المقالات

لقد فرعونك يا مالكي......

900 08:55:00 2012-06-02

 

هناك قصيدة للشاعر الكبير احمد شوقي يتحدث فيها عن حمار وبعير قررا الافلات من رق صاحبهما ويتنشقا نسمات الحرية وبعد ان نجحا في ذلك وواصلا المسير لبرهة من الوقت اذ بالحمار يلتفت للجمل ويقول له ان مشيه كله عقيم لأنه قد نسي مقوده عند صاحبه ويجب عليه الرجوع مرة اخرى واخذ المقود ليستطيع ان يكمل السير ... فما كان من الجمل الا ان رد عليه وقال .. (سر والزم اخاك الوتدا فإنما خلقت كي تقيدا)

هذه الابيات تذكرني بشريحة ممن ابتلى العراق بهم من كتاب السلاطين ومثقفيهم.... ففي الوقت الذي تثور فيه الشعوب العربية على دكتاتورياتها وتضحي بالكثير والكثير من دماء ابنائها في سبيل هذا الهدف النبيل تتراجع عقارب الساعة في العراق الى الوراء وتتراجع ايضا القيم الانسانية لهذا الشعب العظيم من قبل ثلة من عبدة السلاطين ليحاولوا تدشين دكتاتورية جديدة بعد ان تخلصنا من دكتاتورية البعث

ففي هذه الايام نشهد في العراق صراعا سياسيا بين الاحزاب المتنافسة في العراق متمثلة في التحالف الكردستاني والعراقية والتيار الصدري من جهة يقابله ائتلاف دولة القانون وبعض التيارات المنضوية تحت مظلة التحالف الوطني , وهناك بموازاتها حرب اعلامية شرسة بين انصار كلا الفريقين يصل لحد التراشق بكلمات لم يعهد الاعلام السياسي مثيلا لها في العراق . ورغم السلبيات الانية للصراعين بنوعيه فانه وفي المنظور البعيد لهذا التجاذب السياسي الاعلامي نستطيع القول بانه حالة صحية اذا لم تتعدى الحدود الحالية والتي نستطيع ان نقول عنها انها مقبولة بشرط ان لا تصل لسفك الدم العراقي الذي يجب ان يكون هو الخط الاحمر الذي نقف عنده وتنحني امامه جميع النظريات السياسية والمصالح الفئوية .

ان التحول لمجتمع ديمقراطي لا يعني باي حال من الاحوال ان تكون الامور بمنأى عن الصراعات سياسية والخلافات السياسية كالتي نشهدها الان على الساحة ولا ينبغي ان تكون كذلك , فالديمقراطية تتطلب مجتمعا سياسيا ديناميكيا بعيدا عن الركود في الحراك السياسي , ويتحتم علينا كعراقيين ان نعي هذه النقطة ونفهمها ونتعامل مع الواقع الذي نمر به على هذا الاساس ( واؤكد مرة اخرى بشرط ان لا يتعدى الحدود الحالية) . فما نعيشه في العراق الان يعني وبشكل جلي ان العراقيين اصبحوا على مشارف بناء مجتمع يستوعب افكارا شتى وتوجهات سياسية شتى والصراع بين هذه الافكار يعني ان المجتمع لم يعد مجتمع الفكر الواحد ولم يعد العراقيون ( فوتوكوبي ) من بعضهم البعض كما كانوا في وقت صدام حسين عندما كان يدعي بان (كل العراقيين بعثيون وان لم ينتموا ) والذي كان يعتبر اهانه للكرامة الانسانية للفرد العراقي واستهتارا بقدراته السياسية والفكرية وفعلا استطاع البعث تنشئة اجيال يؤمنون بالفكر الواحد والقائد الواحد والطريق الواحد .

ما ذكرناه لا يعتبر تنزيها للوضع الذي نعيشه الان بقدر ما هو تحذير من الرجوع للوضع الذي كنا عليه في وقت صدام حسين وكما يحاول البعض جاهدا الرجوع اليه من كتاب السلاطين ومفكريهم ومن الذين استطاع البعث ان يغرس في عقولهم مبدا العبودية للفرد حتى وان كانوا من المعارضين لنظام صدام حسين. ولا نتصور ان العراقيين وبعد الماسي الكثيرة التي تحملوها من اجل التخلص من نظام البعث واستعانتهم بجيوش دولة غازية في سبيل كسر طوق العبودية التي كان البعث يطوقهم به يرضون بان تخيم عليهم دكتاتورية جديدة و يظلهم ( صديم جديد) بظله ليرشفوا من فكر قائد الضرورة مرة اخرى وينهلوا من عظيم طروحاته منيرا لهم الطريق في بناء العراق الجديد الذي هو يريده لا الشعب .

الدفاع عن أي سياسي يكون على اساس ما يقدمه للشعب من منجزات سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وليس على ما يعطيه من وعود كاذبة للشعب وبدون الايفاء باي من هذه الوعود , والمضحك في اعلام المالكي وسياسته انه وبالرغم من فشل الرجل في كل شيء (حتى في رفع القمامة عن شوارع العاصمة بغداد )فقد تعود على ممارسة لعبة بالية سياسيا وهو استجداء عطف الشارع العراقي بتصويره لنفسه بانه ضحية المشاركين له في العملية السياسية وهم وراء كل الاخفاقات التي رافقت عمر ولايتيه الاولى والثانية ولكن عند اكتشاف منجزة صغيرة واحدة في حكمه فنرى اعلامه الهزيل ينسى شركائه في العملية السياسية وينسب هذه المنجزة له ولا احد غيره .

لقد وقف المالكي عندما كان في منصب رئاسة الوزراء ضد توجهات بعض المدن السنية في تشكيل اقاليم بحجة انها ضد المصالح الوطنية للعراق وبمجرد ان اصبح عرش المالكي يهتز تحت ارجله لاحظنا كيف ان كل المدن في الجنوب والوسط والتي تسيطر على مجالس المحافظات فيها كتلة المالكي نراها كيف انها تهدد وتوعد بانها سوف تلجا للمطالبة تحويلها الى اقاليم لمجرد ان المالكي اصبحت ايامه معدودة في الحكم , ونستطيع هنا ان نعرف ما هو تعريف الوطنية عند المالكي و رهطه والذي لا يخرج من كونه مرتبطا بمصالحهم الحزبية ومنافعهم و يوازي بقائهم في السلطة فقط , والا فما الرابط بين التوجه للأقاليم وبين بقاء او عدم بقاء المالكي في منصبه؟

في هذا الوقت الذي نرى ان جهود جميع الاحزاب او اغلبها تصب في الوقوف ضد توجهات المالكي الدكتاتورية نرى ان هذه الاقلام المأجورة وقنوات الاعلام تحاول جاهدة اظهار المالكي وكانه الامل الموعود للامة والقائد الضرورة كما كان ازلام صدام حسين يصورون للعراقيين تماما , المشهد هو هو... ثلة من القرقوزات تهتف لصدام حسين وثلة منها الان تهتف للمالكي .. هذا يلقي الشعر في عيون قائد الضرورة صدام حسين وفي هيبته وفي وقاره ومشيته وضحكته وكبريائه واخر يلقي لنا الاشعار في صلعة المالكي وعيونه الناعسة ونظرته الذابلة ... المشهد هو هو لا يتغير الا بالمعبود , فما هذا الوطن الذي يعيش برجل واحد ويختزل برجل واحد ويتنفس برئة رجل واحد . الا يعرف هؤلاء ان وطنا بهذه المواصفات لا يستحق ان يكون وطنا وان شعبا لا ينجب سوى شخص واحد لا يستحق مننا الاحترام

8/5/602

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك