المقالات

شراكة السُرّاق..!


تكمن مشكلة الشعب العراقي فيما نعتقد انه تخلص من نظام صدام الدموي دون ثورة أو انقلاب وإنما عن طريق جيوش التحالف بقيادة أمريكا. وبالتالي فان هنالك فجوة تقتل فرحة العراقيين لاسيما حين يرون بأم أعينهم ثورات شعبية تطيح بالحكام المستبدين في تونس ومصر واليمن ومستقبلا في البحرين وبشكل مشوه في سوريا والحبل على الجرار.

 إن مشكلة العراقيين هي أن فرحتهم بسقوط صدام ترتبط بذكرى الاحتلال الأمريكي، وهو الاحتلال الذي مارس فيه الأمريكان في العراق ممارسات جعلت العراقي محتار بين أن يشكرهم أو أن يبصق على وجوههم. بالتالي فأن العراقيين تنقصهم الثورة الحقيقية التي تزيح الظلم والطغيان. وإذا كان مفهوم الحكومات المستبدة أن يرأسها دوما طاغية واحد مستبد يشفط خيرات الشعب ويسومه العذاب، فان في العراق شراكة مستبدة من أحزاب وكتل وشخصيات سياسية، اتفقت على أن تشترك في شفط خيرات شعبها وفي أن تسومه العذاب. وبالتالي فان الطغاة عندنا هم رؤوس لجسد واحد، هو جسد الاستبداد.. فالعراقي قد رأى بأم عينه بلع ثرواته على يد كارتلات حزبية متنوعة الأزياء من الشروال الى العباءة إلى ربطة العنق!.. بل ولَمَسَ لمْسَ اليد الأنياب التي تنهش من دمه باسم الشروال والعباءة وربطة العنق.

 إن كل الفرق بيننا وبين شعوب العالم هو أن شعوب العالم يسهل عليها أن تحدد هدفها بإسقاط طاغية بالاسم ، بينما لا يستطيع العراقي سوى أن يثور ضد الجميع، ويطرد كل الوجوه الكالحة التي أشبعته كذبا وزيفا، وأذلته بسوء الغذاء والماء والكهرباء والخدمات، واستنزفت أبناءه وآماله في صراعاتها التافهة، تلك التي لا تزيد عن كونها صراعات "الحرامية" حين يختلفون على قسمة ما سرقوه.!

 نحن بحاجة إلى ثورة ضد الظلمة القتلة السراق المتاجرين بدمنا، بائعي العراق ومفتتيه وشافطي خيراته، ثورة ضد الكتل والأحزاب المزيفة والمؤسسات المزيفة والجيوش المزيفة والوزارات والكيانات المزيفة... فكل ما حولنا لا تعدوا أن تكون واجهات لشركات ومافيات ودكاكين لمخابرات دول الجوار. ان ما جاءتنا اثر سقوط صدام لا تعدوا أن تكون موجة من الجراد المدمّر الذي يهلك الخيرات ولا يبقي ولا يذر... وان ما يحصل هو استمرار لمعركة (الحواسم)، ولعل من يتذكر منظر السراق الذين استولوا على البنوك وأراضي الدولة ومخازنها وحملوها بمنظر مخز على رؤوس الأشهاد، يستطيع ان يعيد رسم المشهد بإدخال الماكياج والمونتاج وبإخراج جديد، ليرى انه ذات المشهد، ولكنه هذه المرة يتم بتكنيك وبرستيج عال، وشراكة واستيزار ومناصب وحصص يتم فيها اقتسام كل شيء من نفطنا إلى دمائنا.. بل إن الأحداث قد أثبتت أن الحركات الإرهابية ذاتها، أصبحت قفازات بيد هذا السياسي وذاك، يرهب به الآخرين ويستقوي به، وإذا لم يعطه حصته كاملة من الشراكة، فلا بأس بتفجير أو تفجيرين في سوق شعبي، لينبه شريكه انه موجود ولابد أن يأخذ حصته غير منقوصة!

 دعوة خالصة للعراقيين جميعا أن يساهموا بأصواتهم وبآلياتهم الديمقراطية المكفولة دستوريا، في تغيير هذا الواقع المدمر الذي ينهش في جسد شعبنا ووطنا وخيرات أجيالنا، فالسكوت أصبح علامة الرضا لدى الظلمة، والانكى منه أن يستغل هؤلاء الظلمة بسطاء شعبنا في مظاهرات تهتف لفلان ضد علان، وهي لا تدري أن كليهما سُرّاق مع سبق الإصرار والترصد، وكل ما في الأمر أن البعض منهم، يرى ان اقتسام الغنيمة كان خلاف العدل، وأنها قسمة ضيزى!!!!

38/5/626

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك