة المحددة لها في حين ستكتمل المدة بالنسبة لبقية المحافظات لمرور أربع سنوات مما يستوجب إجراء انتخابات مستقلة لهاتين المحافظتين تلى الانتخابات في بقية المحافظات في كل الدورات الانتخابية القادمة وهذا سيؤدي بدوره إلى إرباك عمل المفوضية وتجزئة جهودها وهدر في الوقت والجهد والمال لا مبرر له إضافة إلى ما يمثله من مساس في وحدة القرارات والإجراءات الاتحادية المفترضة في البلد الواحد في موضوع وطني مهم هو الانتخابات المحلية التي تجري عادة في مواعيد موحدة .

 

المبحث الثانيمدى قانونية قرار مجلس الوزراء بتأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والأنبارلا شك إن القانون منع تجزئة الانتخابات في الفقرة ثانيا من المادة 46 من قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم 36 لسنة 2008 المعدل للأسباب التي ذكرناها ، كما إن القانون لم يتطرق إلى حالة تأجيل الانتخابات بعد تحديد موعدها ولكن طبقا للقواعد العامة ولاسيما في حالة الظروف القاهرة وهذه الظروف قد تكون كوارث من فعل الطبيعة كالأعاصير والسيول والفيضانات والزلازل وغيرها أو من فعل البشر كأعمال التمرد المسلح أو غيرها من الحالات التي لا يمكن حصرها والتي يستحيل معها إجراء الانتخابات والتي كان من المتعذر على صاحب القرار الذي حدد موعد الانتخابات توقعها ولا دخل له في خلقها ففي هذه الحالة يكون تأجيل الانتخابات أمرا لا مفر منه ولكن تأجيل هذه الانتخابات يبقى مشروطا بعدم التجزئة الذي نصت عليه الفقرة ثانيا من المادة 46 لأنه نص آمر لا يجوز مخالفته لأي سبب .وهذا يعنى انه إذا تم اللجوء إلى خيار تأجيل الانتخابات بسبب الظروف القاهرة فيجب أن تؤجل الانتخابات في جميع المحافظات ولا يجوز تأجيلها في بعض المحافظات عملا بأحكام الفقرة ثانيا من المادة 46 التي اشرنا إليها التي جاءت مطلقة والمطلق يجري على إطلاقه كما هو معروف .هنا يثار التساؤل الأتي ، ما هو الحل إذا أردنا تأجيل الانتخابات في محافظة واحدة أو محافظتين كما هو الحال في محافظتي نينوى والأنبار ؟ الجواب هو الذهاب إلى مجلس النواب لإصدار تشريع بتعديل القانون يقضي بتأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والانبار كما حصل عند تأجيل الانتخابات في محافظة كركوك في قانون الانتخابات رقم 36 لسنة 2008صفوة القول فان الرأي القانوني بقرار مجلس الوزراء الخاص بتأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والانبار هو :ـ1-لا يمكن تأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والأنبار دون بقية المحافظات بقرار من مجلس الوزراء عملا بأحكام الفقرة ثانيا من المادة 46التي تمنع تجزئة الانتخابات .2- يمكن لمجلس الوزراء بعد التشاور مع مفوضية الانتخابات تأجيل الانتخابات في المحافظتين المذكورتين وذلك بان يقترح تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات يتضمن تاجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والانبار ويحدد موعدا جديدا لإجراء الانتخابات في المحافظتين المذكورتين يقدمه مسببا إلى مجلس النواب للموافقة عليه .وعليه ليس لمجلس الوزراء تاجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والانبار الا باقترح قانون تعديل لقانون انتخابات مجالس المحافظات بالتشاور مع المفوضية ويعرض على مجلس النواب للموفقة عليه .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك