المقالات

العارف الفريد


السيد حسين السيد محمد هادي الصدر

قرأنا في بعض كتب الادب ، قول الشاعر العربي في مَنْ يتعاطى كلَّ الشؤون قوله :يتعاطى كلَّ شيء وهو لا يُحسنُ شيّافهو لايزداد رُشْداً انمــــــا يزدادُ غيّاوللوهله الأولى قد يستغرب الانسانُ وجود مثل هذا المتعاطي ، كما يستغرب منه ادعاءاته العريضه ..!!لماذا الاستغراب ؟المعروف عند العلماء ، ان الانسان كلما ازداد علماً ، ازداد احساساً بأنَّه لايملك من العلوم الاّ الأقلّ ،ولذلك حين سئل أحد العلماء عن مسألة معينه أجاب :لا أعلم فقيل له :كيف لاتعلم ؟قال :ان العالم بكل الأمور هو الله سبحانه فقط ومن هنا قيل :{ العلم تعطيه كُلَّكَ ، ولا يُعطيك الاّ بعضه }ولا يدعي القدرة على التعاطي بكل الشؤون ،الا المغرورون من الجهّال ، الذين يُخيّلُ اليهم أنَّ أسرار العلم والعالم بيدهم ، أيّاً كان الأمر في الجوانب العسكريه ، أو السياسيه ، أو الاقتصاديه ، أو الاجتماعيه ، أو الصحيه ، أو الثقافيه ، أو الأدبيه ، أو الماليه أو الفنيه ...!!!كتب أحدهم عن (ساركوزي) الرئيس الفرنسي الذي لم ينتخبه شعبه مرة ثانيه يقول :(لم يكن راضياً ان يكون رئيساً للجمهوريةأراد ان يكون رئيساً ورئيس وزراءووزيراًوصحافياًوصديقاً لأصحاب النفوذ .....أراد وأدعى أنَّ لديه رأياً في كل شيء .... )وقد رأينا الطغاة عبر التاريخ يتمنطقون بهذا المنطق البائس ومَنْ منّا يُنكر ما كانت تنطق به وسائل الاعلام - مكتوبه ومسموعة ومرئيه - من مناقب (القائد الضرورة ) وصفاته الحسنى ؟!!لم يكن القادة العسكريون يجرأون على ابداء آرائهم العسكريه أمامه ، ورغم أنه لم يؤد الخدمة الالزاميه في الجيش ، كان يتدخل في أدّق الأمور العسكريه .انه ضرب من الجنون ، والجنون كما يقال فنون ..!!اننا اليوم لا نشهد في عالم الطب مثلا ،من يدّعي أنه يستطيع علاج الأمراض الباطنيه ببراعة ، كما يعالج الأمراض الجلديه وأمراض العظام

والفم والحنجرة ..!!انه في أحسن الفروض مختصٌ بأمراض (شبكية العين) لا بأمراض العين كلها ، فضلاً عن أمراض البدن كله ...انّ عصرنا - ونحن في الألفيه الثالثه - هو عصرُ التخصص، وليس الادعاءات الجوفاء التي تدعى القدرة على التعاطي بكل الشؤون وان أول السلبيات المترتبه على الادعاءات الكاذبه في القدرة على التعاطي بكل الأمور هي الاستبداد بالرأي ، وتجميد مبدأ الاستشاره ، وإلغاء مبدأ الرجوع الى أهل الخبرة ، ومع هذه النزعة الخاطئه لانقترب الاّ من الهاويه ،بدل ان نحرز ألواناً من النجاحات والانجازات .أنّ مرجعاً دينياً كبيراً ، كان يستشير (خادماً) عنده ، في الامور المتعلقه بأبناء القطر الذي كان الخادم منتمياً اليه ، لأنه الأعرف بخصائصهم ، وطرائقهم وعاداتهم .لم يجد في ذلك غضاضة ولا حزازة وهذا هو الصحيح واليوم قلّ أنْ تجد مسؤولاً رفيعاً عندنا ، يلجأ الى استشارة العلماء والخبراء ، -وإنْ كان يتحاشى الادعاءات العريضة بالقدرة على التعاطي مع كل الاشياء - مع أنه لو فعل ذلك ، لأفاد من علم كثير ، وخبرة مهمه ،وتجربه نافعة ، ولا أنعكس ذلك ايجابياً على الوطن والمواطنين ، والمصالح العليا للعراق .ولاينبغي لأحد أنْ تأخذه العزةُ بالإثم ، وان يجترح العجائب انطلاقاً من ايمانه بقدراته الفريدة في كل مجالات الحياة ، واننا ندعو الى الالتزام بما تقتضيه الأصول والمواضعات الحضارية والعلميه ، والاسس الكفيلة ببلوغ الأهداف الكبرى ، في حياة حرّة كريمة ، مبنية على أساس من أحترام الانسان العراقي ، وتأمين حقوقه وحرياته ، وضمان سلامته

وكرامته واشباع حاجاته .أنها اذن دعوة لمراجعة شاملة لكل الاستراتيجيات المتبناة على عجل ، والبعيدة عن مرافئ العقلانيه والموضوعيه .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك