( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
كثيراً ما سمعنا من اجتهادات وتأويلات وتفسيرات لمسألة الفيدرالية، فمنهم من ذهب الى تفسير الفيدرالية بانها خطوة اولى نحو التقسيم، ومنهم من يراها التقسيم بعينه، ومنهم من يعتقد بانها مؤامرة تستهدف ضرب الخارطة السياسية ليس في العراق وحده وانما في المنطقة برمتها ومنهم من يقول غير ذلك كله.وبطبيعة الحال فان موضوع كموضوع الفيدرالية غير قابل لكل هذه الاتجاهات اذ ان ثلث العالم المتحضر يعتمد النظام الفيدرالي في حين اذا تتبعنا هذا الثلث سنجد انه الاغنى اقتصادياً والاكثر تماسكاً اجتماعياً والاقوى ربما عسكرياً.فعندما تسير في مدن هولندا فانك ستلاحظ الى جانب العلم الاتحادي الهولندي ما مجموعه سبعة وثلاثون علماً فيدرالياً لكن بالنتيجة فإن هولندا لن تعرف بغير هولندا وليس لها عاصمة غير امستردام وكذلك فهي واحدة من الدول الاغنى في العالم والاكثر تطوراً وامناً واستقراراً، وبذلك فان الفيدرالية الهولندية هي التي صنعت لهولندا هذا الغنى رغم قلة ثرواتها الطبيعية كالنفط والخامات الاخرى التي لا دخل للانسان بايجادها وتكوينها.هذا الحال ينطبق على المانيا كذلك، فالمانيا هي الاخرى التي يصطف الى جانب علمها الاتحادي سبعة عشر علماً اقليمياً او فيدرالياً، ولا نعتقد ان هنالك اثنان يختلفان على قوة المانيا عسكرياً واقتصادياً وامنياً وتكنولوجياً ويكفي المانيا انها البلد الاغنى في العالم والاكثر قدسية لوحدتها وتماسكها الوطني خصوصاً بعد انضمام المانيا الشرقية للبلد الام.هذا الحال ينسحب على سويسرا والنمسا وسويسرا والولايات المتحدة الامريكية ودول اوربية وافريقية وحتى عربية كالامارات العربية المتحدة.لكن بالرغم من كل تلك الشواهد فان الدكاكين السياسية العربية والابواق المأجورة وحتى بعض القوى السياسية العراقية واجهت المشروع الفيدرالي العراقي اكثر من مواجهتها للقاعدة والارهاب، ولا ندري ان كانت تلك المواجهة تحمل فعلاً حرصاً وطنياً على وحدة العراق ام ان الامر غير ذلك، وهنا صار الحديث ينتفي في ظل استعراض التجارب الدولية الآنفة حول الفيدرالية.الآن وبعد ان تقدمت الدولة بمشروعها الجديد حول النفط والغاز صرنا نجد انفسنا مُقسرين باستحضار المواقف من الفيدرالية بسبب الرفض المسبق لهذا القرار من قبل البعض، ونحن حتى الساعة لم نتصفح هذا القانون ولم نتعرف على مدى فاعليته وفائدته ومضاره حيث صارت مواقف الرفض والطعن بالقانون اشبه بالسكاكين المغروسة في جسد بعير مهيأ للذبح دون ان نعرف سبباً واحداً لهذا الرفض.اننا نأمل من قوانا السياسية وشارعنا العراقي بشكل عام ان يتأنى قليلاً في مسألة قبوله او رفضه لأي مشروع حيث يفترض ان يكون للقبول اسبابه مثلما يجب ان يكون للرفض اسبابه، فلِمَ ارفض فيدرالية توحد واقبل مركزية تفرِّقْ؟، ولِمَ ارفض قانوناً يجعلني اشعر لاول مرة بأنني انتمي الى بلد الثروة كما هو حال الاوربي او الخليجي واقبل بقوانين لم اجني منها غير الفقر والحسرة على حياة الشعوب المرفهة بثرواتها؟.. انها دعوة للتأمل ليس الا.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha
