المقالات

المرجعية الدينية تعلن الخط الاحمر


محمد حسن الساعدي

للمرجعية الدينية العليا لدى اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام موقع متميّز في نفوس شريحة كبيرة من المسلمين الذين يتميزون بانتمائهم عقيدة وفقها وتاريخا الى العترة الطاهرة التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وآله عٍدلا للقرآن الكريم ، إذ خلّف في الامة الاداة التي تعصمها من الخطأ والانحراف.ومن هنا تبرز القيادة الحكيمة والكفاءة الادارية للمرجع في التصدي لما يعتبره السياسيون مصدر القوة في القرار. ذلك أن باستطاعة فتوى من سطر واحد ان تلغي فاعلية اتفاقيات التبغ التي أبرمها ملكٌ يجلس على سدّة الحكم، وفتوى اخرى تتشكل من ثلاث كلمات تقف بوجه الحزب الالحادي الذي يعتبر الدين افيونا للشعوب، وهذا ما يخيف الماسكين بزمام الحكم في ساحة السياسة.فقد مارست المرجعية الدينية على مدى التاريخ في عالمنا الاسلامي الدور الريادي في قيادة الامة الاسلامية وبالخصوص اتباع أهل البيت فمن محاربتها للاحتلال الانكليزي وللفكر المنحرف الذي دخل الى عالمنا وجهودها الكبيرة في موضوع الوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب وأن الوحدة الحقيقية ليست في أن يتحول الشيعي الى سني أو بالعكس، بل يتعبَّدُ اللهَ كلُّ بمذهبه مع التعاون في النقاط المشتركة، فهذه المصالح تأخذ مساحة واسعة من المفاهيم الاسلامية في الأحكام والعقائد وقسم منها إجتهادات العلماء والفقهاء والمفكرين والتي لاضير فيها، و أن التضخيم في الخلاف بين المذاهب منشئه المصالح الذاتية للسياسيين والحكام الذين يريدون تحقيق أهدافٍ معينة من خلال إيقاع الفتنة وتوسيع الفجوة بين المسلمين.وقد إتَّسمَ ظاهر المرجعية الدينية بالابتعاد عن العمل السياسي المباشر، وذلك لاختلاف مفهوم السياسة من عالم الى آخر، ومن هنا نأت المرجعية بنفسها طيلة عقود طويلة عن السلطة والتصارع عليها لحفظ إستقلالية الحوزات العلمية وعدم البقاء تحت هيمنة الحكام خاصة، وإن تدخل المرجعية في السياسة مسألة معقدة أثيرت حولها إشكالات كثيرة ، وهذا لايعني مطلقاً أن المرجعية لم يكن لها رأيٌ في الأمور السياسية وتشكيل الأحزاب، ولبعض العلماء دور واضح في تشكيل أحزاب سياسية اسلامية كان لها تأثير على الساحة.فقد أنيط بالمرجعية دورٌ محوري فيما يتعلق بقيادة الأمة الإسلامية بصفة عامة وقيادة الطائفة الشيعية بصفة خاصة، حيث أنها تقوم مقام الإمام المعصوم إبّان غياب الحجة المنتظر (عج)، فهي المسؤولة عن توجيه الأمة للعمل بما يقتضيه الشرع الإسلامي الحنيف، وهي التي يجب عليها أن تتكفل بإشباع حاجاتها (أي حاجات الأمة) الفكرية الإسلامية للعمل الإسلامي وأن تراقب طريقة عملها وأن ترجعها إلى جادة الصواب في حالة بروز أي مؤشر يدل على الانحراف عن الجادة. المرجعية الدينية رافد معرفي و ثقافي و روحاني يستقي منه المرء حاجته المعرفية و الروحية , و هذه المعرفة ليست من نسج الخيال و وحي الأوهام و التصورات الذاتية . بل على العكس من ذلك هي من معين القرآن العظيم و السنة المحمدية الأصيلة , و هذان المصدران كما هما لآخرة الانسان هما لدنياه كذلك , و من آخرة المرء و دنياه أن يتناغم مع نسيجه الاجتماعي الذي يعيش فيه بما يكفل مصلحة الجميع . و بتعبير آخر فان المرجعية الدينية الصالحة هي وجه الدين و التهمة لها تصبح تهمة للدين , فهل الدين يهدم الاوطان و يضر بمصالحها أم هو ضلع هويتها الاساس .واذا أشكل فقيل أن المرجعية عنوان عام تنطبق على من هو صالح ومن هو غير ذلك , قلنا ان الخطأ في الاختيار هو خطأ تطبيقي لا تلام فيه النظرية انما يلام فيه المتهجه نحوها بعنوان خاطئ . فيصبح شأن المرجعية الدينية شأن المرجعيات الأخرى من اقتصادية و فنية و رياضية و سياسية و طبية فالاخذ عن العالم المختص سمة عقلائية و حضارية لا يضر بها الخطأ في تشخيص المصداق و غير داخل فيها شرط تماثل جنسية المرجع .بقي أن اذكر أن عزتنا في التفافنا بمرجعياتنا الدينية الصالحة و النهوض بها و معها في صناعة أمة واعية رسالية و متحضرة , تدعوا الى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة و تحاور مختلف الأطياف و الأديان و المذاهب في شتى بقاع العالم بالتي هي أحسن بهدف نشر الخير و الصلاح و تعميم السلام و محاربة الجهل و التعصب و الانحراف .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
تی فی شیعة
2013-01-18
سلام علیکم تمّ نشرهذه المقالة فی موقع"تی فی شیعة": http://www.tvshia.com/arabic/index.php/ط§ظ„ظ…ظ‚ط§ظ„ط§طھ/ط§ظ„ظ…ط¹ط§ط±ظپ-ط§ظ„ط¥ط³ظ„ط§ظ…ظٹط©/395-ط§ظ„ظ…ط±ط¬ط¹ظٹط©-ط§ظ„ط¯ظٹظ†ظٹط©-طھط¹ظ„ظ†-ط§ظ„ط®ط·-ط§ظ„ط§ط­ظ…ط± الامام الرضا علیه السّلام: أَلْمُسْتَتِرُ بِالْحَسَنَةِ يَعْدِلُ سَبْعينَ حَسَنة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك