المقالات

من المذنب


محمد صبري الربيعي

الأخطاء .. يرتكبها أفراد وتتحمل نتائجها أمم ، وهذه النتائج غالبا ما تكون مأساوية لمن تقع عليهم أعباء حملها ، وهذه الحقيقة تطالعنا على مر العصور وحقب التاريخ وحتى يومنا هذا ، فجميع الحروب التي اندلعت على الأرض أشعل فتيلها أشخاص ولكن الشعوب هي من احترقت بنارها ، فللحروب مآسٍ عديدة منها الآنية كسقوط القتلى والضحايا ، وما يخلفونه وراءهم من نساء أرامل وأطفال أيتام تقتلهم الحاجات ، فالعائلة تحتاج إلى السكن والقوت ، والأرامل تحتاج إلى ما تحتاج اليه النساء ، والأطفال يحتاجون الى التربية والتوجيه السليم ، ومن هنا تبدأ المآسي اللاحقة التي تؤدي الى سقوط المجتمعات من النواحي الاقتصادية والثقافية والأخلاقية ، حيث يعم الفساد نتيجة التخمة التي تصيب القلة ، والجوع الذي يسحق الأغلبية ويصل بهم أحيانا الى مرحلة العدم . فتبدأ القلة المتخمة باستغلال جوع المعدمين ، وفجأة يتحول المجتمع إلى سوق للنخاسة يباع فيها الجواري والرقيق بأبخس الأثمان تحت قاعدة (العرض والطلب) بأبشع صورها ، ومع انشغال الكبار في صراعهم القائم على أساس الملذات مقابل الحاجات في مناحات موبوءة ، يفقد الصغار من يوجههم إلى الطريق الصحيح ، ويعلمهم التمييز بين الصواب من السلوك الخاطئ ، وهنا يحدث الانقسام في السلوك ، فالبعض يحاول خوض تجربة التعلم والاستكشاف التي قد ينجح فيها وقد يفشل متشبثا ببقايا قيم فتح عينيه فوجدها باقية إمامه ، والبعض الآخر لايكلف نفسه عناء التعلم ، ويجحد ما وجده أمامه من تراث آبائه ، فيتجه إلى الاقتباس من المحيط الذي حوله سواء أكان قريبا أم بعيدا . ولأن الانزلاق أسهل دائما من التسلق والارتقاء ، نرى الكثيرين منهم يميلون إلى ما هو سهل وبمتناول اليد ، فيقتبسون سلبيات الأمور وليس ايجابياتها ، لان البناء يحتاج الى عزم وإرادة لا يمتلكونها ، كما ان العديد من المجتمعات تحرص على تصدير سلبياتها وتتمسك بايجابياتها لدرجة البخل لان في ذلك سبيلاً لتفوقهم وفرض هيمنتهم على الآخرين ، وما دام المجتمع واقفا على ارض هشة تكون السلبيات التي منها القتل والسرقة والانحلال الخلقي واللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية والاهتمام بتوافه الأمور دون مهماتها ، هي الوسيلة الأسهل للكسب والحياة في نظر البعض . ان كل ما تحدثنا عنه من نتائج لأخطاء شخص او قلة من الأشخاص كانت بيدهم زمام الأمور ، يؤدي الى فقدان الأمان وإراقة الدماء وانتهاك المحارم والأعراض حتى مع وجود القانون الذي يطبق ضمن هذه الأجواء الفاسدة على البعض ولا يطبق على الآخرين وقد يتنازل البعض من القادة ليعترف بما ارتكبه من خطأ ، مجرد اعتراف ، لينبري وعاظ السلاطين والمنتفعين من فتات موائدهم محاولين تبريره بالقول ان الاعتراف بالخطأ فضيلة ، فهل تغني الفضيلة عن المسؤولية شيئا وهل ان مجرد الاعتراف بالخطأ سيصحح الأخطاء ويحقن الدماء التي أريقت او الأرواح التي أزهقت ، هل الاعتراف سيهذب جيلا نشأ على استصواب الخطأ وتخطيء الصواب ، وإذا كانت فضيلة الاعتراف تحتسب لمن اخطأ فماذا سيحتسب لمن تحمل عبء الخطأ ؟ أسئلة عديدة نطرحها أمام هذه النظرية ، ولعل البعض قد أحسن صنعا حين طرح نظريته بطريقة لا تفتح الأبواب أمام التساؤلات والاعتراضات لان نظريتهم قد عالجت جميع الأسئلة التي أثرناها قبل قليل عندما قالوا : من اعترف بذنبه فلا ذنب عليه . (( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ))

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك