( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
تناولنا في العدد الماضي القمة العربية من الخارج لجهة تنظيمها وتسلسلها ومكانها وسلطنا حزمة ضوء على الوفد العراقي الذي تزعمه فخامة رئيس الجمهورية العراقية السيد الطالباني فيها وقلنا بالتأكيد ان الكثير من القادة العرب عندما حضروا الى الرياض للمشاركة في القمة او في أي قمة اخرى كان معظم اولئك يختزن في ذاكرته الكثير الكثير من الذكريات الخاصة بالسلوكيات والممارسات التي كانت تعتمدها وفود النظام المشاركة بالقمم العربية على الاقل بدءاً من قمة فاس وانتهاءً بقمة بيروت 2002.
في هذه الزاوية اردنا ايضاً القاء حزمة ضوء سريعة على نتائج القمة فيما يخص الملف العراقي ومشاهده المعقدة حيث ان العرب وخلال اكثر من عشرة قمم مضت كان الملف العراقي هو الملف الاكثر تعقيداً بسبب العقد التي كانت تطبع سلوكيات النظام.
ولا نكشف سراً اذا قلنا بان شعبنا العراقي اصيب ببعض الذهول وهو يستمع للكثير في كلمات الرؤساء والملوك والقادة العرب دون ان يتوقفوا اولئك عند المنعطفات الحادة التي تشهدها الساحة العراقية بدءاً من العملية التغييرية وانتهاءً بالاهارب الذي بات يحصد ارواح العراقيين دون الاكتراث بهوياتهم وانتماءاتهم ومكوناتهم الفكرية والعقائدية والقومية والمذهبية وهذا ما اشرت عليه مؤخراً احداث تلعفر.
ان بياناً يصدر عن قمة عربية وقد خلى من الادانة الصريحة والواضحة للعمليات الارهابية التي تجري في الساحة العراقية من شأنه ان يفتح شهية المراقبين والمتابعين نحو هذا الهروب غير الواضح هو الآخر، بل ان هنالك محطات اخرى ذكرها البيان مثل تأكيده على ضرورة تغيير او تعديل الدستور واعادة النظر بقانون اجتثاث البعث وبعض العناوين السياسية المفصلية العراقية تجعل من التساؤل حول خلو البيان من الادانة للارهاب القاعدي اكثر الحاحاً واكبر استفهاما، خصوصاً اذا عرفنا ان الدساتير العراقية التي كتبت خلال العهود الممتدة منذ الاحتلال العثماني الى الملكي الى العصر الجمهوري الاول الى الثاني الى المحاولة التي ابتدعها النظام عام 1991 ولم تكتمل كانت جميعها قد كتبت من قبل خبير دستوري قانوني واحد وليس من قبل لجنة تتألف من سبعين شخصية قانونية وفكرية ومهنية دون ان نسمع صوتا واحدا لا من العرب ولا من غيرهم، لا في قممهم ولا في مؤتمراتهم؛ مَنْ طالب باعادة النظر بكتابة الدستور العراقي، وهنا لا ندري ما هي الاسباب الحقيقية التي دعت القمة الى توجيه مثل هذه التوصيات للقيادة العراقية التي تريد ان تنتظم وفق السياقات العربية والدولية، بالوقت الذي كانت يخيم عليها الصمت منذ القرن الثامن عشر وحتى دخولنا الالفية الثالثة.
نعم نحن لا ننكر ان القمة العربية هي قدر العرب ونحن منهم مثلما اننا لا ننكر بان القمة العربية تمثل بيئتنا وهويتنا وقد افدنا واستفدنا بها ومنها، لكن في كل الاحوال ان يبقى البعض يرى فينا شعباً قاصراً بحاجة الى من ينصب نفسه قيماً او وصياً عليه فان هذا امر مرفوض وغير مقبول على الاطلاق.
https://telegram.me/buratha
