المقالات

الشهيد السيد مهدي الحكيم وثورة الفكر...


سعيد البدري

لاشك ان استذكار شخصية عظيمة من الشخصيات الاسلامية يثير فينا المشاعر ويدفعنا لاقتفاء الاثر لسببين اولهما لماذا هذا التاثير وكسب المكانة في قلوب معاصريه من العراقيين والعرب وعموم المسلمين وثانيهما الاسباب التي تدفع نظاما وحشيا كنظام العفالقة لاستهداف وتصفية رجل كالسيد محمد مهدي الحكيم وقد تكشف الاجابة عن هذين السؤالين مدى ارتباطهما ببعضهما فلولا المكانة العميقة في قلوب المحبين وقوة الشخصية وصوابية الرأي وايصال مظلومية الشعب العراقي الرازح تحت استبداد نظام العفالقة لما اقدم هذا النظام الجبان على تعقبه ومحاولة قتله بشتى الوسائل الى ان جاءت اللحظة التي تمكن فيها رجال مخابراته القذرة من اغتيال هذا العلم الشجاع في السودان بتواطىء واضح من قبل بعض الاشخاص هناك ولنتعرف اكثر او نقترب منه فعلينا ان نفهم او لا من هو محمد مهدي الحكيم وهل كان مجرد ابن لزعيم المرجعية الدينية السيد الامام الحكيم ام ان هناك ميزات اخرى قد تكون اعمق مما نتصور واكثر قوة اهلته لقيادته جوانب كبيرة في العمل الاسلامي المعارض لنظام صدام وحزب البعث الكافر. ان العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم الملتصق بالمرجعية الدينية وابنها البار لم يكن صاحب نظرة تقليدية فيما يتعلق بانتمائه لهذه المؤسسة العريقة فهو يرى رضوان اله عليه ان بناء مجتمع مدني بمؤسسات مؤهلة يستطيع نقل العراقيين تحديدا الى مصاف الشعوب المشاركة في صناعة قرارها والمشاركة في الحكم وهذا حسب نظرته لم يكن ممكنا عبر الحكم الشمولي وهو ما يقودنا بحسب هذه النظرة ايضا الى تغيير شامل وكامل في اساليب التنمية والبناء والتعليم وانماط اخرى تتعلق بحرية التعبير وحرية الرأي وغيرها لانه رضوان الله عليه كان يقرا في التنوع الكبير للشعب العراقي نقاط قوة لايمكن لغيره رؤيتها في تلك الحقبة تحديدا لذلك فهو يرى ان بناء مؤسسات دولة راسخة قوية رصينة تضمن عدم تشرذم الاتجاهات العرقية والاثنية والطائفية وسط معادلة صعبة تحيط بالعراق هو مفتاح حل مشكلة مزمنة عانى منها العراق ولازال يعاني وهي فكرة حكم الاقلية وموجة الانقلابات العسكرية وحكم جنرالات الحرب المرتبطين باجهزة المخابرات الغربية والاقليمية, فهذا النضج في الرؤية اعطاه بعدا اضافيا جعل منه شخصية مؤثرة بل ان الكثيرين ممن عاصروه وهم ينتمون لمدارس فكرية وسياسية وتوجهات مختلفة كان يرون فيه رمزا للاعتدال والانفتاح,ليس هذا فحسب بل العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم (قدس سره) كان من بين ابرز الشخصيات الوطنية التي تركت بصماتها واضحة وجلية في خارطة النضال الوطني ضد النظام الاستبدادي الدكتاتوري في العراق بوجود مثل هذه النظرة الشاملة الكاملة عن طبيعة النظام البديل للبعث حال سقوطه وهو مادفع هذا النظام الى استشعار الخطر والتخطيط لتصفيته بكل وسيلة وهو ما يقودنا ايضا الى فهم نظرة الاخرين حيال قضية قد يرونها متناقضة مع ما يؤمن به وكما هو معلوم فأن رجل الدين والعالم تحديدا تحيطه قبليات واعتقادات وقواعد فقهية لابد ان يراعيها في استخلاص احكامه والا فانه قد يخرج عن خط العلمية ويكون مجرد سياسي اوصاحب رأي مخالف بسبب قصور فهمه للفكرة وابتعاده عن هذه المتبنيات اما فيما يتعلق بنظرة الشهيد السيد مهدي الحكيم فقد قرأ كل ذلك وشخصه والتزم به بل دعمه بشواهد وقراءات من ارث الامة وائمتها الانجاب سلام الله عليهم مضافا اليه التصاقه بالواقع العراقي وتحديده لنوع المشكلة وعلاجها وهو ما جعل منه شخصا يتفرد في نظرته وعلاجه الدقيق لها بعد كل ذلك يطرحها بكل شجاعة ويضعها بامانة لئلا يقال انه طامع في ملك او ساع الى منصب, ورغم تعقيدات تلك المراحل الخطيرة التي شهدت تصارع قوى الشرق والغرب وانقسام دول العالم الى معسكرين يدوران في فلك قطبين (اشتراكي وراسمالي) مما يصعب المهمة ويفتح الباب امام المتقولين والانتهازيين للطعن في مثل هذه الافكار ونسبها لتاثره باحد المعسكرين كما كان سائدا في تلك الفترة من حروب التسقيط وصراع المعارضة الداخلي في المهاجر المحتدم اصلا بفعل توق كل فريق لكسب الجمهور وحشد الانصار ومع ايصاله الحقيقة للجميع ناصعة وافهامهم اياها مما اضاف له نجاحا اخر يضاف الى نجاحاته والذي اوضح بوصفه داعية ومفكر اسلامي ورجل سياسة محنك ينتمي للحوزة العلمية بل هو استاذ من اساتذتها الافاضل ان هذه المؤسسة منتجة وفاعلة ولها نظرتها التي تنفرد بها وهي مستمدة من ارث الاسلام العظيم ومبدئيته ورسوخه واثبت ايضا في رده على بعض المدارس الاخرى ومناقشتها بالدليل العلمي الواضح ان للامة الاسلامية جمهورها وشارعها الذي بدء ينتفض ويرفض التبعية وفي هذا المجال تحديدا أي صراع الفكر فقد كانت للسيد محمد مهدي الحكيم بصماته في المجالات الفكرية والثقافية في مختلف بقاع العالم الإسلامي وغير الإسلامي، ففي باكستان والامارات ولندن وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود من العمل المتواصل استطاع السيد مهدي الحكيم ان يصنع أنموذجا للشخصية الرسالية التي لاتحدها الظروف وتتفاعل مع الجميع وتفتح فضاءات وافق واسعة للعمل الاسلامي الملتزم ، بحيث انه تعامل مع مختلف العناوين والاتجاهات، في الاطارات الوطنية و الاسلامية وبهذا استحق ان يكون رمزا من رموز التسامح والاعتدال والانفتاح على الجميع وان فقدانه رضوان اله عليه خسارة كبرى للعالم الإسلامي، بل و للإنسانية باجمعها ولأن اختاره الله تعالى شهيدا مظلوما فارى ان في ذلك انصافا له وتتويجا لجهاده وعلمه ودفاعه عن ابناء امته وشعبه وما اشد فرحتنا بعلمائنا الشهداء وما تركوه لنا من ارث ينبغي ان نستفيد منه ونعيد انتاج افكاره بما يتلائم مع حاجتنا الفعلية لها سيما ونحن نمر بظروف عصيبة وتحديات نحتاج فيها مثل هذه الافكار النيرة الصادقة المباركة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك