المقالات

وهل السخرية ... حرية تعبير ؟!


بقلم : رياض البغدادي

إن أشد ما يدهشني اليوم الوضاعة التي وصل اليها التفكير في الغرب بحيث انه صار لا يفرق بين الحرية التي هو رائد انتشارها في العالم والسخرية التي هي خُلُقٌ دنيء لا يمكن ان نجعله عرفا من اعراف الحرية في التعبير وإلا فمن الممكن للاجيال يوما ما ان تجبرنا على جعل الاغتصاب حرية للتعبير عن الحب من طرف واحد او القتل حرية للتعبير عن مشاعر الغضب وغيرها من وسائل الوضاعة والبدائية من الافعال الشاذة التي يرتكبها الانسان المنحرف في كل مكان من العالم بدءً من الغابات النائية في الامازون واحراش افريقيا الى الاليزيه والبكنغهام في لندن .لابد للعالم الغربي اليوم ان يعيد اولوياته ويصوغ مجددا متبنياته الفكرية التي افرط في توسيع فضاءاتها ليعود مجددا الى احضان الانسانية التي ابتعد عنها كثيرا ويجب على علماء الاجتماع في العالم الغربي ان يفهموا المشاعر والتعبيرات على حقيقتها وبشكلها الانساني وعلى القيادات السياسية في اوربا وأمريكا ان يكّفوا عن اصدار القرارات المتعالية التي يخطّوا بها طرقا للعيش اجنبيةَ عن التفكير الانساني متعمدين او جاهلين بفداحة ما يقدمون عليه من تعجيم للإنسان ومحاولة حجزه في اسطبلات وقوالب لا تليق بغير العجماوات من خلق الله . من منا يستوعب فعلَ معبّرٍ عن رأيه وهو يمشي خلف صاحب عاهة محاولا تقليده لإضحاك الناس عليه ؟ ومن في الغرب يستطيع ان يهضم مدَّعٍ لحرية التعبير وهو يرفع وسطى اصابعه يغمزه بشتيمة جنسية ؟ واي انسان وقور محترم يتقبل منك شتيمة لجده او لجدته التي ماتت قبل مئة عام او اقل او اكثر ؟ لا يمكن لإنسان سوي ان يتقبل السخرية والبذاءة في القول والفعل ، والمسلمون ليسوا بدعا من الشعوب والامم بل هم اصحاب حضارة عريقة في تصنيف الاخلاق ووضع نظرياتها وليسوا الوحيدين ممن صنّف السخرية كخُلُقٍ بذيء يعاقب عليه القانون كذلك جميع الامم تعتبر السخرية خُلُقاً هابطاً لا يلجأ اليه الا الهابط والوضيع من الناس .يمكننا كمسلمين ان نتقبل رفضك لفعل من افعال النبي محمد صل الله عليه وآله او غيره من الانبياء عليهم السلام ومكتبات المسلمين حافلة بكتب الحوار والنقاش ... نحن نحاور الملحد الذي يشكك في وجود الله ، نعرض عليه حجتنا وليس لنا عليه سلطان في القبول او الرفض ، لكننا ابدا لا نقرُّ سبّاً لذات الله او سخرية لفعل من افعاله ، كذلك ليس من اخلاقنا ان نسب آلهة مفترضة لا نعترف بوجودها او نسخر من عقائد واديان لا ندين بها وذلك جزء من اخلاق نتعبد الله تعالى بها وقد بذلت الامم السالفة الكثير من الوقت والجهد من اجل ترسيخها كمفاهيم انسانية تشيع الاحترام بين ابناء الارض وتؤسس لهم مشتركات يلتقون عليها ... قل انك تشكك في نبوة محمد صلوات الله عليه وآله وقد سبقك الى ذلك الكثيرون عبر التأريخ ولم يتعرض اليهم احد بل ناقشهم الافذاذ من العلماء والفلاسفة المسلمين ومنهم من جعل يوما في الاسبوع ودكة خاصة في المسجد يقابل عليها الملحدين ليرد شكوكهم وشبهاتهم.اليوم ،ونحن نرى العالم يرجع القهقرى وقد تشابكت لديه المفاهيم واختلطت السخرية والسباب والمثلية الجنسية بالأخلاق والأعراف عمدا او جهلا هذا العالم الذي تعددت لدى محافله السياسية المكاييل ففي الوقت الذي تمنع الفرنسية من ارتداء حجابها وهو جزء من اختياراتها الشخصية لم نرَ زبدا يتطاير من فم الرئيس الامريكي اوباما ولم نرَ منه دمعة يذرفها بكاءً على تلك الحرية التي ديست في قلب الحضارة الغربية قرب برج ايفل الذي سحر عيون الشرق والغرب . اي حضارة غربية تلك التي تمنع بناء المآذن وتسمح ببناء الصواريخ العابرة للقارات ؟ ... اي حضارة تلك التي تتحجج بالالم لمنع الختان وتسمح بتثقيب الشفة والانف وخرم الاذن وادخال المسامير في الوجوه وهو ما فتحت له محال في كل مدينة وحي ؟ ... اي حضارة تلك التي تسمح بالتعري وتمنع ارتداء الحجاب ؟ ... انه لمن محاسن ما جئناكم به نحن المهاجرين الشرقييين ايها الغرب هي العفة والغيرة والشرف والاحساس بالكرامة هذه الصفات الانسانية الحميدة التي بدأت تتسرب الى مجتمعكم المفكك الخالي من الروح والمشاعر .ليس فينا من يقبل انتهاك حرمة الدم كما ليس منا من يقبل انتهاك حرمة الدين والعقيدة بالسخرية والتطاول والسباب وفي المقابل نتقبل بكل رحابة صدر بل اننا نتوق لمن يفتح معنا حوارا في حقيقة ديننا او صدق رسالتنا لاننا نعلم جيدا اننا نقف على ارض رصينة ولدينا الحجج الكافية لاقناع العاقل بكل مانؤمن به .كلنا مدعوون اليوم للمطالبة بسن قانون عالمي يٌحرِّم الاستفزاز ويٌفرّق بين النقاش العلمي والحوار الرصين وبين السباب والشتائم والسخرية والبذاءة في القول والفعل ... فالسخرية ليست من حرية التعبير ايها الغرب ... دعونا نقف جميعا لحماية انسانيتنا من هجوم الاوباش .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابراهيم
2012-09-18
لهذا يجب وكما طالب الكثير من أن يسن قانون في الأمم المتحدة يجرم مثل هذه الأعمال ويعاقب عليها لعد تكرارها أو الحد منها. وأحسنتم سيدنا العزيز على هذا المقال
ابراهيم
2012-09-18
أن الغربيين يدعون الحرية وأحترام المعتقدات والديانات للأخرين وقوانينهم تجرم من ينتهك هذه الأمور ومن يدعوا للعنصرية لكنهم بالحقيقة هم من ينتهك حقوق الأخرين ويتجاوزن على رموز باقي الديانات . عكس الدين الأسلامي الذي لا يقبل بمثل هذه الأمور لأنه يعتقد عندما تستهزء بالأخرين وتسبهم بأنهم سوف يردوا عليك بالمثل وهذه الردود سوف لن تنتهي لهذا قال الله سبحانة وتعالى في كتابة الكريم. ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم )
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك