المقالات

مفارقات مع المتسولين

910 21:17:00 2012-05-04

ظاهرة ليست بالجديدة بان يستوقفك احدهم مطالبا بمبلغ من المال وقد مد يديه ولسانه في ترديد عبارات متشابهة ومعروفة لنا جميعا وغالبا ما يكون متسخا وتكون ثيابه المتسخة سببا في بذل فئة من الناس كي لا يمسهم .

خلال فترة متقاربة قابلت ثلاثة منهم بشكل جديد من نوعه فهؤلاء الثلاثة تختلف صفاتهم عن الاخرين من حيث النظافة ومن حيث كونهم متحركين وليسوا ثوابت باناء معدني وعوق ظاهر ! والثلاثة قابلتهم وانا اسير في الشارع قاصدة مكان ما وفي ازمنة متختلفة ولكن متقاربة .

الاولى في سن الخمسينات وجدتها في احد الطرقات مفزوعة وكأنها تبحث عن احد وتستغيث وعندما شاهدتني سردت لي قصة محبوكة فانا لست من المريخ والتقيت بمتسولين من قبل ولكني صدقتها فالقد انهارت تماما وامام انهيارها فتحت حقيبتي وافرغت ما فيها فقط حتى لا يحصل لها شيء واخبرتني بان المبلغ لا يكفي وهنا شعرت بأنها غير صادقة فالمحتاج لا يمكن ان يكون صلفا خاصة ولقد اعطيتها مافي الحقيبة فاخبرتها ليس لي (كروة يا خالة ) وصرت انا المستجدية فقالت اذهبي انتو شباب سرت الى مقصدي متأملة في الحدث فما يكون الاولى ان اكسر قلب انسان يطلب مال الله الذي أأتمن جزءا منه لدي ام ان اعطيه ما اتعب في الحصول عليه من عمل مضني وان ارجع ماشية باعا طويلا ؟

وفي المرة الثانية قررت ان اخرج ماشية وحقيقة كان في نيتي الاقتصاد وتوفير مبلغ التكسي فاستوقفني شاب مرتب جدا وملتحي ويظهر عليه الادب وهو مطرق بنظره الى الارض وحسبته تائها في المنطقة ولكن ما ان رتب جمله المبعثرة ادركت انه يطلب مبلغا محددا يمثل اغلب اليومية التي احصل عليها من عملي واثناء ما كان يتكلم اردته فقط ان يسكت فانا من خجلت منه ومن شبابه كيف وصل الى هذا الحال ادرت بوجهي عنه لابحث في الحقيبة واعطيته وذهب وانا ارقبه وبين الاحساس بأني اقدمت على فعل الخير وبين اني (نصبة) من الطراز الاول فمهما يكن من ظرف كيف هان عليه ان يوقف أمراة ويستجدي منها .

والحالة الثالثة كنت متوجهة الى مكان سيرا على الاقدام فشاهدت من بعيد عائلة بين ان تكون باكستانية او هندية وما ان اقتربوا مني حتى سألوا ان كنت اتكلم الانكليزية وقد ظننت انهم ضيعوا مكان الفندق او ما شابه غير ان الرجل صدمني حين طلب النقود فعلى حد ادعائة انه سُرق !! اعطيته وما ان خطى خطوة حتى شعرت باني مغفلة وبالانكليزي !!!

الظاهرة سلبية وهذا امر حتمي ولكن كيف نتعامل معها اجد القران صريح وعمل اهل البيت واضح فهم لم يردوا احدا ولم يحققوا مع أحد بل كانوا يعطون ما عندهم .

حينما يسأل السائل اشعر ان الله يحبني حين قدر ان التقي المحتاج وفي لحظة الاعطاء اشعر اني سابكي من الفرح لفرحته بالعطاء وما ان يذهب حتى تساورني الشكوك في امره وكأن الشيطان ابى الا ان ينغص علي فرحتي وياريت ان الامر يقف عند نقطة احساسي باني مغفلة بل يذهب الى حيث انني ادمر المجتمع !! فلو زجرته لاضطر للعمل او انه ربما سيشتري مخدرات وغيرها بينما ربما الزجر يؤدي به الى السرقة والقتل وبعطائنا انا وانت ممكن ان ننجيه !!.

احيانا اشعر ان البحث عن التفاصيل والجزئيات تجعلنا كقوم موسى اثناء اختيارهم البقرة فلو اختاروا اول مرة لما صعبوا عليهم المسألة ويُروى ان رسول الله ص كان قد اعطى لمجموعة من الصحابة نفس المقدار من المال في المسجد وامرهم ان يتصدقوا بها ومرت ايام اجتمع فيها ذات الصحابة وبضمنهم علي عليه السلام وفي ساعة الظهيرة وعند صخرة حارة امرهم الرسول ص ان يصعد كل واحد ويروي كيف صرف المال وصعد الصحابة واخذوا بسرد ما عملوا وكيف ان منهم قسم المال والبعض فكر قبل التصرف وغيرها وهو يرفع قدم وينزل اخرى من حر الحصى وما ان صعد علي عليه السلام حتى قال جملة واحدة اعطيتها حال خروجي من المسجد لاول سائل !!! ونزل سريعا . ان الامر يستحق التأمل !!.

وحقيقة في كل مرة التقي بهم اتذكر فعل امير المؤمنين والحمد لله اعمل به ولكن البون شاسع فانا اكيدة ان الامير حين يضع العطية بيد السائل ويخطو خطوة لايفكر بالامر اما انا فأظل افكر رغم ان الامر محسوم في خيارين الاول لن اقدر عليه وهو ردهم والثاني ان اعطي فاما ان اكون محسنة او ان يكونوا ظلموني بكذبهم علي فذنبي في رقبتهم ولكن اه من انفسنا الشحيحة.

المسألة الصعبة ان تكون من الذين ينهكهم العمل مقابل ان لايذلوا انفسهم ولايحتاجوا احد وفي نفس الوقت يلتقون بمن هان عليهم ذل انفسهم رغم كونهم متكاملين وبصحة واحيانا تتيقن من انهم يكذبون ..... هون النفس واستسهال المال الجاهز وعدم الرغبة في العمل سيكون موضوعنا للمقالة القادمة نأمل التواصل .

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا

اختكم بغداد

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك