المقالات

مقال جدير بالقراءة: العراق من جديد.. بقلم د. حياة الحويك عطية * كاتبة وباحثة وإعلامية لبنانية

877 08:20:00 2013-01-26

 

كيف نقارب ما يُجرى في العراق بعد سورية وبعد سلسلة طويلة أولها أبعد من أحداث تونس وآخرها لا ينبئ بخير لدول الخليج العربي، خاصة بعد اكتشاف خلية الامارات وبعد ما تسرب عن الجلسة السرية للبرلمان الكويتي؟

هل نحن أمام مالطا جديدة؟ أمام اعلان بريطاني جديد؟ أمام سايكس- بيكو جديدة؟

الخريطة مشدودة باستمرار على الطاولة، والأقلام الزرقاء والخضراء "اضيفت اليها الوان اخرى" لم تنفك تعمل عليها خطوطا تتطور اتجاهاتها مع كل معطى جديد ولا جديد في الجديد لأن كله يندرج ضمن عنوانين ثابتين: الثروات الطبيعية واسرائيل. غير أن الأولى تجلت هذه المرة في الغاز بعد أن كانت طويلا تتركز في النفط.

برلسكوني يقول أمس إن ما حصل في ليبيا لم يعدُ كونه التفافا فرنسيا على ايطاليا للحصول على الغاز الليبي، وفي أكثر من كتاب صدر مؤخرا في الغرب تفاصيل عن ترتيب موضوع غزو ليبيا بين قطر وفرنسا قبل أية انتفاضة شعبية في ذلك البلد. المهم أن البلد لم يكن المقصود بل غازه، سواء من قبل هذا أو ذاك.

المصادر نفسها تقول إن المخطط لسورية كان يستنسخ التجربة الليبية، لكن حسابات الحقل لم تتحقق على البيدر، ورغم الارباك الذي وقعت فيه السلطة في البداية، رغم التباطؤ في ادارة الأزمة نتيجة عقلية متكلسة لا تصلح لذلك، رغم انكشاف ضعف الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية، الا أن الجيش العربي العظيم تمكن من تلقف الكرة، ومن صد الهجوم الشرس الدولي العربي، إن لم يكن قد تمكن بعد من دحره. وبالتوازي كانت الدبلوماسية تخوض معركتها بنجاح وتتصدى بتماسكلها لكل توقعات الانهيار. بالمقابل كانت المعارضة الوطنية العريقة، في الداخل والخارج تجسد صلابة نادرة في تمسكها بثوابتها الوطنية والقومية وفي عدم قبولها عروض الرشوة والارتزاق، وعدم خلطها بين معارضتها لنظام حكم وقبولها بتدمير الوطن ارضا وشعبا، فترفع شعارها الثلاثي: لا للعسكرة، لا للطائفية، لا للعنف. لم تنجح في تطبيق هذا الشعار ، وابعدها تآمر عربي- اوروبي عن واجهة الصورة السياسية لتحل محلها معارضة مأجورة مرتزقة لا تعنيها سورية الا بقدر ما يمكن ان تحمل لجيبها من منافع وما يمكن ان تؤمنه لها من الظهور في الاعلام . وغطت هذه المعارضة المفبركة المرتزقة العسكرية التي يحمل بعضها حقدا مذهبيا وجهلا ويحمل قادتها برنامجا معينا يعرفون كيف يخدمونه.

جوهر هذا الحلم سورية ضعيفة مهزوزة ينطبق عليه ما خلص اليه خبراء مركز بيغن -السادات في اسرائيل : " ليس المهم من يحكم بعد الاستنزاف ، لأن الدولة السورية تكون قد ضعفت وخطرها قد انتفى". لكن جوهر هذا الحلم خريطة فرنسية قديمة لا تزال في الادراج لتقسيم سورية الى دول ثلاث على أساس مذهبي ورابعة على أساس عرقي. خريطة لا تقبل بأن تكون حدود مفاعيلها سورية الحالية، وانما لا بد من مدها الى سوريا الطبيعية كلها، وعليه لا بد من العودة الى العراق، فاذا كانت سورية قد شكلت عائقا لنجاح تقسيم العراق في السنوات العشر الأولى من القرن، فان العراق الآن يشكل خط امداد لسورية يساعدها على الصمود، خط لا بد من قطعه، وأفضل السكاكين هي السكين المذهبية. ..حسنا ولكن اي نظام جاء بعد الاحتلال لم يكن فاسدا؟ فلماذا لم يدعم أحد غير سورية أي حراك احتجاجي أو مقاوم في السابق؟ مظلومية "السنة". حسنا ولكن ألم يكن العراقيون مظلومين منذ انطلقت طائرات الأمريكي من دول لتفرض عليهم الحصار ولتحتل بلادهم وتدمرها، فلماذا لم ترفع هذه الدول شرها عنهم بدلا من ان تغذي اليوم صبغ حراكهم باللون المذهبي، استكمالا لما عجز الاحتلال عن تحقيقه؟ أجل ان مطالب المتظاهرين حق، ولكن ما دخل مطالب المتظاهرين بجرائم ارتكبها شركاء الحكم؟ هل يكفي أن يكون المتجاوز سنيا ليغفر له لدى "السنة وشيعيا" ليغفر له لدى الشيعة؟ وهل يجوز أن يصبح طارق الهاشمي أو رافع العيساوي أو نوري المالكي ثمنا مبررا لتقسيم العراق؟ خاصة وأنه من المعروف علميا أن الانقسام تحت الاحتلال يكون أقل حدة لأن ثقل الاحتلال يوحد، لكنه بعد زواله الشكلي يصبح أكثر خطورة وعنفا. فهل على هذا راهن الامريكيون والغرب عموما بعد أن تركوا وراءهم قنبلة متواترة التفجر هي القنبلة المذهبية، التي ان التقت بقنبلة الفساد في بلاد رحبة الخيرات، وبقنبلة الاحقاد في ظل تاريخ سياسي عمّقها، كان الحصاد رهيبا.

8/5/13126

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك