المقالات

اغتيال عزالدين سليم ... اغتيال للاعتدال في زمن التعصب


بقلم: عبدالله العبادي

في كل عام يحل علينا السابع عشرمن أيار لنستذكر هول فاجعة كانت كالصاعقة على مسامعنا ففي العام 2004 ادمت قلوبنا حادثة اغتيال الرئيس عزالدين سليم الرئيس الدوري لمجلس الحكم العراقي في حادث إجرامي تبناه علنا حثالة من حاملي الفكر الهدام للفكر الإسلامي المتطرف, واليوم إذ نحتفي بشهيد الوطن في ذكراه الثامنة لايمكن للكلمات أن تفي بحق هذا الإنسان الذي عرفناه متدينا ملتزما مبدئيا تحمل عناء الغربة في الوطن وخارجه ليبقى محتفظا بعهدا قطعه على نفسه أن لا يركن لظالم أبدا ما بقي حيا والذي لم يلتقي الشهيد أبى ياسين لايمكن أن يرسم له صورة واضحة لفكره السياسي المعتدل وبعد نظره لتصور الأحداث فقد حمل هم السياسة مبكرا ليخط لنفسه دربا ليس مفروشا بالورد لم يحمله على هذا إلا إيمانه العميق بحجم الكارثة التي ستحل بالعراق بعد انقلاب تموز عام 1968فاعلن امتناعه أن يسير في درب الشيطان فلم يُمَهل طويلا حتى بدأت مضايقات السلطة الغاشمة من كل جه وشهدنا في سبعينيات القرن الماضي ولم نبلغ من العمر إلا سنوات قليلة الندوات والدروس والمحاضرات الثقافية الدينية والأخلاقية في مسجد الهوير( القرية التي ولد فيها الشهيد عام1943) هذه المحاضرات كان يلقيها مجموعة من الشباب المثقف المتدين في مكتبة الإمام الحكيم العامة في المسجد آنذاك وأتذكر منهم الشهيد رحمه الله طارق الشيخ عبدالكريم فرج الله الذي أعدمه النظام وكان للشهيد أبى ياسين الدور الأكبر للإعداد لتلك المحاضرات والندوات بعد أن كان حزب البعث قد بث فكره مرغما الشباب على الانضمام لصفوفه غادر الشهيد قريته متوجها إلى البصرة ومن ثم إلى الكويت عام 1974 بعد أن نال قسطا من الاعتقال والتعذيب لم يكن الشهيد متطرفا أو متعصبا لمذهبة إلا انه مّثل حلقة الاعتدال في الفكر الإسلامي كان قلمه متمكنا متميزا قويا تناول في شتى أنواع العلوم الاجتماعية والتاريخية والإنسانية كانت مؤلفاته حتى استشهاده العشرات من الكتب بين مخطوط ومطبوع وبحث , لتكون الغربة الطويلة ملاذا للإبداع والتميز ولم يغادر يوما عراقيته أو بصريته المعهودة رغم ظروف الغربة القاسية كان كريما يخدم ضيوفه بنفسه وكان سعيدا بذلك عرف عنه كرمه وزهده وتسامحه حتى على من أساء إليه وصفه احدهم (اسألوا أي واحد من العراقيين بصريا كان أم لا ممن عرفه وتشرف بمعرفته فلم يعشقه ولم ينم في منزله المتواضع الذي كنا نطلق عليه فندق أبي ياسين أو لم يأكل على مائدته في سرداب بيته المتواضع في طهران) عاد ابى ياسين من غربتة التي استمرت 28 عاماً يوم السابع عشر من أيار 2003 ولم يمكث بيننا إلا سنة واحدة كانت لنا منهلاً فكرياً فكان اللقاء يتجدد كل يوم وفي كل الأوقات فكان رحمه الله أن نفارقه يوما يدعونا لزيارته حتى كانت مشاركته في مجلس الحكم فلم تشغله عن أحبائه زحمة العمل في مرحلة حساسة كما وصفها كنا نذهب إليه في سكنه في بغداد فيسر بلقاءنا ونقرأ بين عينيه حلم قيام (دولة الإنسان) التي سعى لها وجسد لها هامشا كبيرا من فكره السياسي وكنا بين يديه نتعلم منه كل يوما درسا ومعلومة ونسمع طرفة من طرفه التي عرف بها ونسأله متى العودة إلى البصرة فيبادر بالقول إنني سأعود بعد انتهاء فترة مجلس الحكم ولن أغادر البصرة لان البصرة بحاجة لنا نعم ابا ياسين البصرة اليوم والعراق بحاجة لك اشد الحاجة لكن شاء الله ان يختارك الى جواره متكرما بوسام الشهادة التي تمنيتها فكان اختيار الله لك شهيدا سعيداً فحمله ابناء البصرة على الأكتاف من بغداد إلى بصرته التي أحبها فكتب اسمه في عليين مع الشهداء والصالحين الذين نهى الله أن نحسبهم أمواتا بل إحياء يرزقون. رحم الله الشهيد شهيد العراق ورحم الله رفاق دربه الذين أحبوه ونالو الكرامة معه.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك