المقالات

السلوك الانتاجي والسلوك الاستهلاكي


بقلم : نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي

اشتهر العراقيون تاريخياً بسلوكهم الخلاق.. فكانوا مبادرين ومنتجين، واستهلاكهم بقدر انتاجهم.. ولان ما ينتجونه بمعايير تلك الايام كان مرتفعاً.. لذلك كان استهلاكهم مرتفعاً ايضاً مقارنة بغيرهم.. لذلك لم تعرف بلاد ما بين النهرين المجاعات الكبرى، ولا الهجرات الواسعة للخارج ضنكاً للعيش.. فصارت مطمحاً لجماعات متلاحقة تأتيه لتستوطنه، فنمت تعدديته وصارت سمة له.

قبل الاسلام، قامت ارقى الحضارات.. واكتشف واخترع انساننا الكثير من الحقائق والمنتجات والنظم التي ساعدته وساعدت البشرية في شق طريقها.. ولتعقد الحياة وتطورها كانت بلاد الرافدين اول من نظم الشرائع واشهرها حمورابي، علماً انها لم تكن الاولى.. فلقد سبقتها بقرون شرائع وقوانين مثل ارنمو ولبت عشتار واشنونا.. وتطورت ارض السواد بعد الاسلام معتمدة ليس على ثرواتها الطبيعية فقط.. بل اساساً على تشريعاتها، وعلمائها، وعلومها، ومدارسها، وبيرماستاناتها (مستشفياتها)، وخراجها، واعمالها، وعمالها، ونظم ريها ومهنها وجباياتها، وتنظيماتها الادارية، وقدراتها وفنونها العسكرية، الخ.

اما في القرون والعقود الاخيرة فلقد تراجعت باستمرار السلوكيات الانتاجية والابداعية لمصلحة السلوكيات الاستهلاكية والاتكالية.. التي بدأت تتمدد من شريحة الى اخرى.. وشاعت الافكار البسيطة ووسائل الحصول على وسائل الاستهلاك بالطرق المشروعة او الاحتيالية، مستغلة تشوش وتداخل نظام الحقوق والدوافع، وسهولة اموال الدولة الريعية.. وانتقلت هذه الى تربية اجتماعية وللنشىء الجديد خصوصاً. فانتشر من يفكر انه يمكن ان يحصل على حقوق بدون واجبات ومسؤوليات.. وانه يجب ان يعطى الشهادة والنجاح حتى وان لم يجتهد.. او يحصل على بيت او ارض او مال حتى وان لم يسعَ او يعمل، مع كامل القدرة والاستطاعة. يقول امير المؤمنين عليه السلام الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك.. فعطل كثيرون الرزق الاول وصاروا ينتظرون الرزق الثاني فقط.. فتراجعت الجدية والعصامية ومفاهيم ان يشق الانسان طريقه في الحياة.. وان ينمي لذلك قدراته الذهنية والعملية.. وحل محلها الاتكال والكسل والتهرب من المسؤولية وتحميل الاخر اللوم، دون محاسبة النفس.. وهذا السلوك يزداد انتشاراً وفي كافة المجالات والمستويات.. ويطوق البقية الباقية الجادة والمنتجة، مهدداً اياها بالمزيد من التراجع.. فبدون علاجات جذرية، لم تتوفر بعد، فان العادات والقيم السيئة، تطرد الجيدة والصحيحة.. والنقود الرديئة، تطرد الجيدة.. ويطرد المرض، الصحة.. والجهل، العلم.. والاوساخ، النظافة.. والكسل والغش والفساد، العمل والامانة والاخلاص.. والكذب والنفاق، الصدق والحقيقة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
المهندسة بغداد
2012-07-20
كلام سليم وهو يمر ضمن مضيقان الاول الفرد ذاته وقد وضحتم والثاني الحكومة فحتى لو اخترق المواطن شعور الكسل وعدم تحمل المسولية تجبره الدولة على ذلك من خلال الوزارات الانتاجية مثل الزراعة والصناعة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك