المقالات

حسن العلوي يدشن أسواقا جديدة !


( بقلم : علاء الزيدي )

كلنا يتذكر بالتأكيد دروس الإنشاء في المرحلة المتوسطة ، وكيف كنا نتبارى في الإتيان بعبارات بلاغية جديدة بين سطر وآخر ، ولايهم أن يكون بعضنا قد اقتبسها أو لأقل سرقها من كتاب ٍ ما . وكلنا يتذكر أيضا ً أن ّ من أصبحوا في المراحل اللاحقة من حياتهم كتـّابا ً كانوا يساعدون زملاءهم في دروس الإنشاء ، في تلك المراحل المبكرة من الدراسة . أي يكتبون " إنشاءهم " بالنيابة عنهم ، لكي يتحصـّل غير الموهوبين في الكتابة على درجات مناسبة تجنـّبهم الرسوب .

وبحد ّ ذاتها ، ليست الكتابة الإنشائية عيبا ً . فهي أدب قبل كل شيء ، وهي اقتفاء لخطوات أعلام مرموقين في هذا المجال على الصعيد العربي ، مثل مصطفى لطفي المنفلوطي وجبران خليل جبران وآخرين قد لايكون استحضار أسمائهم إلى الذاكرة هيـّنا ً . ولكن ّ هذا الصنف من الكتابة لايتلاءم مع البحث العلمي وأسلوبه المتميـّز بجفافه وحتميـّاته وإيجازه . فالكتابة الإنشائية أدب جميل يحلـّق في فضاءات التخيـّل والاستعارات والافتراضات ، أما الكتابة البحثية العلمية فليست لها صلة قرابة مع الخيال والتمنـّي والتوهّم الحالم الجميل .ولعل ّ الكتابة الإنشائية إحدى سمات الأدباء وكذلك الكتـّاب الصحفيين ، رغم أن هؤلاء الأخيرين يطعـّمون كتاباتهم بأرقام ووقائع أكثر مما يفعل الأدباء المعنيـّون في العادة بإشباع الحاجة التخيـّلية للقارىء أكثر من رغبته في التوصل إلى معرفة الحقيقة .

وقد تميـّز عدد من أعلام الصحافة العرب بالكتابة الإنشائية الجذابة ، وأبرزهم في رأيي الصحافي اللبناني وصاحب جريدة " النهار " النائب غسان تويني ، فضلا ً عن مواطنه رئيس تحرير جريدة " السفير " السابق طلال سلمان ، فضلا ً عن الصحافي والسياسي والكاتب العراقي حسن العلوي . أما أسلوب الصحافي المصري الشهير محمد حسنين هيكل فمختلف . إذ أن هيكل يكتب على طريقة الصحافيين الأجانب . فلابلاغة ولاتزويق ولاهم يحزنون ، وإنـّما جزميـّات وقطعيـّات متلاحقة بعضها يأخذ برقاب بعض ، رغم تنوّع منشئها بين الذات والموضوع ، أو الخيال والحقيقة ! وإذا سئلت عن موقع الصحافي المصري عادل حمـّودة من إعراب هذه الجمل الكثيرة ، قلت إنني أقرؤه كمن يلتهم قطعة من الشوكولاته . فمنهجه في الكتابة واضح وطريقته شيـّقة . وهو لاينشىء العبارات بل يرسمها ويلوّنها .

هذه المقدمة الطويلة تقودني إلى متن وخاتمة موجزتين :هل تصلح الكتابة الإنشائية لاستعراض وقائع التاريخ واستخلاص حقائقه ؟للقارىء الحصيف أترك الإجابة ، لكن " إنشاءات " السيد حسن العلوي – التي دأبت على متابعتها كقارىء ومهني ٍّ منذ سبعينات القرن المنصرم – تلخـّص التنويعات العديدة على مقاماته السياسية والفكرية والمهنية ، لكنها ، مع ذلك ، تبقى موحدة الشكل والقافية ، لايؤثر فيها تقدم العمر ولاتقادم السنين .فهو إن انهمك اليوم ، كما يكرر هو نفسه في لقاءات دعائية على شاشات فضائيات عراقية وعربية ، في التنظير لنوع العلاقة بين الخليفتين الراشدين الإمام علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب ؛ هذه العلاقة التي أسماها " ثنائية المشاركة " لكنه يكرر في هذا النشاط الجديد ، ذات الهدفية المهنية التي عرفناها لديه ، منذ ذلك اليوم الذي شبـّه فيه الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر برسول الله ( ص ) في مقال افتتاحي بمجلة " ألف باء " التي كان يرئس تحريرها ، أبـّن فيه محمد أحمد حسن البكر ، الذي قتل إثر حادث سيارة مدبـّر من قبل صدام الذي كان نائبا ً للرئيس حينذاك .

فهدفيـّة العلوي المهنية تتطلـّع نحو الرقي ّ والتنامي وغزو الأسواق الجديدة ، حسب كل مرحلة وعهد ، وهي خصلة من خصال الصحفيين المثابرين والرابحين والناجحين في العالم المعاصر . فالصحفي الناجح لايجلس في بيته مثل الكثيرين الذين أعرف بضعة أشخاص منهم على الأقل ، معتمدا ً على إعانات المحسنين ، بينما الآفاق مفتوحة أمامه لتنمية مصادر دخله المعرفي ، كما العادي ّ . وقد لاحظت أن الصحف واسعة الإنتشار في بريطانيا مثلا ً ، تنمـّي مصادر دخلها عبر " عروض خاصة " تبيع فيها مختلف الأشياء ، من ثقافية وغير ثقافية ، من أجهزة الراديو والحاسبات الآلية الكفيـّة إلى مستحضرات التجميل وأحمر الشفاه . ولـِم لا ؟ إنه عصر اقتصاد السوق وحريـّة الإقتصاد .

إنـّما ؛ هل أهضم بسهولة إمكانية إعادة رسم التاريخ حسب هوانا وتمنيـّاتنا ومصالحنا التجارية ؟ كلـّنا يتمنـّى ويأمل أن يكون القادة التاريخيون على غير ماكانوا عليه ، لصالح الهالة الإيجابية التي يعاد تشكيلها ، لكن هل ذلك ممكن حقـّا ً ؟

مثالا ً ، إنني ، أحب ّ بالفعل ، الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر . حبوت ودرجت وشببت عن الطوق مع انتصاراته وانكساراته ، وأتمنـّى من كل ّ قلبي ، أن لايكون القمع الذي شهده عهده ، من صنع فكره ويده ، فهل سيغيـّر التاريخ طبيعته ووجهه إكراما ً لنرجسية عيني َّ ؟ أتمنـّى ، شرط أن تفتح لي أمنياتي فتحا ً اقتصاديا مبينا !تنويه هام كما ذكرت قبل عام ونصف ، فإن هناك شخصا ً آخر يوقـّع مقالاته باسم مشابه لاسمي حرفيـّا ً ، لكن مواقفه هي على النقيض من مواقفي ، وأسلوبه في الكتابة مختلف عن أسلوبي تماما ً ، لجهة الرداءة والضحالة . والمذكور ، إلى ذلك ، لاصورة منشورة له ، ولابريد ألكترونيـا ً معروفا ً ، وهو يكتب ، فحسب ، في المواقع المؤيدة لحزب البعث العراقي المحظور . لذا أعيد التنويه بأن " علاء الزيدي " المؤيد لحزب البعث ، هو قطعا ً ليس أنا . فأنا معاد ٍ للبعث والبعث معاد ٍ لي على امتداد الزمان والمكان . وأنا أحد ضحاياه منذ 5/11/1980 حينما غادرت العراق ولم أعد إليه أبدا ً . وإذا كان " علاء الزيدي " البعثي حزينا ً على رئيسه المعدوم ، فيهمـّني التأكيد على أنني فرحت فرحا ً طاغيا ً ولاحدود له ، بإعدام قاتل أهلي وشعبي وقاضم أجمل سني ّ عمري . ويوم القصاص منه ، بحثت دون جدوى عن أي قميص مزركش أعيـّد فيه ، فلم أجد إلا قميصا ً أبيض ناصعا ً ارتديته على الفور ، وخرجت جذ ِلا ً يوم العيد(ي) بملبسي الجديد(ي) أتمازح مع الأطفال والفراشات والطيور والقطط وحتى الكلاب البريئة ! لكل ذلك ، اقتضى التنويه ، لكل ّ الذوات والشخصيات التي ينال منها المذكور بكتاباته المغرقة في ابتذالها وسطحيـّتها .عيون الكلام : الإمام عليّ بن أبي طالب : لاخير في الصمت عن الحكمة كما أنه لاخير بالقول في الجهل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك